ثقافة وفن

مهرجان اللاذقية الثقافي حضور وتنوع … معادلة الرقيّ بين إبداع صادق، وجمهور شغِف..

| جورج إبراهيم شويط

برعاية وزير الثقافة الأستاذ محمد الأحمد، تابع جمهور المحافظة الثقافي الفني «مهرجان اللاذقية» بنسخته الثانية، الذي تميز بتنوع مناشطه، وحفلت جعبته، هذا العام، بمعارض فن تشكيلي وعروض سينمائية ومسرحية، وافتتاح صالة الكندي بعد طول غياب، إضافة إلى أمسيات فنية، وتوقيع كتب من إصدار الهيئة العامة السورية للكتاب، ومحاضرات أثرية وملتقيات، وأمسيات شعرية، وتكريم لفناني وأدباء ومثقفي المحافظة.
حفل الافتتاح كان بانوراما مشهدية ملفتة، بأناقة إخراجها، والسيناريو الذي تناول حياة مدينة اللاذقية وحضارتها وعراقتها وناسها ومبدعيها، الذين أحبوها وحوّلوا هذا الحب إلى بصمات مشرقة من وهج الإبداع، بمختلف أطيافه الجميلة والممتعة، من أيام أوغاريت إلى اللحظة التي نحن في فضائها الإنساني.

مجد صارم مدير الثقافة باللاذقية قال لـ«الوطن»: نسخة هذا العام تميزت بخروجها من نطاق محلية المحافظة، لتشمل مشاركات من باقي محافظات القطر، ومن دول عربية شقيقة، أيضاً فإن طقس تكريم مبدعي اللاذقية هو محطة وفاء نبيلة، من مدينة الأبجدية لأبناء وأحفاد أوغاريت، الذين واصلوا كتابة صفحات مشرقة، لمدينة البحر والحرف واللون والنغمة، ولناسها الشغوفين لكل ومضة إبداع.
كذلك افتتاح كندي اللاذقية، بحضور السيد وزير الثقافة، شكل إضافة فرح لأهالي اللاذقية، الذين يعشقون السينما بطقوسها القديمة.. وتميز الافتتاح أكثر من خلال عرض الفيلم الروائي الطويل «دم النخل» للمبدع نجدت إسماعيل أنزور، الذي تحدث عن بطولات جيشنا الأسطوري، الجيش العربي السوري.
لقاء حواري مع الفنان القدير جرجس جبارة، أشار فيه الفنان حسين عباس «مدير الحوار» إلى أن جرجس فنان وصديق وإنسان محب، والطفل الذي بداخله لم يغادره أبداً، ومن يلتقه يكتشف ذلك فوراً، من خلال الارتياح الذي يشيعه على من حوله.

من جانبه الفنان جبارة أشار إلى أن النجاح لا يأتي هكذا، وإنما من خلال بذل مزيد من الجهد والتعب والسهر والمتابعة، وأنّ الموهبة ليست كل شيء.

وعن ضيعة ضايعة، المسلسل الذي ما زال الناس يتابعونه بمحبة إلى الآن، فيعود السبب إلى أن كل من عمل بهذا العمل، إنما عمل بكثير من الحب، وبالمقابل، ليس علينا أن نجحف حق باقي الأعمال الدرامية السورية الناجحة المتميزة، واعترف: أنه شارك بأعمال سيئة، وهذا أمر طبيعي ويجعل الفنان، لاحقاً، يميز ويبحث عن الأفضل، وليس من أحد يراهن على نجاح أي عمل، وأن المال يعني أي فنان، لأنه بالمحصلة، إنسان ويحتاج للمال كي يعيش.
وقال: لو عشت 200 سنة، فلن أحقق طموحي، والأعمال الدرامية السورية تحترم فكر وعين المشاهد، ولها بصمتها الجميلة، محلياً وعربياً، والحصار أثر على انتشارها وقوة زخمها.. وسينمائياً فنحن في سورية ليس لدينا صناعة سينما، أو إنتاج سينمائي. ليس لدينا سوى ما تقدمه، مشكورة، المؤسسة العامة للسينما، ولعبة «النجم» لعبة تجارية استعملتها السينما المصرية من خلال اعتمادها على «نجم شباك التذاكر».

أمسية تكريمية من مشروع مدى الثقافي للأديب والكاتب الدرامي حسن م يوسف:

تضمنت عرض فيلم عن الأديب المكرم، ولوحة بريشة الفنانة المغتربة فاليا أبو الفضل، وعزف منفرد للفنان بشار بدر، وتناول الفيلم سيرة حياة الأديب يوسف، ونشاطاته وإبداعاته، في مجال كتابة القصة والمسرحية والزاوية، وفي مجال الصحافة والكتابة الدرامية، وهو الذي اختير في العام 2004 كأحد أهمّ 100 شخصية مؤثرة في العالم، وكتب العديد من المسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية، ونال الجوائز المحلية والعربية. ولفت الأديب حسن م. يوسف إلى أننا للأسف تعوّدنا على تكريم مبدعينا بعد الموت، لكنها لفتة مميزة، من مشروع مدى الثقافي من خلال هذا التكريم.

وقرأ للجمهور جزءاً من قصة حديثة له. كما تلا وصيته، التي كتبها بأسلوب أدبي رفيع.

وتحدث عددٌ من الأصدقاء والحضور، الذين أشادوا بشخصية الأديب المكرّم، وبعمق تقديسه للصداقة وللعلاقات الإنسانية الراقية السامية. وقال:

الكتابة تجربة شخصية، وأيّ عمل جديد هو تحدّ بحدّ ذاته. عندي أفكار لمقالات تكفي لعام كامل، لكنها تحتاج لشحنة.. والكتابة الصحفية التزام، فلو كنت مريضاً جداً، فعليك أن تأخذ، طوعياً، إجازة من المرض ولو لساعة، تكتب مقالتك، ثم تعود لحالتك المرضية من جديد.
وختم أنه ما من كاتب في العالم قال كل ما عنده، وأنه، شخصياً، هو إنسان موجوع ومتشائم، وتساءل: لماذا نحن نخجل من الحب، ونفتخر بالحرب؟

ولماذا كل القضايا النبيلة تبقى قضايا خاسرة؟ ولماذا ذلك الحنين لقريتي «الدالية»؟ فأنا أحنّ إلى الماء الذي شربته بعذوبة، خلال السنوات العشر الأولى من حياتي.

وبمشاركة 65 عازفاً، وحضور كثيف جداً من الجمهور، قدمت الفرقة السيمفونية الوطنية السورية، بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان برنامجاً مميزاً، وقد أكد المايسترو ميساك لـ«الوطن»: أن هذه المشاركة فرصة مهمة وحلوة. وسعداء بالاستقبال الحار الذي لقيناه من جمهور اللاذقية الذواق. وعن البرنامج، أشار إلى أنه منوع، ويشمل تقديم أوبرا حلاق اشبيليا للايطالي روسيني، وكونشيرتو بيانو لموزارت، عزف الطفل قيس الصفدي، من المعهد العربي، وعمل «مرآة»، وهو مقطوعة حوارية للوتريات مع العود والأركسترا، تأليف وأداء الأستاذ عدنان فتح الله، عميد المعهد العالي للموسيقا، وأغنية من أوبرا حلاق اشبيلية، بصوت وأداء الفنان ميخائيل تاطرس، ورقصة باليه ماسكاراد للمؤلف خاشادوريان، إضافة إلى 4 أغان للمؤلف المبدع نوري الرحيباني، ورقصة تانغو من أميركا اللاتينية.

ولأن اللاذقية، مهد الحضارة والأوابد الأثرية فقد شهد المهرجان عدة محاضرات أثرية عنها: «اللاذقية في القرون الوسطى للباحث إبراهيم خير بك، والمكتشفات الأثرية الجديدة في منطقة جبلة للدكتور مسعود بدوي، وآخر التنقيبات الأثرية في موقع أوغاريت، للباحثة خزامة بهلول».

ومحاضرة عن «تاريخ السينما في اللاذقية قدمها الباحثان عوض القدرو ونائل تركماني».
كما شهد المهرجان إطلاق حملة تشجير غابة في منطقة البهلولية، بأسماء شهداء حريق الغابات الأخير «بسام جناد وجلال صقر»، من قبل فريق مهارات الحياة. أيضاً زيارة متحف برهان حيدر للتراث الشعبي، مع أداء حيّ للحرفيين عن الحرف التقليدية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن