تقع منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم في شمال غربي الصين وقلب قارة أوراسيا، وتمتلك الموارد الطبيعية والحيوانية الوافرة، وتكون أكبر مقاطعة للصين من حيث المساحة البرية، إذ إنها تشكل سُدس مساحة الصين البرية، ويقطن فيها نحو 25 مليون نسمة. كانت شينجيانغ من الأراضي الصينية منذ القدم، وسُــميت «شييوي» أي «الأرض الغربية» في الماضي، ولها تواصل وثيق مع المناطق الشرقية والوسطى للصين منذ أكثر من 2200 عام. رغم أن شينجيانغ شهدت قيام بعض الممالك والخانات في تاريخها، غير أنها مجرد أنظمة محلية داخل الأراضي الصينية، ولم تكن يوماً دولاً مستقلة. كما تتقدم شينجيانغ المناطق الذاتية الحكم الأخرى في الصين من حيث التنوع القومي، إذ تعيش فيها بالوئام والتناغم قوميات ويغور وكازاخ ومنغوليا وهوي وغيرها.
في نهاية القرن الـ19 ومطلع القرن الـ20، دعا بعض الانفصاليين والمتطرفين الدينيين خارج الصين، متأثرين بفكر الوحدة التركية، إلى إقامة ما يسمى دولة «تركستان الشرقية» في منطقة شينجيانغ، ولوّحوا بـ«معارضة جميع القوميات غير القومية التركية، والقضاء على «الكفار».
منذ التسعينيات للقرن الـ20، وخاصة بعد أحداث 11 أيلول، عززت التنظيمات الإرهابية داخل وخارج شينجيانغ، مثل الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية، الاتصال فيما بينها، متأثرة بتغير الوضع الدولي والانتشار العالمي للإرهاب والتطرف، ولوّحت بإقامة دولة «تركستان الشرقية» عن طريق الجهاد. كانت هذه التنظيمات الإرهابية لا تدخر جهداً لنشر الأفكار الدينية المتطرفة وتحريض التعسف الديني وتضليل أبناء الشعب المحليين وتنفيذ أعمال العنف الإرهابية.
في الفترة بين عامي 1990و2016، نفدت آلاف أعمال العنف الإرهابية في شينجيانغ وأسفرت عن سقوط آلاف المدنيين الأبرياء في صفوف القتلى والجرحى، الأمر الذي يشكل انتهاكاً خطيراً لسلامة أبناء الشعب من مختلف القوميات وممتلكاتهم وحرية المعتقدات الدينية وغيرها من حقوق الإنسان الأساسية.
منذ عام 2013، قامت «الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية»، بدعم بعض دول المنطقة، بإرسال آلاف من الإرهابيين إلى محافظة إدلب السورية، للتواطؤ مع «هيئة تحرير الشام» وغيره من التنظيمات الإرهابية، في سبيل تخريب سلامة الأراضي السورية وسيادتها وأمنها، ما زاد معاناة الشعب السوري.
في السنوات الأخيرة، نجحت إجراءات مكافحة الإرهاب ونزع التطرف التي تتخذها حكومة منطقة شينجيانغ بالدعم القوي من الحكومة الصينية المركزية في تحسين الوضع الأمني في شينجيانغ بشكل كبير، وفي هذه العملية، تلتزم الحكومة الصينية بمكافحة الإرهاب وفقاً للقانون وضمان حقوق الإنسان في آن واحد، وتلتزم بعدم ربط الإرهاب والتطرف بمنطقة معينة وعرق معين ودين معين، وتلتزم باتخاذ التدابير الصارمة والتدابير الوقائية والتأهيلية في آن واحد، وتلتزم بالحفاظ على الاستقرار وتحسين معيشة الشعب، وتنشئ مراكز التعليم والتدريب المهني وفقاً للقانون، لتعليم الذين يتأثرون في الأفكار الدينية المتطرفة أو يرتكبون إثماً طفيفاً بالمعلومات القانونية واللغة الوطنية والمهارة المهنية.
إن هؤلاء المتدربين يتحركون بحرية ويتم احترام وحماية ثقافتهم القومية وحقوقهم بشكل كامل لغاية اليوم، قد تخرّج معظم المتدربين وهم غادروا المراكز وتوظفوا وعاشوا حياة جيدة وطبيعية، بفضل هذه الإجراءات المتكاملة، لم يحدث في شينجيانغ أي عمل إرهابي منذ 3 سنوات، بل يشهد وضعها تحسناً مستمراً وتستعيد السلام والازدهار في كل أرجاء المنطقة، يمكن للمجتمع الدولي الاستفادة من تجربة شينجيانغ في مكافحة الإرهاب ونزع التطرف. ولغاية نهاية عام 2018، زار شينجيانغ أكثر من ألف أجنبي من أكثر من 70 وفداً، وهم عاينوا بأم أعينهم وضع شينجيانغ الذي يسوده الاستقرار والازدهار والتنمية.
في تموز الماضي، وجه أكثر من 50 دولة رسالة مشتركة إلى رئيس مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان، تعبيراً عن دعمها للسياسة التي تتخذها الصين لإدارة شينجيانغ والإنجازات التي حققتها الصين في مجال حقوق الإنسان، وكانت سورية إحدى الدول التي وقعت على هذه الرسالة.
إن الإرهاب عدو مشترك للحضارة البشرية، وهدف مشترك يريد المجتمع الدولي القضاء عليه، غير أن الولايات المتحدة تغض النظر عن الحقائق، وتتلاعب بالمعايير المزدوجة، وتستخدم الوسائل الرخيصة والحقيرة لتضخيم وتشويه جهود الصين وسورية في مكافحة الإرهاب.
في الآونة الأخيرة، عززت أميركا جهودها لتضخيم ما يسمى «قضية شينجيانغ»، حيث أقر مجلس النواب الأميركي قبل أيام ما يسمى «قانون حقوق الإنسان للويغور عام 2019»، الذي ينظر إلى سياسة الصين تجاه شينجيانغ بالانحياز وينكر الإنجازات التي حققتها شينجيانغ في جميع القضايا التنموية، يتجاهل المشاعر الحقيقية لأبناء الشعب من القوميات كافة في شينجيانغ، بما فيه قومية ويغور، الأمر الذي يكشف مرة أخرى المعايير المزدوجة التي يمارسها الكونغرس الأميركي من دون حياء وعقلية الهيمنة التي يتخذها بكل وقاحة ونفاق.
على غرار ما فعلته أميركا في هونغ كونغ، تحاول أميركا إثارة الفوضى في شينجيانغ للحيلولة دون تقدم المسيرة التنموية الصينية، وهذه المحاولة مكشوفة لدى الجميع. غير أن الاتهامات الباطلة وغير المبررة لن تغير حقيقة الإنجازات الهائلة التي حققتها شينجيانغ في قضية حقوق الإنسان ولن تنكر الإنجازات التي حققتها في مكافحة الإرهاب ونزع التطرف، ولا حقيقة الاستقرار الاجتماعي والحياة السعيدة التي يعيشها أبناء الشعب في شينجيانغ.
لم يأت مشهد الاستقرار والازدهار والتنمية في شينجيانغ بسهولة، فيجب على أبناء الشعب من القوميات كافة في شينجيانغ الاعتزاز به بشكل أكبر، ولدى الصين حكومة وشعباً القدرة والثقة بتطوير شينجيانغ بشكل جيد، ولن تسمح للقوى الخارجية بالتدخل فيها بشكل سافر.
العدالة قد تتأخر، غير أنها لن تغيب، وتشكر الصين الحكومة السورية على الصوت العادل الذي أطلقته للتنديد بتصرفات أميركا المتنمرة، ونأمل بل نثق بأن سورية ستحقق انتصاراً نهائياً في حربها على الإرهاب في المستقبل القريب.