رياضة

صوت الشباب

| مالك حمود

بين التجديد والتجدد حكاية مهمة أصبحت ذات فصول وتفرعات، وكلٌّ يريدها من وجهته وأحياناً على مقاسه، ولكن بالنهاية لن يصح إلا الصحيح، وعلى رأي المثل (الشمس ما بتتغطى بغربال) لأن (من لا يرى من الغربال فهو أعمى).
لن أغوص كثيراً في نظرية التجديد التي تعيشها رياضتنا وبعض ثناياها التي تتطلب مقالات ومطولات، ولكن لأتوقف للمشهد الأخير الذي استوقفني في المباراة النهائية للآنسات بكرة السلة، حيث شهدنا اختلافاً تاريخياً عن كل النهائيات مع تكليف طاقم جديد من الحكام الشبان لقيادة تلك المباراة.
ربما كان للطبيعة التنافسية لهذه المباراة بالذات دور مساعد في التوجه نحو اختيار الشباب لهذه المهمة، ولكن من يضمن لغة الملعب، وتحولاتها الممكنة في منطق الرياضة؟!
بالأمس كانت الصيحات تتعالى مطالبة بتغيير الوجوه التحكيمية التي لم يعد يرى غيرها ذلك اللاعب أو المدرب في المباريات الرسمية، واليوم يأتي التجديد المطلوب، وبالطبع فالخطوة تحسب للجنة العليا لحكام كرة السلة، وهي ليست بجديدة، ولم تأت من فراغ، إذ سبقتها خطوات في التركيز على عنصر الشباب، والبداية الأساسية كانت مع إعطاء عنصر الشباب دوره في قيادة اللجنة العليا للحكام، لفتح الباب أمام أفكار شابة وحديثة وجريئة، وهذا ما شاهدناه وعشناه في الموسمين الأخيرين مع الدفع بالحكام الشباب إلى مباريات الكبار، ووضعهم ضمن الأجواء الرسمية القوية، وتكليفهم قيادة مباريات كبيرة إلى جانب حكام خبراء لمساندتهم في الملعب وإكسابهم القوة والخبرة والتمرس، لتأتي الخطوة الأهم مع إعطاء الحكام الشباب دورهم في قيادة مباراة قمة، والأحلى أنهم ساهموا في جمالية المباراة من خلال ظلهم الخفيف وحكمتهم وصافراتهم.
التجديد جاء في وقته وربما تأخر قليلاً، ولكن أن يأتي متأخراً خير من ألا يأتي أبداً، فالأسرة التحكيمية شهدت نزيفاً واسعاً خلال سنوات الأزمة، فمنهم من رحل ومنهم من اعتزل ولم يبق إلا القلة القليلة من الحكام المخضرمين الذين باتت مهامهم محصورة في التحكيم المحلي، في رياضة تطورها مرهون بتطور حكامها، ومن يعمل بثقة وشفافية وجرأة لابد أن يكون النجاح حليفه حتى لو أخطأ هنا أو هناك، ووحده الذي لا يعمل لا يخطئ، وتكفي الجرأة في نسف الخطوط الوهمية التي كانت ترسمها قاعدة حياد المدينة، وحياد النادي، فالحكم قاض مطالب بالعدالة، والجميع مطالبون بالانصياع لأحكامه ما دامت عادلة ومحايدة وبعيدة من كل الاعتبارات، فكيف لسلتنا وهي تنشئ جيلاً جديداً من الحكام على هذه القيم والمبادئ، فقد آن الأوان كي يعلو صوت الشباب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن