وزارة الثقافة تعلن نتائج جائزة الدولة التشجيعية … خلف والشاهر وحاج حسين فائزو دورة 2019
| سارة سلامة
يشكل المبدعون والمثقفون والمفكرون في أي بلد ركيزة أساسية يتحصن بها الوطن، لما لهم من تأثير حقيقي في بناء المجتمعات والمساهمة في النمو والتطوير والمضي بالوطن إلى الأمام، وحمله إلى المستقبل بصورة واعية وترسيخ قيمه وأفكاره أينما حلوا.
ولأنهم متميزون كان لا بد لنا من تقديرهم واستثارة دوافعهم لتقديم الكثير والكثير، فأتت «جائزة الدولة التشجيعية» لمدهم بالشكر والامتنان وحثهم على المزيد من العطاء.
فلم يتوقف التقدير رغم ظروف الحرب، بل تجدد ليثبت أن سورية بلد القوة والعزة والصمود لا تتوانى لحظة في مناشدة العلم والفكر والإبداع. حيث أعلنت وزارة الثقافة أسماء الفائزين في جائزة الدولة التشجيعية لعام 2019 في مجالات الأدب والفنون والنقد والدراسات والترجمة. وحاز الكاتب المسرحي إسماعيل خلف خلف الجائزة في مجال الأدب والفنان التشكيلي محمد رامز حاج حسين في مجال الفنون والدكتور شاهر إسماعيل الشاهر في مجال النقد والدراسات والترجمة.
ويمنح لكل فائز من الفائزين الثلاثة مبلغ مقداره خمسمئة ألف ليرة سورية وميدالية تذكارية مع براءتها على أن يتم الاحتفال بالفائزين وتسليمهم الجوائز في موعد يحدد لاحقاً.
فكرة الخلود حقيقة
وتوجه الدكتور شاهر في حديث خاص لـ«الوطن» بالشكر الجزيل لوزارة الثقافة ولجنة الخبراء والمحكمين فيها وكل القائمين على هذه المسابقة قائلاً: «لطالما خلدت هذه الجائزة مبدعينا، حيث أصبحت فكرة الخلود حقيقة، فخلود الإنسان مرتبط بعطائه الفكري لا ببقائه العضوي، لقد كانت بدايتي من هذه الوزارة التي تبنت منذ عشر سنوات طباعة كتابي الأول، ففتحت أمامي طريق البحث والعطاء. وكنت وقتها قد حصلت على شهادة الدكتوراه التي أدركت أنها ليست سوى رخصة تمنح للباحث لكي يبدأ، ولا تعني أبداً أنه أصبح عالماً كما يتوهم الكثير فيفشل في مسيرته العلمية».
ولأن قاعدته في الحياة كانت دائماً هي العمل من دون هدف متناقضاً مع ما كنا نتلقاه في مدارسنا من معلمينا ومناهجنا التي تقول عليك أن تضع الهدف وتسعى إلى تحقيقه، بين الدكتور شاهر: «وجدت أن الإنسان عليه فقط أن يعمل حتى لو لم يكن هناك هدف حالياً من عمله، فتراكم العمل سيخلق لك أهدافاً لم تتوقعها. وخاصة أننا اليوم نعيش عصر المعرفة، ففي عالم اليوم الثروة لم تعد تأتي من الزراعة والصناعة والثروات النفطية، بل أصبحت المعرفة المصدر الحقيقي للثروة، والأثرياء في عالم اليوم هم المبدعون والعلماء، فأصبحت الدول تركز على الإبداع والاختراع، وما أكثر المبدعين في وطننا، لكنهم بحاجة إلى تحويل إبداعهم إلى منتج تجاري يجلب لهم الثروة وهذا هو الدور الذي على الدولة أن تتبناه. فالاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في المستقبل، هذا المستقبل الذي ترسمه وتراه عقول مبدعينا النيّرة. وعلينا أن نركز في مدارسنا على تعليم الطالب كيف يصبح عبقرياً، فالعبقرية من وجهة نظري ليست سوى اهتمام زائد لا جينات وراثية كما كنا نتوهم، وهو ما سبب تكلس عقول أجيال كثيرة اقتنعت أنها لم تخلق لتبدع».
ومن خلال هذه المناسبة توجه الدكتور شاهر بكلمات للشباب، مبدعي اليوم وصانعي الغد قائلاً: «إذا كنتم تريدون النجاح فلا تقلدوا نجاح غيركم، لأن نجاحهم أصبح من الماضي، وليكن همكم ما القادم.. لا ما الموجود.. فالثابت الوحيد في هذه الحياة هو التغيير، والمعرفة الحقيقية ليست بالاستماع إلى الأخبار وثقافة الببغاوات، بل بامتلاك المهارات اللازمة لتوظيف المعلومة واستثمارها لصياغة غد أفضل». موضحاً: أن «نجاحي في الحصول على المسابقة كان درساً من دروس النجاح، فقد فشلت في المرة الأولى، لكنني قررت إعادة المحاولة لإيماني بنفسي، ولثقتي أن الفشل ليس سوى عمل غير مكتمل يحتاج إلى متابعة، لكن القدر شاء أن توقف هذه المسابقة لعدة سنوات بسبب ظروف الحرب على وطننا، هذا البلد الغريب في كل شيء، ففي ذروة الأزمة أبدع السوريون في كل مكان، وأعطوا دروساً للعالم في التميز والعطاء».
وختم حديثه بالقول: «حمى اللـه وطننا، وكان مع حماة ديارها وأيدهم بنصره، وحفظ قائدنا لتبقى سورية منارة الفكر في العالم».
والدكتور شاهر إسماعيل الشاهر هو أستاذ العلاقات الدولية بجامعة دمشق وعضو في اتحاد الكتاب العرب وعضو هيئة تحرير مجلة «الفكر السياسي» ويعمل حالياً بروفيسوراً في كلية الدراسات الدولية في الصين بصفة خبير دولي لشؤون الشرق الأوسط، ضمن برنامج تعيين مئة خبير دولي شاب من مختلف الدول والتخصصات العلمية وله /١٣/ كتاباً مطبوعاً في مؤسسات رسمية منها وزارة الثقافة واتحاد الكتاب العرب، كما نشر له أكثر من /٦٠/ بحثاً في مجلات دولية محكمة.
جسر وصل
أما الفنان محمد رامز حاج حسين فأكد: هذه الجائزة احتفاء باللون ومحبيه في زمن أريد للظلام والسواد أن يغلف سماء هذا الوطن الجميل البهي… هي إهداء من أهل الكرم لي وبدوري سأكون جسر وصل لأهديها لأهلي في وطن المكارم والهبات من زيتونة سراقب في إدلب حتى عريشة الياسمين في دمشق… كل عام وأنتم والألوان والوطن الجميل المملوء بالطفولة والنقاء بخير وسلام، وأشكر إدارة الجائزة والمهتمين ولأهلي الكرام الغوالي في وزارة الثقافة النبلاء.
يذكر أن الفنان حاج حسين حاصل على إجازة من قسم الغرافيك الحفر والطباعة في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق ويعمل في كتابة القصص ورسومها للأطفال وعضو في اتحادي الكتاب العرب والفنانين التشكيليين السوريين، نشرت أعماله في مجلات أطفال سورية وعربية وصدر له العديد من القصص والروايات الموجهة للأطفال وهو معد ورسام ومخرج لأفلام الكرتون المتحركة.
لن نغادر الخشبة
وأوضح الكاتب والمخرج المسرحي إسماعيل خلف: «أن للتكريم طعماً مميزاً لأنه يأتي في ظروف استثنائية تعيشها سورية في حربها على الإرهاب، وهذا دليل أن تاريخ الفكر والإبداع لن ينضب في سورية بلد الحضارة والحب وأن تقدير المبدعين حافز لتقديم المزيد والأفضل. مضيفاً: إننا «كفنانين لن نغادر الخشبة بل سنبقى نوقدها من فتيل الأرواح لنضيء مسرح الحياة ولنجعلها خشبة واسعة كما نشتهي مضاءة كما تريد الشمس».
يذكر أن خلف عضو في نقابة الفنانين واتحاد الكتاب العرب أخرج للمسرح أكثر من 60 عملاً وقدمت نصوصه في سورية ومصر والعراق وتونس والجزائر وعمان وحصل على عشرات الجوائز وكرم في العديد من المهرجانات، كما نال جائزة وزارة الثقافة للنقد عام 2007 عن كتابه «هوية مسرح الهواة في سورية»، وله ثلاثة دواوين شعرية وبعض الكتابات التلفزيونية ويعمل حالياً مديراً للمسرح القومي بالحسكة.
وتمنح الجائزة بناء على أحكام المرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2012 القاضي بإحداث جائزتي الدولة التقديرية والتشجيعية في مجال الآداب والفنون للمبدعين والمفكرين والفنانين وذلك تقديراً لهم على عطائهم الإبداعي والفكري والفني.