ثقافة وفن

في إطار توثيقها للواقع السوري.. مؤسسة «وثيقة وطن» تعلن نتائج مسابقتها لعام 2019 … د. شعبان: من الضرورة كتابة تاريخ بلدنا من خلال أبنائه خاصة بعد الحرب التي شهدت تشويهاً إعلامياً

| سارة سلامة - تصوير طارق السعدوني

شهد مساء أمس في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق إعلان جائزة «حكايتي» للقصة الواقعية السورية، بحضور وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ريمه قادري ومحافظ دمشق عادل العلبي وعدد من المسؤولين، إضافة إلى حضور عدد من السفراء والدبلوماسيين ورجال أعمال وفنانين ومهتمين وإعلاميين، وبدأ الافتتاح بلمحة تعريفية عن مؤسسة «وثيقة وطن»، وعرضاً للجائزة، ومقتبسات من القصص الأربع والتي كانت بعنوان (إنقاذ وثائق المصالح العقارية، الخروج من دير الزور، صديق مقعد دراستي، رسالة أمي).

الحفاظ على هويتنا

وفي تصريح لها ذكرت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة «وثيقة وطن» الدكتورة بثينة شعبان أن: «مهمتنا تكمن في التأسيس للتأريخ الشفوي، لأننا نملك كنوزاً من التاريخ الشفوي سواء كانت سيراً ذاتية أو قصة مهنة أو مهنة كار أو قصة كنيسة أو قصة جامع، وللأسف فإن هذه الكنوز تذهب برحيل أصحابها، وبما أن الحياة مؤقتة للجميع قررنا في (وثيقة وطن) على تأريخ هذه الكنوز، وتأسيس وعي مجتمعي لحفظ السير الذاتية، وكتابة تاريخنا من خلال القصص لجميع الناس في مختلف المحافظات، وخاصة بعد هذه الحرب التي مرت على سورية خلال ثماني سنوات والتي عانى بها السوريون ما عانوه، والتي شهدت تشويهاً إعلامياً لما يجري في سورية، ورأينا أنه من الضرورة بمكان أن يتم كتابة تاريخ هذا البلد من خلال أبنائه، ولذلك توجهنا إلى جميع المحافظات وأجرينا المقابلات مع المتطوعين، وننوي في المستقبل ترجمة هذا التاريخ إلى اللغات الحية لكيلا يأتي خصومنا وأعداؤنا ويكتبوا تاريخنا بالطريقة التي يريدونها، لأنهم غالباً ما يشوهون حضارتنا وتاريخنا، ليكون هدفنا الأساس هو الحفاظ على هويتنا الحضارية العريقة والعيش المشترك الذي تعرفه سورية ونفخر به أمام العالمية».
وفي كلمة لها احتفاء بالجائزة قال الدكتورة بثينة: «نحن لا ندّعي أننا نستطيع أن نسجل كل القصص التي مرت على هذا البلد العظيم، ولكننا نبذل جهدنا لكي تكون القصص التي نسجلها تمثل معظم الحالات التي مر بها بلدنا، والتي اختبرها شعبنا، ومع أننا أجرينا إلى حد اليوم ما يقارب ٥٠٠ مقابلة في أرشيف وثيقة وطن، إلا أننا نعتبر باكورة إنتاج هذه الوثيقة في هذه المؤسسة التي أطلقناها، والتي نحتفل اليوم بتوزيع الجوائز للفائزين بها، ولكن وقبل توزيع الجوائز والاحتفاء بالفائزين والفائزات، فإنني أود أن أقول لكل من كتب قصة لوثيقة وطن أنه فائز لأن قصته ستكون جزءاً من تاريخنا، ولأننا سوف نحفظ قصته أو قصتها التي كتبت بنبضه وإحساسه وألمه سوف نحفظها للأجيال القادمة، وسوف يقرأها أبناؤه وأحفاده، وسوف نهتم بها اهتمامنا بهذه القصص الفائزة اليوم، فمشاعركم عزيزة علينا وكتاباتكم أمانة عندنا».

إعلان الجائزة

من قلب دمشق، ومن دارة عدنان مردم بك في دمشق القديمة أعلنت مؤسسة «وثيقة وطن»، عن مسابقة بعنوان «حكايتي» لأفضل قصة قصيرة واقعية، لا يشترط فيها إلا الواقعية والصدق، دون التعويل كثيراً على النواحي الفنية والتقنية، لأن الجائزة كما أعلنت غايتها أن توثق لما يجري في سورية على ألسنة الناس، الذي هم في الغالب أبطال هذه القصص ورواتها.
ومن بين 475 قصة أرسلت إلى المؤسسة لم يكن سهلاً على أعضاء لجنة التحكيم نبيل الصالح ونهلة السوسو وحسن حميد اختيار ٢٢ قصة على أربع فئات عمرية الفئة العمرية الأولى ١٠-١٦: (حنين القبة، مجد الدين عيد، دانة شاويش)، والفئة العمرية الثانية١٧-٣٠: (نجلاء سعيد، رحمة زعموط، غرام العلي) والفئة العمرية الثالثة ٣١-٥٠: (فراس القاضي، تامر دباس، وسيم مصطفى) والفئة العمرية الخامسة: (محمد شحود، رندة القاسم، مارتين تمرس).
حيث حصدوا 4 جوائز ذهبية بقيمة مليون ومئتي ألف ليرة سورية، و4 جوائز فضية بقيمة 800 ألف ليرة سورية، وعلى 4 جوائز برونزية قيمتها 400 ألف ليرة سورية.

ومضات عن المؤسسة

وعرضت مديرة محور النساء في زمن الحرب الدكتورة نيرمين النفره ملفاً خاصاً بجائزة حكايتي وشروط المشاركة التي تضمنت أن يكون صاحب القصة سورياً وتقبل قصة واحدة للمشارك، باللغة العربية، وأن تكون قصيرة إلى ١٠٠٠ كلمة وبلغة سليمة وواضحة وصادقة».
بينما قدّم مدير المشاريع والقائم بأعمال مدير التنفيذ في المؤسسة موسى خوري لمحة عن مشاريع وأهداف المؤسسة ومنها: «مشروع توثيق شهادات الحرب على سورية، ومشروع توثيق الحرف اليدوية، ومشروع أرشفة مركز الوثائق التاريخية، ومشروع التراث السرياني واللغة السريانية، ومشروع توثيق التراث الكنسي السوري، ومشروع توثيق المطبخ والمأكولات السورية، ومشروع توثيق التراث الصوفي، ومشروع التوجه شرقاً- مبادرة الحزام والطريق، ومشروع برامج التدريب، وجائزة حكايتي لأفضل قصة واقعية قصيرة) وغيرها من المشاريع التي تسعى المؤسسة إلى ترسيخها».

توثيق للأحداث

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ريمه قادري: أن»هذه الفعالية واحدة من الفعاليات التي تقدمها المؤسسة، والتي تدعو الناس للمساهمة بالحقائق الموجودة لديهم وأن يتم توثيق الأحداث وتوثيق لأي شيء يخصّ الكيانات الإنسانية أو الاجتماعية وإذا سأتحدث بشكل أوسع أتحدث عن وثيقة وطن، وهي مؤسسة من مؤسسات العمل الأهلي في سورية وبمجرد قرار إشهارها الذي صدر عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بحكم أن الوزارة هي الجهة التي تشرف على قطاع المنظمات غير الحكومية، وكان لديها وضوح بالأهداف وهذه الأهداف إذا وصفتها فهي نوع من تطور دور العمل الأهلي، وهو يلبي بصورة أكبر، وبالواقع كان هناك ضرورة أن يكون هناك توثيق للأحداث في سورية للتراث المادي واللامادي».

ويذكر أن«وثيقة وطن» مؤسسة غير حكومية وغير ربحية تعنى بالتأريخ الشفوي والبحث المعرفي لحماية الذاكرة الوطنية وحفظها للأجيال القادمة. توثق المؤسسة الشهادات كما يرويها أصحابها لمد الجسور بين أصحاب الذاكرة الحية وبين الباحثين المختصين، وهي تشكل بذلك مصدراً مرجعياً للمعلومات التاريخية الشفوية، قائماً على الشراكة في بناء المعطيات التاريخية، كما أن وثيقة وطن هي مركز أبحاث يعدّ الدراسات الإستراتيجية في مواضيع مصيرية للإقليم والعالم.
تعتمد المؤسسة في عملها على المشاركة والمساهمة التطوعية، وتتلقى الدعم والرعاية من عدد من الجهات وتتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارة الثقافة ووزارة الإدارة المحلية ووزارة الإعلام ومديرية الآثار والمتاحف والأمانة السورية للتنمية.

والتأريخ الشفويّ هو توثيق وتأريخ للحالة المعرفيّة، ولمجمل المعارف والمعلومات والأحداث خلال عصر معيّن. من هنا يمكن أن يتبلور الإطار الذي تعتمده مؤسّسة وثيقة وطن للتأريخ الشفويّ: دمج الوثيقة التاريخيّة الشفويّة بالبعد المعرفيّ، أي إتاحة الفضاءات المعرفيّة أمام التوثيق والحفظ للأجيال القادمة، أكانت أحداثاً أو معارف أو أبحاثاً معرفيّة توضّح التاريخ المعاصر أو القديم على حدٍّ سواء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن