ثقافة وفن

«مع الروح» قضايا إنسانية وأوجاع متجسدة … خالد حجار لـ«الوطـن»: ما أرسمه في بعض لوحاتي هو عري الحقيقة ويعبّر عنها

| سوسن صيداوي

«الروح هي الجوهر وهي الباقية للأبد». جملة قالها وعناها فنان تشكيلي سوري لم تكن يوماً غايته العرض بقدر أن ينال فنه التقدير والإعجاب محلياً وعالمياً، وصحيح أنّ «مع الروح» هو المعرض الفردي الأول للفنان التشكيلي خالد حجار، إلا أن مشاركاته في المعارض في دول العالم الأجنبي لاقت الرغبة فيها كلما سنحت الفرصة لتشكيلي سوري جاد ومنفتح الرؤية وقادر على اقتحام الحدود والحصار المفروض مهما بلغت الشدّة والصعوبة.

نعم افتتح حجار معرضه «مع الروح» في صالة لؤي كيالي بدمشق، بحضور رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين د. إحسان العر وأعضاء الاتحاد وعدد كبير من الفنانين والمهتمين، بغزارة إنتاج لعدد بلغ مئة لوحة، متعددة الأحجام، تضج بالألوان، تسرد مواضيع متعددة لوجوه وأجساد بشرية تعاني بروحها الإنسانية، أوجاع صارت مرة بين قضايا فرضها كل من المعتقد والمجتمع أو العادة والتقليد وفضّل أن نحتفظ منه بذكرى عبر تقديمه ملصقات وقفنا حائرين في انتقاء إحداها والموضوعة كغلاف على قطع الشوكولاته المقدمة للزوار.
من الاسم

«مع الروح» جاءت أعمال الفنان الحجار والتي هي حصيلة العديد من السنوات، التي تأثر بها في ظروف شدة الأزمة وأوجاعها، ويأتي العنوان انطلاقاً من حبس الروح في ظلم الأسى والمرارة، وحول اسم المعرض يضيف فناننا حجار: «لقد اخترت اسم المعرض «مع الروح»، كونه مناسباً بشكل عام لكل ما تدور حوله موضوعات لوحاتي، وما جسدته بأفكاري ومشاعري وتخيلاتي بالتعاملات المباشرة مع روح الإنسانية، فالروح هي الجوهر وهي الباقية للأبد، بغض النظر إن كانت تعود كصفة لأحد الجنسين الذكر أو الأنثى، وفي أعمال تعود لعدة فترات أنجزتها خلال السنين الماضية وتصل لعدد ٩٧ لوحة، حيث يوجد منها ٦٠ لوحة قياس صغير، و٣٧ لوحة بين القياس الكبير والمتوسط، وهنا أؤكد ضرورة أن تتوازى القيمة الفنية للموضوع مع الحجم، فليس بالضرورة أن يحمل العمل ذو الحجم الكبير قيمة فنية عالية، إذ يجب أن يتناسب الحجم مع القيمة الفنية. وكنت استخدمت الإكريليك على كرتون مضغوط أو على قماش، وهنا لابد لي من الإشارة بأنني أعمل على الأسلوبية بشكل جاد كونها أهم من التقنيات التي يتبعها الرسام، بمعنى أن الأسلوبية هي التي توصل الفنان إلى بصمته الخاصة بطرحه لمواضيعه، وأنا تنوعت موضوعاتي ما بين الشخوص ذات الوجوه المتطاولة والعيون الكبيرة في نظراتها المختلفة، كما أن حضور اللون القوي والذي يعتبر الكثيرون بأن فيه جرأة، الغرض منه إزالة الأقنعة بحيث تتطلب الحالة بالموضوع المطروح، هذه الجرأة بعفوية تامة من خلال الرسم أو من خلال العرض للمتلقي الذي تخاطب قلبه قبل عقله، فربما هناك بعد الأشخاص الذين ينظرون إلى شخوصي بخوف، ولكن عند سكون القلب بالرؤية والتمعن بالمطروح أمامهم، سيتبدد الخوف وسيصل المتلقي لمرحلة الحوار مع العمل وسيكون الخطاب الروحي حاضراً بينهما».

ما بين العري والتجديد
اعتبر الفنان خالد حجار أنه من خلال تجربته الحالية يكرس بصمته بما ينوع نفسه بمواضيعه المختلفة عما حوله من فنانين، متطرقاً إلى أسلوبه في طرح قضايا من بينها شخوص عارية لا تخدش الحياء ولكنها تكرّس أوجاع وهموم الإنسانية، ليتابع: «عالم الفن يحتاج منا دائماً أن نغذّيه بكل ما هو جديد، وأعتقد بأن التجدّد يكون نتيجة البحث الطويل والتجارب، وكذلك الصدق مع الذات والعفوية الصادقة في لحظات خلق اللوحة، وأما بالنسبة للعري الذي أرسمه في بعض لوحاتي، فهو عِري الحقيقة وليس عري الإغراء، ولأكون أكثر تحديداً فهو نوع من الفن التعبيري الذي يعبّر عن الحقيقة وعن مكبوتات الروح ضمن تقاليد بعض المجتمعات».

بين العالمية والمحلية
يعترف فناننا بأهمية الانطلاق من المحلية وبأن يكون هناك غِنى في الطرح كي يصل إلى قبول وترحيب الدول في العالم، وحول مشاركاته في المعارض يضيف: «لدي العديد من المشاركات في المعارض العالمية وعلى الخصوص في باريس، فقد كان ذلك نتيجة اهتمام صالات المعارض في باريس ومتابعتهم، وهذا للأسف ما لا نجده هنا في معظم الأحيان- ولا أقول دائماً- وربما هذا من أحد أسباب تأخر معرضي الفردي، ويضاف إليها بعض من الأسباب الخاصة، فلقد كانت هذه السنة الأخيرة من أصعب سنوات حياتي، والسنوات التي قبلها لم تكن أفضل».
وفي سؤالنا له عن تفاؤله بالحركة التشكيلية السورية، قال: «أعتقد أن سنوات الحرب التي عاشتها بلدنا بكل ما فيها من ألم، كانت محرضاً كبيراً للفنانين من أجل أن يعكسوا حالة المجتمع، وهذا هو دور الفن، كما أعتقد أن وجود فنانين مخضرمين وفنانين شباب مع نبض جديد سوف يكون الحافظ والحامي للحركة التشكيلية في سورية، فأنا متفائل بعيداً عن الوضع الاقتصادي العام، والذي لابد أن ينعكس سلبياً على ذلك كما هو على كل مناحي الحياة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن