قضايا وآراء

واشنطن وأنقرة وجهان لعملة واحدة

| رزوق الغاوي

بعد أن أخفقت الإدارة الأميركية في ممارسة الضغط العسكري على سورية بغية النيل من السيادة السورية، وخاصة بعد أن باتت الأزمة التي ألمت بسورية في خواتمها، ذهبت إدارة ترامب باتجاه ممارسة الضغط الاقتصادي على سورية عبر تمركز القوات الأميركية في المناطق التي تحتضن ثروة النفط الوطنية السورية، وفرض سيطرتها عليها وقيامها بالتنقيب غير المشروع عن النفط واستخراجه وبيعه إلى تركيا بعد تهريبه إلى خارج الأراضي السورية بمختلف السبل، في إطار عملية ممنهجة ذات شقين تكتيكي يتصل بالضغط الاقتصادي بعد استبعاد الضغط العسكري، وإستراتيجي يتصل بنية واشنطن السيطرة على النفط السوري حتى إشعار آخر.
بالتوازي، شرعت أنقرة بالإدلاء بدلوها في ميدان المشاركة في سرقة ما يتيسر لها من النفط واقتسام الغنائم النفطية مع شريكها الأميركي، كشرط لوقف عملياتها العسكرية، وهنا يبرز التفاهم الأميركي التركي على استبدال الضغط العسكري بنهب الثروة النفطية السورية، وزعم أنقرة توظيف بعض عائدات النفط المسروق لتغطية متطلبات المنطقة الآمنة المادية التي يسعى أردوغان لفرضها على سورية من دون أية مسوغات قانونية دولية أو إقليمية أو محلية مشروعة.
في السياق أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخراً بعد محادثاته في العاصمة البريطانية مع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، أن بلاده وضعت النفط في سورية تحت سيطرتها وبات في مقدورها التصرف به كما تشاء، لافتاً إلى أن تنظيم داعش الإرهابي حاول المحافظة على سيطرته على النفط السوري، غير أنه أخفق في ذلك وخاصة بعد سيطرة «قسد» عليه إلى أن وقع يبن أيدينا حيث يمكننا أن نفعل به ما نشاء.
تجدر الإشارة هنا، إلى أن واشنطن التي رأت أن مصلحتها تقتضي عدم الانجرار نحو مواجهة عسكرية على الأرض السورية، أمسكت بالخيار الاقتصادي للاستمرار في احتلال بعض الأراضي النفطية السورية، علَّ ذلك يمكنها من اللعب بالحل السياسي عبر توظيف احتلالها لتلك الأراضي بما يمكنها من تشديد ضغطها الاقتصادي عبر تدمير محطات تكرير النفط البدائية في ريف دير الزور، وكذلك تدمير خطوط نقل المحروقات التي بناها الأهالي لنقل النفط الخام بين شطرَي نهر الفرات، وإلغاء عقود استثمار فوضوي كانت «قسد» قد وقعتها مع بعض المستثمرين السوريين في ريفي الرقة ودير الزور لشراء النفط ومن ثم لتهريبه إلى العراق ومنه إلى الأسواق العالمية.
في السياق ذاته، سبق للرئيس ترامب أن قال: «إذا انضمّ إلينا الأوروبيون على الأرض، إلى جانب القوات الأميركية في سورية، فقد يسمح لنا ذلك بإعادة نشر مزيد من القوات هناك»، غير أن الأوروبيين أبدوا معارضتهم لهذه الرغبة الأميركية، حيث أعلن أمين عام حلف الناتو، أن الخلافات بين أعضاء الحلف في شأن شمال سورية لا تزال قائمة، قائلاً في اجتماع وزاري للدول الأعضاء في «التحالف الدولي» في واشنطن: «نحن متفقون على ضرورة الحفاظ على ما تم إنجازه في ما يخصّ عدونا المشترك داعش، ودعم جهود الأمم المتحدة لتحقيق حل سياسي ثابت للمسألة السورية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن