قضايا وآراء

قمة كوالا لامبور الإسلامية

| تحسين الحلبي

من 19 كانون الأول الجاري إلى 21 منه ستستضيف كوالا لامبور عاصمة دولة ماليزيا بدعوة من رئيسها مهاتير محمد مؤتمر «قمة إسلامية» برئاسة خمس دول هي أندونيسيا وماليزيا والباكستان وقطر وتركيا بحضور حكامها بالإضافة إلى ممثلين من 52 دولة معظمهم من المفكرين ورجال الدين ورجال الأبحاث والسياسيين تحت عنوان: «دور الإنماء في تحقيق الأمن القومي» وسيشارك في هذا المؤتمر عدد من المنظمات والأحزاب الإسلامية بشكل خاص.
وكشفت المجلة الإلكترونية «ميديل إيست إينسينتيون» في 10 كانون الأول الجاري أن الدول الخمس المعدة لهذا المؤتمر لم تقم بدعوة ممثلين من مستوى رفيع قيادي من السعودية وهذا ما جعل الكثيرين يعتقدون أن مؤتمر كوالا لامبور قد يعمل على منافسة منظمة التعاون بين الدول الإسلامية التي تتخذ من جدة مقراً لها ويديرها النفوذ الملكي السعودي فالرئيس الماليزي مهاتير محمد ألمح إلى أن مستقبل مؤتمر كوالا لامبور سيتصدر ساحة العالم الإسلامي.
ولاشك أن مشاركة قطر وأردوغان بهذه القمة بصفتهما من المؤسسين لها سيحمل أبعاداً كثيرة على العلاقات بين الدول الإسلامية بل سيحمل إشكالات تثير التناقضات والانقسامات برغم النيات التي يحملها صاحب المبادرة لهذا المؤتمر مهاتير محمد لتوحيد جهود وطاقات الدول الإسلامية.
يبدو أن قطر وأردوغان يجدان في هذا المؤتمر فرصتهما للاستمرار في سياسة دعم المجموعات المسلحة الإسلامية ضد الدول الوطنية والقومية في العالم الإسلامي، ومن الطبيعي أن يجد الغرب وحلف الأطلسي في تركيا ممثلاً له في مؤتمر كوالا لامبور ومستقبله وإلى جانبه مركز التمويل القطري برغم قدرة ماليزيا وأندونيسيا المالية، وبغض النظر عن مستقبل هذا المؤتمر والإشكالات التي سيولدها في ساحة العالم الإسلامي سيعد استبعاد السعودية ضربة قوية للدور الذي تتمسك به كزعيمة للعالم الإسلامي والممولة التاريخية لنشاطات المنظمات والأحزاب الإسلامية السياسية وسيجد أردوغان في هذا المؤتمر فرصة للعمل على توسيع نفوذه وأشكال عدوانه في المنطقة.
سيحاول أردوغان من دون شك في المستقبل توظيف دوره «القيادي» في مؤتمر كوالا لمبور لحماية توسعه في ليبيا والبحر المتوسط لكنه في الوقت نفسه يدرك أنه لن يستطيع التملص من الاستحقاق المؤكد الذي ستفرضه سورية وحلفاؤها عليه لسحب قواته المحتلة من الأراضي السورية بل إن مؤتمر كوالا لمبور سيصبح مطالباً بالتشديد على كل القرارات الإقليمية والدولية التي تفرض انسحاب القوات التركية والأميركية من سورية.
بالمقابل تشير بعض التحليلات الإسرائيلية إلى الإمكانات الاقتصادية التي سيتيحها هذا المؤتمر لعدد من الدول الإسلامية الكبيرة والتي يمكن لإسرائيل في المستقبل الاستفادة منها عن طريق الدولة الوحيدة من بين الدول الخمس التي تقيم علاقات سياسية واقتصادية معها وهي تركيا. كما ستجد إسرائيل أن تجربة تبادل الممثلين السياسيين بينها وبين قطر في السابق قاعدة تتيح هي الأخرى توظيف هاتين الدولتين في مشروع من هذا القبيل.
لكن واقع الحال بين الدول الخمس قد لا يشير إلى فرصة كهذه طالما أن ماليزيا وأندونيسيا وباكستان تعد من الدول المناهضة للتطبيع مع إسرائيل بل إن باكستان ستكون أكبر المتضررين من سياسة تركيا مع إسرائيل التي تقدم للهند أحدث المعدات الحربية والتكنولوجية، فتناقض المصالح بين الدول الخمس تجاه إسرائيل لن يساعد في أغلب الأحيان في توظيف تل أبيب لأنقرة أو الدوحة للقيام بخدمات لإسرائيل، لكن الواضح هو أن إسرائيل ستعمل على توظيف بعض المنظمات والأحزاب الإسلامية المشاركة في المؤتمر والتي أنشأت علاقات معها ضد سورية في خدمة أهدافها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن