رياضة

مشاهدات من الدوري الكروي الممتاز.. المدربون وعوامل النجاح … تغيير المدربين تقليد رسمي يفتقد الضوابط والمعايير الصحيحة

| ناصر النجار

قضية تغيير المدربين في الكرة السورية صارت تقليداً رسمياً يرافق النشاطات المحلية بكل درجاتها وفئاتها، والأمر هذا في ازدياد واتساع وقد شملت رقعته الدوري الممتاز للرجال والشباب ودوري الدرجة الأولى أيضاً.
والقضية صارت مستباحة بلا أي ضوابط، والمبرر الوحيد هو سوء النتائج، ومن حيث المعنى العام فإن سوء النتائج مبرر للتغيير إذا كانت كل الآليات والعوامل والظروف والإمكانيات متوافرة، فهل كان التغيير في الدوري الممتاز مجدياً في كل الحالات، وهل الهم الأول والأخير هو حصد النتائج على حساب أمور أخرى قد تبدو أكثر أهمية؟
هنا نستطيع القول: إنه في الأندية التي يتوافر بها مقومات النجاح فإن النتائج والأداء هما شرطان أساسيان لبقاء المدرب أو لتغييره، أما الأندية الأخرى فإن النتائج ليست مبرراً للتغيير لأن هناك أموراً أهم يجب أن تنجز قبل البحث عن العملية الفنية.
في الأرقام نجد أن التغيير شمل ثمانية أندية منذ انطلاق الدوري، وهناك ناديان بدلا مدربيهما قبل الدوري بوقت قصير وهما الاتحاد والكرامة وهذا يشير إلى أن أغلب أنديتنا تعيش حالة اللااستقرار على الصعيد الفني.
رقمياً فإن التبديل طال طاقم الفريق الفني بأكمله وهذا يؤدي إلى أن التغيير قارب السبعين مدرباً مع مدربي حراس المرمى، فكل مدرب له طاقمه الذي يرتاح معه وهذه مشكلة كبيرة بحد ذاتها.

عوامل الناجح

قبل أن نأتي على ذكر أسماء المدربين المغادرين وأسباب ذلك، لا بد من ذكر عوامل النجاح التي يجب أن تكون متوافرة بالفريق ليستطيع المدرب تقديم نفسه بشكل جيد، وهنا نتساءل أولاً: هل المدربون المحليون في الدوري على قدر عالٍ من الكفاءة، وهل تكفي الشهادات الآسيوية الممنوحة لتصنع لنا مدرباً قادراً على إحداث نقلة نوعية بالفريق؟ وهل يكفي تراكم الخبرة المحلية لنقول إن هذا المدرب ناجح؟ وكيف ننظر إلى مدربينا الشباب وماذا يجب أن نقدم لهم لينجحوا في مهامهم؟
قبل أن نخوض في الإجابات لا بد من التذكير أن الكثير من المتلونين ما زالوا يضعون العصي في عجلات المدربين، فناد ما تجد الإداري يحفر للمدرب، ونادٍ آخر تجد المدرب المساعد لا يتعاون مع المدرب الرئيسي، وهناك من يعتبر أن المدرب محسوب على عضو إدارة نحن على خلاف معه، وهكذا من أمراض تسري في أنديتنا ويدفع في نهايتها المدرب ثمناً باهظاً، وبالمحصلة العامة فإن النادي هو الذي يدفع الضريبة الكبرى.
في الجواب عن الحالة العامة لمدربينا نجد أن ما وصلوا إليه من مستوى هو نتيجة اجتهاد شخصي بحت، ونجاح المدرب كنجاح الطبيب، كلما اجتهد تطور، والاجتهاد لا يكفي بالمتابعة فقط، بل بحاجة إلى دورات متقدمة متتالية.
تراكم الخبرة عند مدربينا المخضرمين لا تكفي مع تطور كرة القدم وتعدد خططها وأساليبها، وأنا مع جيل جديد من المدربين الشبان شريطة الاهتمام بهم وإلحاقهم بفترات تعايش مع مدربين عالميين وهذه مسؤولية أنديتنا واتحادنا الكروي.
العوامل التي تساهم بنجاح المدرب عديدة لكن أغلبها مفقود في الأندية وفي فكرنا الكروي، من هذه العوامل استقرار الدوري وثبات مواعيده، فكثرة التأجيلات والتوقفات لها مردود سلبي على الأندية وجاهزيتها.
سوء الملاعب لا يخدم الفرق التي تعتمد المهارة وفنياتها عالية وهو يخدم الفرق التي تعتمد القوة البدنية أو الأساليب الدفاعية.

ضعف التحكيم يساهم بضياع جهد الفريق وبالتالي جهد المدرب وهذا الأمر ينطبق على أغلب الفرق.
عدم الثبات على تشكيلة موحدة مع بدء الدوري مشكلة كبيرة وهذه يتحمل مسؤوليتها المدرب دون غيره، فهو المعني بالتشكيل والتبديل وهو مسؤول عن خياراته وأسلوب اللعب الذي يناسب الفريق.
ضعف إدارات الأندية، فبعض الإدارات تسمح للبعض بالتدخل في عملها وعمل المدربين سواء كانوا من الأشخاص النافذين أم الداعمين أم الطواويس من اللاعبين.

وجود مشاكل خلافية بالإدارة الواحدة ينعكس سلباً على العمل الفني وعلى المدرب الذي يعيش دوامة هذا معه وهذا ضده.
وجود أشخاص متنفذين من خارج إدارة النادي غايتهم تفشيل الإدارة وسلاحهم في ذلك يبدأ من إسقاط كرة القدم في النادي.

ضعف الواردات المالية وهذا وحده يسبب مشاكل مع اللاعبين الذين قد يتقاعسون بسبب تأخر مستحقاتهم المالية، واعتماد بعض الأندية على هبات وتبرعات الداعمين يسمح لهؤلاء بالتدخل بعمل الإدارة وربما بعضهم فرض شيئاً ما على المدرب تحت ضغط المال وحاجة الفريق إليه.

كلما ازداد وجود هذه السلبيات ضعف عمل المدرب وقل مردوده، وللأسف فإن أغلبية الأندية تعاني من هذه المعوقات أو بعضها، وهذا بالمختصر داء يهدد الكرة السورية بعدم التطور المنتظر على الدوام.

الصبر مطلوب

أمام هذا كله نجد أن الصبر على المدرب هو الحل الأمثل وصولاً إلى نتائج مستقبلية، وهذا يخص الأندية التي لا تملك المقومات الكافية، ودوماً البحث عن حلول جذرية أفضل من البحث عن حلول إسعافية، وهذا ينطبق على أغلب أندية الدوري التي يتراوح ترتيبها من السابع إلى الأخير، هذه الأندية تحتاج إلى بناء فرقها بشكل جيد واعتماد الدماء الشابة أفضل من اعتمادها على أسماء منتهية الصلاحية وهذا ما وجدناه بعد عشر مراحل.
كرة القدم ليست بناء مسبق الصنع بل بناء أصعب بكثير يتطلب مراحل عديدة وخامات وصبراً.
في الحلقة القادمة نستعرض التغييرات في الدوري وأسبابها ومسبباتها في كل نادٍ على حدة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن