لا يوجد تقنين لإجازات الاستيراد.. وتجميد إجازات مكونات تجميع السيارات مؤقت لحين الانتهاء من تقييم واقعها … وزير الاقتصاد لـ«الوطن»: لم ترد على لساني أبداً عبارة «أن الاقتصاد يتحسن والمواطن لا يشعر به»
| علي نزار الآغا
نفى وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سامر خليل لـ«الوطن» أي تقنين في منح إجازات الاستيراد، مؤكداً أن لا سقوف ولا تقييدات في منح الإجازات، كما كان يحدث أحياناً في سنوات ماضية، وكل من يطلب إجازة لمادة مسموحة ضمن دليل الاستيراد يحصل عليها، من منطلق أن السوق لا تطلب إلا حاجتها، وعليه كل طلب للحصول على إجازة استيراد تتم تلبيته.
وتوضحياً لما ورد على لسان بعض التجار بأنه تم تخفيض أو تقنين الإجازات الممنوحة من الوزارة، بين الخليل أن هذا حصل خلال فترة قصيرة جداً في بداية ربط الموضوع بمبادرة القطاع الخاص لدعم الليرة، ولكن سرعان ما عادت الأمور إلى ما كانت عليه، بمنح الإجازات من دون سقوف، ولكل من يطلبها، والنتيجة اليوم، زيادة لأعداد مستوردي بعض المواد الأساسية كالسكر والأعلاف، بعد أنت محصورة نسبياً بعدد محدود من التجار، مشدداً على أن أي تقييد في الكميات المسموح استيرادها في الإجازة، يفتح باب السمسرة من قبل البعض، لذا، تم فتح السقوف وإزالة القيود تجنباً لحدوث ذلك، وخاصة أن دليل المستوردات لا يتضمن إلا المواد الأساسية والمواد الأولية ومستلزمات الإنتاج غير الموجودة محلياً أو أن الموجود منها غير كاف.
وسألت «الوطن» الوزير عما تناقلته بعض المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي مؤخراً، بأنه قال تحت قبة مجلس الشعب إن «الاقتصاد يتحسن، لكن المواطن لا يشعر بذلك»، فأجاب مبتسماً: إن كان الأمر بهدف جمع اللايكات فأنا لا أمانع أبداً، لكن في الواقع هذا الكلام لم يقال، ولم يرد على لساني إطلاقاً، وتم تداول هذه العبارة دون العودة إلى ما صرحت فيه تحت القبة.
وأكد الخليل أن ما قاله في مجلس الشعب موثق بالصوت والصورة، ولم ترد على لسانه أبداً عبارة «أن الاقتصاد يتحسن والمواطن لا يشعر به»، وما قاله: إن «تحققت زيادة الرواتب، وفي الوقت نفسه أصبحت هناك حملة ضدها، وحملة في الأسعار، بشكل كامل، لتكون هناك حالة من التوتر الاقتصادي عالي المستوى، بحيث يؤثر في تفكير كافة المواطنين، بما فيهم الصناعيون والتجار، وبالعودة إلى الحملة نجد نشاطاً كبيراً في بعض وسائل الإعلام والمواقع والصفحات، علماً بأنه في الواقع لم يحدث تغيير سلبي، بل إيجابي».
وأضاف: «في الواقع، نحن أمام وضع اقتصادي يتحسن تدريجياً، وجاءت زيادة في الرواتب، وبدل أن نشاهد تحسناً، شاهدنا هجمة، وبلحظة واحدة كان سعر صرف الليرة السورية يرتفع، ما يدل مرة أخرى أن هذا شكل من الحروب، وهو الأخطر على الإطلاق، ويجب ألا ننساق معه، ولا أتحدث تبريراً، وإنما واقع بالأرقام والمؤشرات، وهذا أمر قائم في الأسواق».
معضلة الـ944
من جانب آخر، أثار القرار 944 الخاص بمؤونات الاستيراد جدلاً في الأوساط التجارية، انطلاقاً من أن فرض مؤونتي استيراد، بمجموع نسبته 40 بالمئة من قيمة الإجازة، سوف يطلب رأسمال زيادة لدى المستوردين، أو قد يحصر الاستفادة من الإجازات بأصحاب الرساميل الكبيرة، من كبار التجار، كما سوف يسهم برفع الأسعار في السوق نظراً لارتفاع التكاليف المصحوبة بفرض المؤونات، إضافة لأثر القرار بزيادة حالة الركود في الأسواق، إذ سوف تقل البضاعة المستوردة عن حاجة السوق بعد تلك القيود.
الخليل استغرب كل تلك التساؤلات، مبيناً أن أثر القرار إيجابي على المستوى الاقتصادي العام، ولعل أولى تلك الإيجابيات معرفة من هم المستوردون الحقيقيون، ومن هم الوهميون، منوهاً بأن عدداً كبيراً من التجار لا يستوردون بأسمائهم الحقيقية، كي لا يحملون أي مخاطر، والتزامات، وإنما بأسماء موظفين لديهم أو أقارب.. إلخ، وهذا أمر خاطئ، أما بعد تطبيق القرار 944 فأصبح التاجر مضطراً أن يستورد باسمه الصريح، لأنه أصبحت هناك حسابات مصرفية، ومؤونات سوف تجمد فيها، بنفس اسم صاحب الإجازة، وهذا ما لا يرغب به بعض التجار.
أما عن حاجة الأمر لرساميل كبيرة، فسأل الخليل: «كيف يمكن لمستورد أن يطلب إجازة استيراد وليس له حساب مصرفي بالليرة السورية يغطي جزءاً منها على الأقل؟».
وأكد أن العدد الأكبر من المستوردين هم أصحاب الإجازات قليلة القيمة أي دون 100 ألف دولار، وبالتالي فإن قيمة المؤونة فعلياً يفترض ألا تشكل عبئاً على تاجر مستورد.
كما لفت إلى أن النسبة الحقيقية للمؤونة أقل من المعلنة في القرار، نظراً لأن سعر الصرف المعتمد في المؤونة هو سعر الصرف الرسمي الصادر عن مصرف سورية المركزي (435 ليرة للدولار) بينما السعر في السوق أعلى من ذلك، وبالتالي من المفترض ألا يشكل ذلك عبئاً على أي تاجر مستورد.
من جانب آخر، أكد الخليل أن الأثر المالي للقرار مهم جداً، لكونه مرتبطاً بالضرائب والرسوم، ومعرفة الحجم الحقيقي لأعمال التجار المستوردين، أما الأثر النقدي فهو الأكثر أهمية، نظراً لكونه يزيد الطلب على الليرة السورية، من خلال لجوء من ليس له حساب مصرفي يغطي المؤونة بتصريف الدولار في السوق للحصول على الليرة لتأمين المؤونات، كما يسهم في دعم «المصرف» العمل التجاري، وجعله يسير في الأقنية المصرفية.
أما عن دور القرار في رفع الأسعار، بين الخليل أنه في حال ارتفاع سعر صرف الليرة السورية في السوق، فإن نسبة انعكاس ذلك على أسعار السلع يفترض أن تكون ضعيفة، ومرتبطة بنسبة المؤونة الفعلية، وهذا بدوره غير وارد واقعياً، نظراً لكون التجار يتحوطون مقابل تقلبات سعر الصرف، ويقيمون أسعار السلع بدولار أعلى من السوق، وبالتالي فإن ربط رفع الأسعار بالقرار 944 غير مسوّغ، والصحيح ربطها بتغيرات سعر الصرف ونسب التحوط التي يعتمدها التجار.
ولفت إلى أن موضوع المؤونات ليس جديداً، بل طبق بنسبة 25 بالمئة سابقاً، كما أن العديد من الدول تطبقه، وبنسب أعلى من المتضمنة في القرار 944، منوهاً بأن القرار في النهاية يهدف إلى تنظيم عملية الاستيراد بشكل أكبر، وتحديد من يستورد بشكل حقيقي ومباشر وباسمه الحقيقي، ومن هم غير ذلك، وقال: «لو تمت مقارنة سلبيات القرار 944 وإيجابياته، فسوف تكون الإيجابيات أعلى بكثير من السلبيات، وقد تمت دراسة القرار بدقة، من جميع الاتجاهات، التجارية والمالية والنقدية ولجهة الأسعار والسياسة الاقتصادية بشكل عام».
تجميد تجميع السيارات
سألنا الوزير عن كيفية تصدير نصف إنتاج السيارات المجمّعة في سورية بحسب تصريحات رئيس مجلس الوزراء عماد خميس، وقد تم إيقاف منح إجازات استيراد لمكونات السيارات، بحسب ما علمت به «الوطن»، فأجاب بأن ما حدث هو تجميد مؤقت للإجازات المتعلقة بمكونات تجميع السيارات، لأنه يتم حالياً تقييم تجربة التجميع بشكل شامل ودقيق، للعامين الماضيين، تقوم به وزارات الاقتصاد والصناعة والمالية والنقل والجمارك، وسوف ينتهي التقييم خلال فترة قصيرة، خلال أسبوعين تقريباً، وعليه تقرر تجميد منح الإجازات لضمان دقة البيانات وتنفيذ التقييم وفقاً للمسار الواقعي القائم عليه موضوع التجميع.