سورية

في مقابلة مع قناة «فينيكس» الصينية.. أكد أن النظام التركي مساهم بشكل مباشر ببيع النفط مع «النصرة» و«داعش» ومع الأميركي … الرئيس الأسد: بدأنا الحديث مع شركات صينية لتلافي العقوبات وهناك حوار مع الحكومة الصينية لتكون سورية جزءاً من طريق الحرير

| وكالات

أكد الرئيس بشار الأسد، أن عملية إعادة الإعمار في سورية بدأت ولكنها بحاجة للمزيد من الاستثمارات من الداخل والخارج كي تنطلق بشكلها الواسع، آملاً من الشركات الصينية البدء بالنظر وبالبحث وبتحري السوق السورية التي تتحسن بشكل مطّرد ومتسارع في مجال الأمن.
ولفت الرئيس الأسد في مقابلة مع قناة «فينيكس» الصينية، نشرتها وكالة «سانا» أمس إلى أن إعادة الإعمار لبلدان دمرتها الحرب جزئياً أو كلياً هي «عملية استثمارية رابحة»، مؤكداً أن الحكومة السورية تضمن الأمن لكل الشركات الصينية التي يمكن أن تأتي للاستثمار في سورية، داعياً الدولة الصينية، إلى تشجيع المستثمرين للمجيء، على الأقل للمناطق التي أصبحت آمنة بشكل كامل.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن الصين تقدم مساعدات في مجال إعادة الإعمار ولكن في الجانب الإنساني، وأن سورية ومع تحرير معظم المناطق من الإرهاب بدأت بالحوار مع عدد من الشركات الصينية لتلافي العقوبات من أجل الدخول إلى السوق السورية والمساهمة بعملية إعادة الإعمار.
وأوضح الرئيس الأسد، أن سورية ومن أجل جذب المستثمرين من الصين والدول الصديقة الأخرى، قطعت مراحل كبيرة في تطوير قانون الاستثمار ليكون مشابهاً لكثير من القوانين الاستثمارية الموجودة في عدد من دول العالم الأخرى، ولكي يكون هذا الاستثمار آمناً ورابحاً بشكل كامل، مؤكداً أن هذا القانون في المراحل الأخيرة وسوف يصدر قريباً.
واعتبر الرئيس الأسد، أن أهمية المساهمة الصينية في مجال إعادة الإعمار ومساهمة الدول الصديقة كأهمية المساهمة العسكرية في إعادة الاستقرار إلى سورية وفي ضرب الإرهاب ومكافحة الإرهابيين.
كما اعتبر مبادرة «الحزام والطريق» التي أطلقتها الصين أنها شكلت تحولاً استراتيجياً على مستوى العلاقات الدولية في العالم حيث تعتمد على الشراكة والمصالح المشتركة عوضاً عن محاولات الهيمنة التي يتبعها الغرب، لافتاً إلى أن الصين كدولة عظمى تحاول أن تعزز نفوذها في العالم بالاعتماد على الأصدقاء والمصالح المشتركة التي تؤدي إلى تحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية لدى كل الدول الموجودة في هذه المبادرة وتعزيز الاستقرار والازدهار في العالم.
وأوضح الرئيس الأسد، أن أولوية سورية في التعامل مع الوجود الأميركي غير الشرعي هي ضرب الإرهابيين لأن ذلك يضعف وجوده وإقناع المجموعات السورية التي تعمل تحت السيطرة الأميركية بالعودة إلى حضن الوطن والانضمام إلى جهود الدولة السورية في تحرير كل الأراضي وعندها لن يكون هناك أفق لبقاء الأميركي في سورية.
ولفت الرئيس الأسد إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تقوم اليوم بسرقة النفط السوري وبيعه إلى تركيا التي تواطأت مع كل المجموعات الإرهابية في عملية سرقة وبيع النفط السوري فالنظام التركي مساهم بشكل مباشر ببيع النفط مع تنظيم «جبهة النصرة» سابقاً وبعدها مع «داعش» واليوم مع الأميركي.

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:

أشكركم جزيل الشكر نيابة عن قناة «فينيكس» الصينية لقبولكم ومنحكم هذه المقابلة.

أهلاً وسهلاً بكم.

اسمحوا لي أن أبدأ مباشرة.. استطاعت سورية تحقيق إنجازات كبيرة في مجال مكافحة الإرهاب واستعادت عدداً كبيراً من الأراضي السورية. الآن من أين ستبدؤون في مجال إعادة الإعمار في سورية؟

في الواقع لم ننتظر انتهاء أو تجاوز أي مرحلة من مراحل الحرب، لكي نبدأ إعادة الإعمار. فعلياً تبدأ إعادة الإعمار مباشرة بعد تحرير أي منطقة سواءً كانت هذه المنطقة كبيرة أو صغيرة، قرية أو مدينة، وإعادة الإعمار تبدأ على مراحل: المرحلة الأولى هي إيجاد البنية التحتية أو إعادة بناء البنية التحتية وخاصة في مجال المياه والكهرباء، ولاحقاً تنتقل الدولة لإعادة إعمار المدارس والمراكز الصحية والمشافي، لكن المرحلة الأهم في إعادة الإعمار التي تأتي لاحقاً وتشكل التحدي الأكبر بالنسبة لنا في هذا الموضوع هي إعادة نمط الحياة وخاصة في الجانب الاقتصادي، وهذا يحتاج إلى الكثير من الجهد، وإلى ظروف بيئة داخلية، وبيئة خارجية تؤثر فيه بشكل سلبي وتجعله بطيئاً، هي عملية الحصار الذي تقوم به الدول الغربية تجاه سورية.
فإذاً إعادة الإعمار بدأت ولكننا بحاجة إلى المزيد من الاستثمارات من الداخل ومن الخارج كي تنطلق بشكلها الواسع.

هنا نسأل سيادة الرئيس، ما هي أبرز المجالات التي سوف تحتاج فيها سورية إلى المساعدة من الدول الصديقة ومن ضمنها الصين؟

الصين تحديداً تقدم مساعدات في مجال إعادة الإعمار ولكن في الجانب الإنساني، وكما قلت في البداية تبدأ الحياة بالماء والكهرباء، وهي تدعم في هذا المجال من خلال منح إنسانية نستخدمها في المناطق الأكثر حاجة.
لم يكن هناك حديث واسع مع الأصدقاء، وفي المقدمة الصين، بالنسبة لموضوع إعادة الإعمار في السنوات الماضية على اعتبار أن الحالة الأمنية لم تكن مناسبة للانطلاق بشكل واسع في هذه العملية، لكن مع تحرير معظم المناطق، بدأنا الحوار مع عدد من الشركات الصينية في هذا المجال. كما قلت إن المرحلة الأهم والتحدي الأكبر هو إعادة دورة الحياة الاقتصادية، فما نأمله من الشركات الصينية في هذه الحالة هو البدء بالنظر وبالبحث وبتحري السوق السورية التي تتحسن بشكل مطّرد ومتسارع في مجال الأمن.

لابد الآن من البدء ببحث فرص الاستثمار، فمن المعروف أن إعادة الإعمار لبلدان دمرتها الحرب جزئياً أو كلياً هي مجال استثماري رابح جداً، هي ليست فقط عملية قروض أو مساعدات من دون مقابل، إنها عملية استثمارية رابحة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، الآن بدأنا بالحديث مع عدد من الشركات الصينية لتلافي العقوبات من أجل الدخول إلى السوق السورية، لأن الرغبة موجودة لديها باعتبار أن العملية رابحة، ولكن تبقى هناك تخوفات لدى الشركات الاستثمارية والمستثمرين من تأثير العقوبات عليهم، الآن وجدنا صيغاً محددة، لن تعلن طبعاً، للدخول إلى السوق السورية بأمان، وبالتالي المساهمة بعملية إعادة الإعمار في سورية.

أريد أن أؤكد أن هذه المساعدة هي ليست فقط اقتصاداً، فعندما نتحدث عن إعادة الإعمار، هذا يعني المساهمة بالاستقرار في سورية لسببين:

أولاً، عودة الملايين من الخارج خلال العامين الماضيين، إلى مناطقهم وفرص العمل غير متوافرة بشكل كاف، وهذا بحد ذاته عامل مساعد للتدخل الخارجي وعامل مساعد للإرهابيين.

النقطة الثانية، هي أن التسويات التي حصلت في سورية كانت في جزء منها مع القوى العاملة التي ذهبت للعمل مع المسلحين أو الإرهابيين في فترة ما، وعندما ألقوا السلاح، قرروا العودة إلى الحياة الطبيعية، هذه العودة بحاجة لفرص عمل. فإذاً أهمية المساهمة الصينية في هذا المجال ومساهمة الدول الصديقة كأهمية المساهمة العسكرية في إعادة الاستقرار إلى سورية وفي ضرب الإرهاب ومكافحة الإرهابيين.

إذاً، هنا نسأل ما هي الإجراءات الملموسة التي يمكن القيام بها من قِبل الحكومة السورية لجذب المستثمرين القادمين من الصين ومن الدول الصديقة الأخرى؟

أول شيء يحتاجه أي مستثمر هو الأمن، وعندما نتحدث عن بلد يخرج من الحرب، لا نقول إنه خرج كلياً، ولكنه يخرج وقطع مراحل كبيرة في هذا المجال، فأول سؤال يسأله المستثمر هو عن الأمن، هذا ما نعمل عليه يومياً من خلال مكافحة الإرهابيين وتحرير المناطق، الواحدة تلو الأخرى، أما فيما يتعلق ببيئة الاستثمار، فهناك البيئة الآمنة للاستثمار التي يحتاجها المستثمر في دولة فيها حرب أو في دولة ليس فيها حرب، هنا نقوم بشيئين: أولاً، شيء عاجل وهو تحسين هذه البيئة الاستثمارية من خلال التعامل مع الإجراءات المتعلقة ببيئة الاستثمار أولاً كوجود شفافية، وضوح ما هي حقوق المستثمر وما هي واجباته في هذا البلد؟ ما هي الجوانب القانونية أو القضائية المتعلقة باستثماراته؟ في كل هذه العوامل، نحن نحاول أن نضع دليلاً واضحاً الآن من أجل أن يأتي المستثمر وتكون الأمور واضحة أمامه، ولكن الخطوة الأهم والأشمل هي دراسة قانون الاستثمار، وقد قطعنا مراحل كبيرة في هذا الموضوع، في تطوير قانون الاستثمار ليكون مشابهاً لكثير من القوانين الاستثمارية الموجودة في عدد من دول العالم الأخرى، وبالتالي الاستناد إلى المعايير الدولية بالنسبة للاستثمار، هذا القانون يحدد بشكل واضح ما هي الضمانات التي تقدم للمستثمر بالنسبة لاستثماراته في سورية: الضمانات القانونية، الضمانات المالية، الإعفاءات الموجودة بشكل واضح، الوضع الضريبي بالنسبة لاستثماراته، وأي جوانب أخرى تشكل ضمانة لكي يكون هذا الاستثمار آمناً ورابحاً بشكل كامل.

قانون الاستثمار

هل هناك من تدابير محددة لضمان بيئة استثمارية آمنة تضمن للمستثمر الصيني أن يأتي، وألا يتعرض لأي مشاكل أمنية؟ المستثمر الصيني مهتم جداً بهذا الموضوع.

هذا صحيح، هذا تحد كبير، وهناك تحديان، أولاً، عدم وجود أقنية مالية كافية أو فعّالة الآن بين سورية والصين لعمليات نقل الأموال، وهذه المشكلة حقيقية سببها أو أحد أسبابها الأساسية هو الحصار، فلابد من إيجاد حل لهذه النقطة إذا أردنا أن يأتي مستثمرون إلى سورية، ولابد أن يكون هذا الحل بين المؤسسات المالية في البلدين، وهذا بحاجة إلى نقاش وحوار على مستوى الدولتين. هذه عقبة أساسية لابد من حلها.

النقطة الثانية، هي التخوف الذي لا يزال موجوداً لدى العديد من الشركات الصينية، والآن هناك شركات تُرسل خبراء إلى سورية، وهذا جيد، لأن الكثير من الصناعات في سورية بدأت تتوجه للسوق الصينية، كالمعامل السورية التي تشتري المصانع من الصين.

في البداية كان هناك تخوّف كبير من قبل أي خبير صيني من المجيء إلى سورية، وهذا الشيء بدأ يتحسن مؤخراً، وهذه مرحلة جيدة.

لكن عندما نتحدث عن استثمارات صينية برؤوس أموال صينية فهذا بحاجة إلى المزيد من الطمأنة، لابد من بذل الكثير من الجهود من قبلنا كدولة سورية، ونتوقع أيضاً من الدولة الصينية، من المؤسسات المعنية، كمؤسسة ضمان الاستثمار في الصين، أن تقوم أيضاً بتشجيع المستثمرين للمجيء، على الأقل للمناطق التي أصبحت آمنة بشكل كامل، وأنا أؤكد هذا الكلام عبر هذه المقابلة، وأنت موجود في سورية وتستطيع أن تنقل الصورة الحقيقية غير المبالغ بها عن مدى الأمن الذي وصلت إليه سورية مؤخراً.

إذاً الحكومة السورية تضمن الأمن لكل الشركات الصينية التي يمكن أن تأتي إلى سورية ولا يوجد أي مشكلة في الأمان؟
بكل تأكيد.

«الحزام والطريق»

هنا أسأل عن موضوع «الحزام والطريق»، كيف تنظرون إلى هذه المبادرة بشكل عام؟

إذا أردنا أن نتحدث عنها بشكل إستراتيجي نستطيع أن نقول إنها تحول إستراتيجي على مستوى العالم، تحول في نوع العلاقات الدولية، أي لو نظرنا إلى العالم في الوضع الحالي فسنرى أن ما يحكمه هو محاولات هيمنة الغرب عليه، وفي المقدمة الولايات المتحدة.

المرحلة التي سبقتها كانت مرحلة الحرب الباردة، وهي مرحلة صراع بين الدول، وهذا الصراع يعتمد على مدى هيمنة كل قطب فيه، وخاصةً القطب الغربي، على مجموعة دول لكي تُحقق مصالحه في مواجهة القطب الآخر.
قبلها، الحرب العالمية الثانية وما سبقها، كانت مرحلة استعمار كامل، الدول تحتل، وأينما تحتل هذه الدول فهي تحدد كيف تسير مصالح الشعوب هناك، وغالباً هي لم تكن مصالح مشتركة، كانت الشعوب مستعبَدة لمصلحة الدول الأقوى.
الآن نرى أن هناك دولة عظمى، هي الصين، تحاول أن تعزز نفوذها في العالم، ولكن أي نوع من النفوذ؟ ليس النفوذ بالمعنى الذي نفكر به، بالمعنى السلبي، بل النفوذ بمعنى الاعتماد على الأصدقاء، النفوذ بمعنى الاعتماد على المصالح المشتركة. عندما نفكر نحن في سورية بأن نكون جزءا من طريق الحرير، وسورية هي دولة صغرى بالمقاييس الدولية والجغرافية والسكانية والاقتصادية والعسكرية…

لكنها تاريخياً تقع على طريق الحرير.

تماماً، ولكن الأهم من ذلك أن هذه الطريقة الجديدة الحالية مستمدة من التاريخ ولكنها متناسبة مع القرن الحادي والعشرين، هي طريقة تعتمد على الندية.

عندما نكون جزءاً من هذا الطريق، فالصين تتعامل معنا بشكل ندّي، وليس كدولة كبرى مع صغرى. هناك مصالح مشتركة، هناك فائدة للصين ولسورية ولكل الدول التي توجد على هذا الطريق.

هناك جانب آخر، هي ليست فقط علاقة الصين مع هذه الدول بشكل ثنائي، وإنما هي علاقة بين كل الدول الموجودة على هذا المحور، فإذاً هي علاقة حضارية، علاقة ثقافية، تؤدي بالمحصلة إلى الازدهار واستثمار وتحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية لدى كل هذه الدول الموجودة.

هذا يعني المزيد من الاستقرار في العالم، وهو مناقض لكل ما عرفناه من التاريخ الحديث أو القديم للعالم، هذا ما نراه في طريق الحرير.. استقرار وازدهار.

سورية من طرفها عبّرت عن رغبتها في المساهمة في مبادرة الحزام والطريق، فهل هناك من تطور في هذا الموضوع؟
في الحقيقة، خلال المراحل السابقة أي السنوات الأولى من الحرب وبسبب عدم الاستقرار، لم تكن أولويتنا، وكان من غير المنطقي ربما، الحديث في موضوع البنية التحتية وأنت تعيش مرحلة حياة أو موت، أنا أقصد سورية ولا أقصد أشخاصا، أقصد بالنسبة لنا كوطن، الآن مع تجاوز هذه المرحلة وبدء الاستقرار وبدء حركة عجلة الاقتصاد في سورية، بدأنا في هذا العام تحديداً، بحوار جدي مع الحكومة الصينية حول كيف يمكن أن تكون سورية جزءا من طريق الحرير.
حالياً سورية ليست على المسار، هناك مسارات مختلفة وسورية ليست واحداً منها، هذا لا يمنع أن جزءا من طريق الحرير، وهو الجزء الثقافي والتعليمي أو العلمي، كان يمر عبر سورية من خلال العلاقة المباشرة بيننا وبين الصين، وكان هناك عدد كبير من المنح التي ازدادت خلال السنوات الأخيرة، المنح العلمية التي قُدمت لسورية ونحن نستفيد منها الآن.

الحوار بدأ مؤخراً حول موضوع البنية التحتية، وهي أحد أهم العناصر التي يمكن أن تجعل سورية جزءا من طريق الحرير في المستقبل، قدمنا عدداً من المشاريع منذ أشهر قليلة فقط.

في مواضيع محددة؟

طبعاً. مواضيع في البنية التحتية. قدمنا نحو 6 مشاريع للحكومة الصينية تتناسب مع منهجية «الحزام والطريق»، والآن نحن ننتظر من الحكومة الصينية أن تختار ما المشروع، أو أكثر، الذي يتناسب مع طريقة التفكير الصينية.

أعتقد أن هذه البنية التحتية عندما تتطور مع الوقت يصبح مرور طريق الحرير في سورية تحصيل حاصل، وهي ليست طريقا ترسمها على الخريطة فقط. صحيح أن طريق الحرير عبر التاريخ كان يمر في سورية وفي العراق وفي هذه المنطقة، ولكن أيضاً طريق الحرير يأخذ اليوم بالاعتبار البنية التحتية المتوافرة لهذا الطريق. فإذاً مع تكريس أو ترسيخ هذه البنية التحتية وتطويرها سوف يمر طريق الحرير في سورية في المستقبل.

الآن هل تعتبرون أن سورية جاهزة من الناحية الأمنية للدخول في هذه المبادرة؟

تماماً، لأننا جاهزون من الناحية الأمنية بدأنا الحوار مع الطرف الصيني الصديق. قبل ذلك لم يكن ممكناً من الناحية المنطقية والواقعية أن نبدأ مثل هذا الحوار.

أميركا واللوبيات

نريد أن نسأل عن الوضع في أميركا. ستجري الولايات المتحدة الأميركية انتخابات رئاسية في العام المقبل، إذا أخفق الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة، برأيكم هل سيكون مثل هذا الفشل مفيداً بالنسبة لسورية أم لا؟

في إحدى المقابلات تحدثت عن ترامب، وقلت إنه الأفضل لأنه الأكثر شفافية، طبعاً الأفضل لا يعني أنه جيد، ولكن الشفافية شيء جيد وخاصة أننا اعتدنا دائماً في السياسة الغربية وجود أقنعة تخبئ الحقائق بالنسبة للنيات الغربية تجاه العالم، لكن بالوقت نفسه علينا أن نعرف تماماً أن المنظومة السياسية الأميركية ليست منظومة دولة بالمعنى الذي نفهمه، هي منظومة لوبيات، من يحكم في أميركا هي لوبيات المال سواء كان نفطاً أم سلاحا أم بنوكاً أم غيرها، هذه اللوبيات هي التي تتحكم بكل مفاصل السياسة الأميركية، وعندما أراد ترامب أن يكون مستقلاً، ولو بدرجة محدودة جداً، بدأ الهجوم عليه، والآن نشهد عملية ما يسمونها عزل الرئيس، وهي عملية الهدف منها إعادة الرئيس إلى الخط، وهو خط اللوبيات، لذلك كل الرؤساء الذين تعاملنا معهم في سورية منذ (الرئيس الأميركي السابق شارل) نيكسون في عام 1974، عندما عادت العلاقات مع أميركا، حتى ترامب اليوم، محكومون باللوبيات، ومهما كان لدى هذا الرئيس نيات طيبة فهو لا يستطيع أن يخرج عن سياسة اللوبيات، لذلك فالرهان على تغيّر الرؤساء هو رهان في غير محله وغير واقعي، ولا أعتقد أن هذه السياسة الأميركية ستتغيّر خلال السنوات المقبلة، لذلك نرى أن الرئيس في الحملة الانتخابية يقول كلاماً وبعد أسابيع فقط من انتخابه يفعل شيئاً مناقضاً تماماً لكلامه. لذلك نحن في سورية لا نفكر أبداً بمن يأتي وبمن يذهب من الرؤساء الأميركيين.

إذاً في هذا السياق أيضاً نطرح السؤال: بعد إعلان الرئيس الأميركي عزمه على سحب القوات الأميركية من سورية، عاد فجأة وقال إنه سوف يبقي قوات عسكرية أميركية في سورية لحماية آبار النفط في منطقة شرق الفرات. فجأة يقرر هذا ثم يخالفه في الوقت نفسه.

تماماً كما تقول. هو يؤكد ما أقوله بأن ما يحكم السياسة هو اللوبيات. وبالوقت نفسه يؤكد أن هذه الدولة لا تحكمها المبادئ، وإنما تحكمها مصالح تلك الشركات، فإذا كانت مصالحها هي في احتلال آبار النفط وسرقته وبيعه بشكل أو بآخر، فهذه الدولة وهذا النظام سيذهب باتجاه العمل من أجل هذه الشركات بغض النظر عن القانون الدولي، وبغض النظر حتى عن القانون الأميركي، هم يخالفون حتى القوانين الأميركية من أجل الشركات لأنه من دون إرضائها ربما يُعزل الرئيس.

كم عدد القوات الأميركية الباقية داخل الأراضي السورية الآن؟

الشيء الظريف في السياسة الأميركية أنهم يعلنون العدد بين آلاف وبين مئات، وعندما يقولون «آلاف»، هم يريدون أن يقولوا للوبي المؤيد للحرب وخاصة شركات السلاح إننا نحن الآن في حالة حرب وهذا يرضيكم كشركات. وعندما يقولون «مئات»، هم يخاطبون الأشخاص الذين يقفون ضد الحرب ليقولوا لهم إن الموجود لدينا بضع مئات. الحقيقة كلا الرقمين غير صحيح، لسبب بسيط، لأن هذه الأرقام لو كانت صحيحة فهي تستند إلى عدد الجنود الأميركيين، ولا تستند إلى عدد من يقاتل مع الجيش الأميركي، فالنظام الأميركي يعتمد في حروبه بشكل كبير على الشركات الخاصة كشركة «بلاك ووتر» في العراق وغيرها، وإذا كان لديهم بضع مئات من العسكر الأميركيين في سورية، فهم لديهم الآن الآلاف وربما عشرات الآلاف من المدنيين الذين يعملون في الشركات، وهم من يقومون بعملية القتال داخل سورية، لذلك من الصعب أن تعرف ما العدد الحقيقي، ولكن بكل تأكيد هو بالآلاف.

يصرح الأميركيون بأنهم سيقومون بحماية آبار النفط في سورية في منطقة شرق الفرات، لكن بالنهاية كيف سيتصرفون بالنفط المنتج من تلك الآبار؟

قبل أن يأتي الأميركي كانت «جبهة النصرة» تستثمر هذه الآبار في البداية، وبعد أن أتت داعش وأخرجت «النصرة»، عملياً هي لم تخرجها، بل عندما اندمجت داعش مع «النصرة» وأصبحت التسمية داعش، قامت هذه أيضاً بسرقة النفط وبيعه، أين؟

كان البيع يمر عبر تركيا، واليوم أميركا تسرق النفط وتبيعه إلى تركيا.

تركيا هي المتواطئ مع كل هذه المجموعات في عملية بيع النفط. فلا توجد مشكلة، تركيا جاهزة، لأن النظام التركي مساهم بشكل مباشر ببيع النفط مع «النصرة» سابقاً، وبعدها داعش، واليوم مع الأميركي.

إذا في ظل هذا الوضع ما حجم التأثير على عائدات النفط السورية؟

في مرحلة من المراحل في بداية الحرب وصلت عائدات النفط تقريباً للصفر، واليوم وبعد استعادة جزء بسيط من الآبار خلال العامين الماضيين، بات لدينا شيء بسيط من النفط. فحتى الآن تأثير النفط الإيجابي على الاقتصاد السوري ما زال محدوداً لأن معظم الآبار تحت سيطرة المجموعات الإرهابية أو الخارجة عن القانون والتي تعمل بمجملها تحت الأمر الأميركي، فإذاً الظرف لم يتغير كثيراً حتى هذه اللحظة بالنسبة لموضوع النفط.

إذا كيف ستواجه الحكومة السورية مسألة الوجود الأميركي في منطقة حقول النفط شرق الفرات؟

أولاً، الأميركي يعتمد على الإرهابيين، فلابد من ضرب الإرهابيين، هذه الأولوية الأولى بالنسبة لنا في سورية، وضرب الإرهابيين يضعف الوجود الأميركي بشكل أو آخر.

لاحقا هناك مجموعات سورية تعمل تحت السيطرة الأميركية، لابد أيضاً من إقناع تلك المجموعات السورية بشكل أو آخر، وخاصة بالحوار، أنه من مصلحة الجميع في سورية أن يعودوا لحضن الوطن وينضموا لجهود الدولة السورية في تحرير كل الأراضي.

بعدها بشكل طبيعي لن يكون هناك أفق لبقاء الأميركي، لكن إذا بقي فهو لديه تجربة العراق. ستكون هناك مقاومة شعبية، ولابد أن يدفع الثمن، وبالمحصلة سيخرج الأميركي.

«الفوضى البناءة»

في الفترة الأخيرة شهدنا احتجاجات شعبية وأعمال شغب في بعض دول الجوار منها العراق ولبنان وحتى إيران، وفي الحقيقة أن هذه الدول تعتبر وإلى حد ما دولا حليفة لسورية، كيف تنظرون إلى ما حدث ويحدث في هذه الدول؟

طبعاً الدول المجاورة تؤثر بشكل مباشر علينا باعتبار أن هناك علاقات مباشرة.. عائلية واقتصادية وكل أنواع العلاقات الموجودة بين أي بلدين جارين، ولكن بالوقت نفسه الشرق الأوسط هو منطقة واحدة، لأن النسيج الاجتماعي متشابه.. العقائد متشابهة، والمصالح مترابطة حتى لو لم تكن هذه الدول بجوارك المباشر، فإذا افترضنا أن هذه التحركات التي تحصل هي تحركات من أجل معالجة مشاكل يعاني منها المواطن، وأنها ستؤدي لتحسين الأوضاع الاقتصادية والسياسية وغيرها داخل كل بلد من هذه البلدان، أستطيع أن أقول إن هذا الانعكاس سيكون إيجابياً، لكن لو أردنا أن نفكر بشكل منطقي، هل ستترك الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة هذه البلدان تتحرك بشكل عفوي؟! لابد أنها ستتدخل، ولا بد أنها ستستغل كل تحرك من أجل خلق الفوضى، لأن سياسة أميركا، على الأقل منذ العام 2000 ومنذ مرحلة حرب العراق، هي خلق الفوضى وهذا ما سموه «الفوضى البناءة»، أيام (وزيرة خارجية أميركا السابقة) كونداليزا رايس و(الرئيس الأميركي السابق) جورج بوش، سميت «الفوضى البناءة»، وهذه «الفوضى البناءة» التي يبحثون عنها هي فوضى تحقق مصالحهم، لذلك عندما تحصل هذه الفوضى في هذه المنطقة أو غيرها من المناطق لابد من أن تؤثر سلباً علينا، الفوضى معدية كالمرض، الفوضى تنتقل، فإذاً علينا أن نتمنى أن تبقى هذه التحركات في إطار الحراك الشعبي الداخلي العفوي.

هل يمكن القول: أينما وجدت الفوضى يمكن البحث عن الدور الأميركي؟

هذا شيء بديهي. وأصبح معروفا الآن في العالم. فالفرق بين سياسات الدول العظمى هو أن أميركا ومن معها، كفرنسا وبريطانيا، تعتقد، أو هكذا تفكر، ونحن نراه تفكيراً خاطئاً وهي تراه صائباً، بأن مصلحة هذه الدول أو هذا المحور هي في خلق الفوضى، على حين تفكر روسيا والصين ومعظم دول العالم معها بأن الاستقرار والقانون الدولي هما اللذان يحققان مصالح العالم سواء كانت دولاً كبرى أو دولاً صغرى.

شكراً جزيلاً سيادة الرئيس على منحنا هذه الفرصة ونتمنى لكم دوام التوفيق والنجاح.

شكراً لكم وأشكر قناة «فينيكس» على هذه المقابلة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن