عربي ودولي

الدستور يخوّل رئيس الدولة تكليف من يراه لتشكيل الحكومة الثانية … البرلمان التونسي يسقط حكومة «النهضة»

| وكالات

رفض أعضاء البرلمان التونسي منح الثقة للحكومة التي اقترحها الحبيب الجملي بعد ما يقارب شهرين من تكليف الرئيس قيس سعيّد للجملي المقترح من طرف حركة النهضة الفائزة في الانتخابات التشريعية، بتشكيل الحكومة.
وصوّت 72 نائباً فقط بالموافقة على الحكومة في حين رفضها 134 نائباً واحتفظ ثلاثة نواب بأصواتهم. وكان على حكومة الجملي أن تحصد أصوات 109 نواب من أصل 217 نائباً في البرلمان لتنال الثقة.
وضّمت الحكومة المقترحة، التي يرأسها الحبيب الجملي، 42 عضواً بين وزراء و«كتّاب دولة» أي وزراء مساعدون.
ومنذ قدّم الحبيب الجملي رسمياً لائحة الحكومة المقترحة، شكّل العدد الكبير لأعضائها وجهاً لاعتراض البعض.
وواجهت حكومة الجملي أيضاً انتقاداً لغياب عدد مقبول من النساء ضمن القائمة التي ضمت أربع وزيرات من جملة ثمانية وعشرين وزيراً وست وزيرات مساعدات من جملة أربعة عشر وزيراً مساعداً.
وقال الحبيب الجملي حينها إن التمثيل النسائي في حكومته، المكوّنة من اثنين وأربعين وزيراً بلغ قرابة أربعين بالمئة، وهو الأمر الذي أثار موجة من السخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أن عدد النساء في قائمة الجملي عشر نساء أي أنه لا يتجاوز 25 بالمئة.
وألقى رئيس الحكومة المكلف خطاباً في بداية جلسة البرلمان قدّم فيه أعضاء حكومته وبرنامجها، في حين وصف بعض النواب خطاب الجملي بالشعبوي وقال النائب عن الكتلة الديمقراطية عدنان الحاجي: إنه لا يرتقي إلى أن يكون خطاباً سياسياً.
وقال الجملي: إنه «لأول مرّة في تاريخ تونس سيكون رئيس حكومتها ابن فلاح من أعماق الريف».
هذه العبارة مثلما لاقت استحساناً، رأى فيها نوّاب في البرلمان ومتابعون للجلسة «شعبوية» و«لعباً على نعرات طبقية وجهوية».
وأبقى الجملي على وزير وحيد من الحكومة السابقة هو وزير السياحة روني الطرابلسي، وكان الطرابلسي قد أثار جدلاً منذ طرح اسمه ضمن التشكيلة الجديدة.
وهذا الجدل ليس جديداً، لكنّه مستمرّ منذ انتشرت أنباء، غير مؤكدة، عن حيازة روني الطرابلسي التونسي يهودي الديانة على الجنسية الإسرائيلية.
ثم زاد الجدل حين اقترح الوزير منح الإسرائيليين من أصول تونسية جوازات سفر تونسية تسهّل زيارتهم لـ«بلدهم الأم» خاصة أثناء موسم حج اليهود إلى «الغريبة» الواقعة في جزيرة جربة في الجنوب التونسي.
كما أثار وجود اسم زير الدفاع المقترح، القاضي عماد الدّرويش ضمن الحكومة المقترحة لغطاً كثيراً، وأثار غضب عدد من القضاة والحقوقيين، الذين يعتبرونه أحد أذرع نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
ونشرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بياناً يوم الإثنين الماضي تعلن فيه رفضها لتعيين الدرويش وزيراً للعدل.
ونصّ البيان أيضاً على رفض الهيئة لوجود وزراء آخرين في التشكيلة المقترحة تحوم حولهم «شبهات فساد».
وبدوره قال النائب عن حركة النهضة صاحبة العدد الأكبر من المقاعد في البرلمان نور الدين البحيري في مداخلته: إن إسقاط الحكومة المقترحة خطر في ظل «طبول الحرب التي تدقّ في ليبيا»، وأعلن أن حركة النهضة تدعم حكومة الحبيب الجملي.
واقترح بعض نوّاب البرلمان التصويت بالموافقة على الحكومة ومنحها فرصة للعمل ثم محاسبتها بعد فترة والبت في سحب الثقة منها أو «تثبيتها».
وكان رئيس الحكومة المكلّف الحبيب الجملي قد وعد في وقت سابق بتعديل تشكيلة الحكومة بعد المصادقة عليها وتعهّد «بتغيير الوزراء الذين رفضهم السياسيون أو تحفظوا على وجودهم ضمن التشكيل الحكومي».
وقال النائب عن حركة النهضة أسامة الصغير: إن كلمات بعض النوّاب الرافضة للحكومة قدّمت أسباباً «واهية» للرفض.
واتهم الصغير الرافضين للحكومة بعدم المبالاة بمصالح المواطنين وبحاجتهم لإتمام المشاريع المتوقفة على تنصيب الوزراء.
وكان تصويت أول من أمس، وبحسب الدستور، آخر فرصة للحبيب الجملي وحكومته المقترحة، ورسمياً آخر فرصة أيضاً لحركة النهضة في اختيار رئيس وزراء مكلّف.
حيث سيختار الرئيس قيس سعيّد الآن بعد مشاورات سياسية شخصاً يراه قادراً على نيل ثقة النواب وعلى تشكيل حكومة تحظى بأغلبية مطلقة من أصواتهم، لذا تحوّل المعلّقون الآن للحديث عن «حكومة الرئيس».
يرى متابعون للوضع أن الحكومة القادمة التي ستعرض على البرلمان ستكون اختباراً لشعبية قيس سعيّد ومدى التوافق السياسي حوله.
بينما يعتبر آخرون أن التصويت للحكومة المقبلة بالقبول أو بالرفض لن يكون له علاقة بقيس سعيّد حتى لأن التصويت يكون «جملياً» أي على كل الوزراء المقترحين وبرنامجهم المطروح كاملاً دون استثناء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن