من دفتر الوطن

ساعي البريد!

| عصام داري

بما أنني في هذا الوطن، وأكتب كل أسبوع في «دفتر الوطن»، وبما أنني أنتقد الفساد وأقف مع الناس«الغلابة» كما يقول الأشقاء المصريون، أو المعترون، كما نقول في لهجتنا الدارجة، فقد حمّلني عدد كبير من هؤلاء «الغلابة» رسائلهم التي تحمل هموم كل أو معظم الناس، لنشرها هنا، فلعل وعسى أن يصل صوتهم إلى من يجب أن يصله الصوت، ويا «سامعين الصوت».
ومن حرصي على تلبية رغبات هؤلاء وأولهم جاري وجار جاري وجار جار جاري حتى ما بعد سابع جار، قررت ممارسة دور ساعي البريد النشيط ونشر شكاوى هؤلاء دون حذف أو إضافة، ومسبقاً أعتذر من أصحاب الشكاوى الساخنة لأنها وصفة مجربة تقود صاحبها إلى القبو.
أول شكوى من شاب خريج جامعي منذ سنوات ويعمل حالياً في أحد المطاعم «مرماطون» وهو لا يريد وظيفة أو بيتاً، بل يريد زوجة، وطلب أن يخترعوا بطاقة ذكية للزواج على غرار بطاقة الغاز والمازوت والبنزين، على أن تكون الزوجات صالحات للاستخدام البشري وبأسعار تشجيعية.
وعلى ذكر البطاقة الذكية طالبني جاري بنقل شكواه من أنه يمتلك بطاقة ذكية لكنه منذ شهر لم يحصل على أسطوانة غاز واحدة، في حين يوجد عند ناطور البناء العديد من أسطوانات الغاز ويبيعها بسعر سياحي ما بين 12 و14 ألف ليرة سورية لا غير، مع العلم أن هذا الناطور اشترى سيارة منذ فترة وجيزة!
أما «سابع جار» فقد أوصاني بالكتابة على الكهرباء، ولم يضف شيئاً آخر إلا كلمة واحدة: «وأنت بتعرف الوضع» وبما أنني أعرف الوضع أضع الشكوى برسم السيد وزير الكهرباء وكل من يعمل في هذه الوزارة وهم «يعرفون الوضع»!
أم حامد، أطال اللـه عمرها، قالت لي: إذا كنت ستكتب شكاوى الناس، أرجوك أن تسأل السيد رئيس مجلس الوزراء عما إذا كان يعرف المبالغ التي يتقاضها المتقاعدون أمثالي، وما إذا كان بالإمكان زيادتها كي تكفي لشراء الخبز«الحاف» طوال الشهر، ونحن غير طماعين، الخبز يكفينا! فعلاً هي أم حامد، لكنها طماعة «شوي» هل من الضروري أن تأكل ثلاث وجبات خبز في اليوم، يا لطيف على الناس المبذرة!
أبو وجيه لديه سؤال «وجيه» فهو يقول: لماذا لا تفرض الدولة على مطاعم وفنادق النجوم المتعددة ضريبة فقر تضاف للفواتير وتحول إلى فقراء الوطن، فهي قد تساعد أم حامد وسواها على شراء الخبز وقليلاً من الفلافل؟ فعلاً وجهة نظر صائبة من أبو وجيه.
كفاح أبو نضال يقول: فرضت الولايات المتحدة على كوبا حصاراً جائراً ومحكماً استمر أكثر من نصف قرن، لكن ذلك لم يجعل الكوبيين يجوعون أو يستسلمون، بل أبدعوا في الزراعة والصناعة والطب، حتى إنها أصبحت من بين ثلاث دول في طب العيون في العالم، وهي تحت الحصار، فلماذا لا نتخذ من كوبا أنموذجاً نحتذي به؟
هناك رسائل عديدة أحملها في جعبتي عن ارتفاع الأسعار الجنوني بعد زيادة الرواتب، فارتفاع الأسعار ابتلع زيادة الرواتب، بل قضم جزءاً من الراتب الأساسي.
لم أستطع نقل كل الرسائل، فيا لي من ساعي بريد بليد، لكن خيرها بغيرها، وأنتم جميعاً تعرفون أن الرسائل لن تصل إلى أي مكان!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن