ثقافة وفن

عرض «سلطان زمانو» استعراضي يحكي هموم المواطن السوري … سعيد حناوي لـ«الوطن»: المشوار في تقديم النصوص شائك وفي بدايته لابد من التضحيات

| سوسن صيداوي

لم يكتف في الإشغال بامتهان نوع واحد، بل عاش الفن على مدار الساعات، تَنفسه وتابعه بكل دقة لكل تفصيلة كبيرة أو صغيرة، متنوعاً في التجارب بين التمثيل والإخراج والتنفيذ الفني، انتهاءً بالتأليف والكتابة، فارداً اسمه في الوسط، رغم أنه في بداية المشوار التأليفي ضحى بالاسم مقابل اقتناصه الفرص وتحصيل الخبرة مع تنوع الأعمال والمجالات المتنوعة التي خاضها. حوارنا اليوم مع سعيد حناوي الساعي لتصوير الواقع بشفافية تامة، ليكسب قلوب الناس ومتابعتهم سواء في المسرح أم السينما أو الدرما. وبقي -قبل الحوار معه- أن نذكر لكم بعضاً من أعماله: في المسرح قدّم عدّة أعمال مع المسرح الشبيبي، منها «ظل رجل القبو» الذي قام بإخراجه. في السينما قام بإخراج الفيلم القصير «فحم أبيض». في التلفزيون وكممثل شارك في «الغربال». وأخيراً في التأليف والكتابة: «صرخة روح» في جزأيه، «دنيا» في الجزء الثاني، «الرابوص».

البداية من المسرح ومؤخراً عرض «سلطان زمانو» الذي شارك به تأليفاً وتعاوناً فنياً… لنقف هنا… حدثنا عن النص ومشاركتك بالتأليف فيه؟.. هذا وبرأيك هل سيعود مسرح الخيام إلى نشاطه السابق؟
لقد كانت بداية «سلطان زمانو» من المنتج أسامة سويد، الذي قرر العودة من بعد توقف طويل عن عروض المسرح الشعبي بسبب الأزمة والحرب، وها هو اليوم يرجع ليعيد أمجاد مسرح الخيام كما كان في سابق عهده، ولابد من الإشارة إلى أن مسرح الخيام لم يتوقف عن العروض المسرحية الخاصة بالأطفال، وقد عُرف في عشر السنوات الأخيرة بمسرح «جدّو أسامة» من خلال العروض المقدمة والمخصصة للأطفال والعائلة. وها هو أسامة سويد يعود بقوة وقد اختار هذه المرة بطلاً لعرضه الفنان محمد خير الجراح، واتفقا فيما بينهما على تقديم عرض مسرحي غنائي استعراضي، وتم اختياري لأكون مؤلف وكاتب باكورة فرقة مسرح سورية، ويعود السبب لأنني كنت في السنوات السابقة أعمل معهم كممثل في عدد من المسرحيات التي أُنتجت في الفترة التي سبقت سنوات الأزمة السورية.
وقد قرر «سويد» مع «الجراح» تقديم عرض استعراضي يحمل حكاية قريبة من كل فئات المجتمع السوري وتحكي عن هموم المواطن على الصعد كافة، وجاءت رسالة النص لتوجه دعوة للحب بكل أشكاله، لأن الحب هو الحل الوحيد لكل الأزمات ومشكلات المجتمع والحياة التي نعيشها.
وأحب أن أضيف هنا بأن فرقة مسرح سورية بإدارة أسامة سويد والأستاذ محمد خير الجراح، ستستمر لعدة مواسم في عروضها المسرحية ولن تتوقف عند العرض «سلطان زمانو».

بدأت المشوار كمساعد مخرج منفذ لعمل بيئة شامية من إخراج كنان إسكندراني، ولكنك تابعت ككاتب -من دون أن يُذكر اسمك- مشاركاً في تأليف العديد من الأعمال، لتُعرف من بعدها ككاتب.. السؤال: لماذا ضحيّت باسمك في بداية مشوار التأليف.. وبرأيك هل هذه حركة صائبة في صون الحقوق؟
بالنسبة لعملي في الدراما التلفزيونية، نعم كان لابد لي من العمل مع بعض الكتّاب الذين لهم بصمتهم في الكتابة، وشاركت بكتابة العديد من الأعمال التي ذاع صيتها، ولكن لم يكن لي نصيب ذكر اسمي عليها، كنت أعلم حينها بأنه سيأتي الوقت الذي سأتفرد به في كتابة أعمال تلفزيونية تحمل اسمي فقط، وفعلاً كما خططت لمستقبلي حدث ما أعمل وأجتهد لأجله، هذا وأضيف بأن المشوار في الكتابة التلفزيونية وتقديم النصوص للدراما صعب جداً وشائك، وفي البداية لابد من تقديم التضحيات العديدة.

قمت بالعديد من الأمور: إخراج فيلم بعنوان «فيلم أبيض»، وعمل في التلفزيون كمساعد مخرج، وكمخرج منفذ، ومؤلف وسيناريست لعدة أعمال درامية محلية وعربية… أي من الأمور السابقة الأقرب إلى نفسك وأكثر توقاً في الاجتهاد للعمل فيها، وسؤال آخر: ألا تخشى من أن تقع بفخ الشتت أو عدم التركيز؟
بعد عملي في الوسط الفني في أكثر من خيار «مساعد مخرج -مخرج منفذ-مونتير» بدأت بمشوار التأليف، وقراري هنا لم يكن عشوائياً، لأنني كنت أمهّد لرسم خريطة طريق لي، فمنذ طفولتي وأنا أهوى التأليف بل أحلم بأن أكون كاتباً وأمتهن مجال الكتابة، ولكن كان لابد لي من أن أعرف كل ما يدور في الكواليس، من حيث وكيف تتم عمليات التصوير التلفزيوني من بدايتها من التحضيرات الأولية وحتى توزيع الأدوار ومن ثم التصوير وبعدها المونتاج. وأعتقد بل أجزم بأن الكاتب الناجح هو من يُلم بكل هذه التفاصيل حتى يستطيع كتابة عمل درامي تلفزيوني أو سينمائي، إضافة إلى الثقافة والدراسة والاطلاع على كل جوانب الحياة التي يعيشها المجتمع. وبالنسبة للسؤال الآخر. بالفعل… نعم كنت أخاف التشتت وعدم التركيز، ولكن بقيت مع نفسي كثيراً لأضع بصمة خاصة بي.

في مواضيعك المطروحة تذهب دائماً لتجسيد الواقع بحلوه ومره.. ما تعقيبك؟
أعتقد أن الدراما هي نتاج الواقع الذي نعيش فيه وعلى جميع الأصعدة، لذلك عندما أكتب وحتى أكون صادقاً، أصور كل ما يدور حولي، وكل ما أراه، كما أضع النقاط على الحروف في كل أعمالي. وهنا لابد من التأكيد بأن كل الأعمال الواقعية التي أُنتجت وحازت على النجاح المبهر لدى كل الشرائح المجتمعية، تمت متابعتها أكثر من الأعمال البعيدة عن حياتنا وتقاليدنا وأعراقنا.

في الدراما السورية.. السعي للترويج ونيل ود وقبول الفضائيات التي تشتري الأعمال، ألم يُضعف من درامانا لكونها تتقيد وتتحدد بأطر معينة؟
في النهاية العمل في الدراما هو صناعة، وهذه الصناعة تحتاج إلى سوق لترويجها. نعم هذا سبب رئيسي في ضعف الإنتاج الدرامي السوري، بعيداً عن عدة أسباب أخرى لا داعي لطرحها هنا، مع العلم رغم ذلك لا تزال الدراما السورية هي الأقوى، رغم أن هناك أيادي كانت سبباً في توقفها أو ضعفها، ويجب إعادة النظر في هذه الأيادي ووضع الأشخاص المناسبين في مكانهم الصحيح.

لنبق في الدراما ولنتحدث حول الجلبة الرمضانية التي تقع بفخها الأعمال التي لا يمكن بأي حال من الأحوال متابعتها ككل… برأيك هل يمكن إيجاد حلول منصفة لهذه الظاهرة السنوية؟
لقد بات شهر رمضان الفضيل، هو السباق الذي خلاله يتم عرض الأعمال الجديدة على الشاشة، والكل -أو الأغلب- يعمل للبيع والعرض في هذا الشهر بالذات. وبصراحة أعتقد أن الحلول في هذا الموضوع تكون بكثافة الأعمال التي هي بنوعية وجودة عالية، كما يجب العمل على توزيعها على مواسم السنة كلها، إضافة إلى إنشاء عدد من شركات الإنتاج، وافتتاح قنوات فضائية خاصة لطرح هذه الأعمال.

في الختام من بعد «سلطان زمانو» ما الجديد.. على الصعد المسرحية كافة أو السينمائية وحتى الدرامية؟
بين يدي العديد من الأمور، وفي الوقت الحالي أقوم بتحضير عمل مسرحي جديد، ولكنني أعمل عليه بكثير من التأني والهدوء. كما أقوم بكتابة الحلقات الأخيرة لعمل درامي، وهناك شركة إنتاج تتواصل معي من أجله، وسيتم الإعلان عنه وعن الجهة المنتجة في الوقت المناسب، ولكن ما يمكنني قوله هنا إن العمل في الدراما الاجتماعية، بخطوط ومحاور تلامس الوضع النفسي للإنسان ككل، ويدخل في اللاوعي الداخلي للشخصية البشرية، بمعنى أن العمل سيطرح قضايا ذات أطوار غريبة لم تُطرح من قبل، لكنها موجودة في عالمنا البشري.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن