على الرغم من مرور الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأوقات عصيبة بسبب إصرار الديمقراطيين في مجلس النواب على المضي في إجراءات عزله بحجة سوء استخدامه للسلطة وعرقلة عمل الكونغرس، استقبل هو ووزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في واشنطن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إذ قال بومبيو عند وصول نظيره الروسي إلى واشنطن يوم الثلاثاء: «لا يمكننا أن ندع عملنا المهم على توفير الأمن للشعب الأميركي وتسيير شؤوننا الديبلوماسية يتأثر بما يجري في تلة الكابيتول»، أي في الكونغرس.
وقد أكد الوزيران في مؤتمر صحفي أنهما ناقشا قضايا الاستقرار الإستراتيجي التي تهم البلدين والعالم. ومن أهم ملفات الاستقرار الإستراتيجي التي نوقشت بين الوزيرين، مصير معاهدة الحد من الأسلحة الإستراتيجية الهجومية النووية «ستارت الجديدة»، التي ينتهي سريانها في شباط 2021. فقد أكد لافروف استعداد بلاده لتمديدها حتى لا يظهر فراغ في مجال مراقبة انتشار الأسلحة وطمأنة المجتمع الدولي، وخاصة بعد انسحاب واشنطن من معاهدة الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى «ستارت1» و «ستارت2»، وإمكانية إشراك الصين في المعاهدة حسب رغبة واشنطن، وكانت «ستارت الجديدة» قد أبرمت بين الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف والرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عام 2010 تمديداً للاتفاق الموقع عام 1991 في موسكو.
واتفق البلدان على مواصلة الجهود للوصول إلى حل سياسي في سورية وعدم السماح بأن تصبح سورية ملجأً لداعش. كما ناقش الوزيران المسألة الأوكرانية وضرورة حلها وفق اتفاق مينسك، إضافة إلى حل المشكلات الناتجة عن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني، والعمل على مساعدة كوريا الديمقراطية في التخلي عن السلاح النووي، ودعا الوزير الروسي جميع الدول المعنية الانضمام للمبادرة الروسية لتأمين الملاحة في الخليج وخلق نظام أمن جماعي، كما ناقش الوزيران ملفات أخرى كالأوضاع في فنزويلا واليمن وليبيا والملف الفلسطيني.
أما على صعيد العلاقات الثنائية بين البلدين فقد أكد بومبيو أن على بلاده أن «تقيم علاقات أفضل مع روسيا»، وأنه لابد «من إبقاء قنوات الاتصال بين موسكو وواشنطن مفتوحة»، وحذر بومبيو نظيره الروسي من التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة ما رفضه لافروف وقال: إن «هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة».
بالمقابل أكد لافروف أن لدى روسيا وأميركا مجالات تعاون واسعة رغم كل الصعوبات والخلافات في العلاقات الثنائية، وأشار إلى زيادة التبادل التجاري بين البلدين في عهد ترامب، حيث بلغ 27 مليار دولار العام الجاري مسجلاً نمواً بواقع 30 بالمئة على الرغم من العقوبات المفروضة على موسكو.
أكد بيان البيت الأبيض بعد اجتماع لافروف مع ترامب أنه «رحب بالتواصل المستمر مع روسيا لحل القضايا ذات الاهتمام المشترك».
أجواء إيجابية طغت على زيارة الوزير الروسي إلى واشنطن على الرغم من وجود ضغوط كبيرة على الإدارة الأميركية بسبب علاقتها الخاصة مع روسيا، إلا أن ترامب والجانب الروسي على ما يبدو لديهما رغبة مشتركة في إيجاد لغة حوار بناء بين البلدين، وعلى هذا التوجه تبني شعوب العالم الكثير من الآمال.