سورية

أردوغان حذر موسكو من إمكانية «خسارة» صداقة أنقرة … الغرب يستثمر في خرق مقاتلات روسية للمجال الجوي التركي.. وموسكو تؤكد: «ناتو» انجر إلى حرب إعلامية

وكالات :

سريعاً بدأ الغرب محاولة اقتناص الفرصة لتأجيج توتر بين تركيا وروسيا على خلفية خرق مقاتلات روسية المجال الجوي التركي خلال الأيام القليلة الماضية، وما تبعها من استدعاء لسفير موسكو في أنقرة مرتين، وتحذير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان روسيا من إمكانية «خسارة» صداقة تركيا، الأمر الذي فسرته موسكو بأن حلف شمال الأطلسي «ناتو» انجر إلى حرب إعلامية ترمي إلى تشويه أهداف العملية الروسية بسورية، وذلك بعد أن كرر الحلف مزاعمه حول الطابع المتعمد لحادث اختراق مجال تركيا الجوي، وخاصةً أن مصادر روسية أكدت أن المقاتلات الروسية في سورية لا تضم طائرة من طراز «ميغ 29» التي ادعت تركيا أنها قامت بمضايقة مقاتلات تركية. وأعلن الجيش التركي عن تعرض مقاتلات تركية من طراز «اف16» الإثنين لـ«مضايقات» جديدة من طائرة «ميغ29» مجهولة الهوية أقدمت على تشغيل رادارها لتحديد هدفها استعداداً لإطلاق صاروخ لمدة «استمرت أربع دقائق وثلاثين ثانية».
وأضاف: إن «مضايقة» أخرى طالت طائراته هذه المرة بصواريخ «أرض-جو» نشرت على الأراضي السورية استمرت أربع دقائق و15 ثانية.
وعلق أردوغان على الخرق الثاني لطائرة روسية للمجال الجوي التركي، بالقول خلال تصريح صحفي من بلجيكا: «علاقاتنا مع روسيا معروفة للجميع، لكن إذا خسرت روسيا صديقاً مثل تركيا تتعاون معه في عدة مجالات، فإنها ستخسر الكثير. يجب أن تعلم روسيا ذلك».
وأضاف: «لا يمكننا البقاء مكتوفي الأيدي والتغاضي عن ذلك» بخصوص الانتهاكات للمجال الجوي التركي السبت والأحد من مقاتلات روسية على الحدود بين تركيا وروسيا.
تصريح أردوغان جاء بعد يوم من تحذير رئيس حكومته أحمد داوود أوغلو من أن أنقرة ستفعل قواعد الاشتباك بغض النظر عن الجهة التي تنتهك مجالها الجوي. واستدعت أنقرة سفير موسكو لديها للمرة الثانية في يومين «للاحتجاج بشدة» بعد قيام مقاتلة روسية مجدداً بانتهاك مجالها الجوي بالقرب من الحدود السورية كما أعلن مسؤول في وزارة الخارجية أمس.
وقال المسؤول لوكالة «فرانس برس»، رافضاً الكشف عن اسمه «لقد تم استدعاء السفير الروسي للمرة الثانية (الإثنين) للاحتجاج بشدة على انتهاك آخر للمجال الجوي التركي الأحد».
بالمقابل أكدت روسيا رداً على هذه الأنباء أن مجموعتها الجوية في سورية لا تضم أي طائرات من هذا الطراز، ومن ثم أعلنت أنقرة عن تسجيل حادث آخر لاختراق الأجواء التركية من مقاتلة روسية، زعمت أنه وقع الأحد من دون أن توضح سبب تأجيل الإعلان عن هذا الحادث ليومين. ولم تؤكد موسكو حتى (ساعة إعداد هذا الخبر) صحة هذه المزاعم، موضحةً أنها تدرس المعطيات التي سلمتها أنقرة بهذا الشأن.
ويتهم الغرب موسكو باستخدام الغارات كغطاء لضرب من يسميهم الغرب «معارضة معتدلة»، بينما تؤكد روسيا أنها تستهدف تنظيمات إرهابية.
واعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أمس أن انتهاك المجال الجوي التركي «ليس عرضياً» فيما تحدثت موسكو عن «ظروف مناخية سيئة» لتفسر هذين الحادثين.
من جانبها ردت موسكو على اتهامات الغرب، مؤكدةً أن حلف «ناتو» انجر إلى حرب إعلامية ترمي إلى تشويه أهداف العملية الروسية بسورية.
وقال مندوب روسيا الدائم لدى حلف «ناتو» ألكسندر غروشكو تعليقاً على تصريحات ستولتنبرغ: إنها تترك انطباعاً بأنه تم استغلال حادثة اختراق الأجواء التركية من أجل جر «ناتو» برمته في الحملة الإعلامية التي أطلقها الغرب من أجل تشويه أغراض عملية سلاح الجو الروسي في سورية. وذكر بأنه تقليدياً يتم توضيح ملابسات مثل هذه الحوادث عبر قوات عسكرية ثنائية، أما تجاهل «ناتو» للتوضيحات التي قدمتها روسيا وعقده اجتماعاً طارئاً لبحث هذا الحادث البسيط، يكشف عن الهدف الحقيقي وراء كل هذه التحركات والتصريحات الرنانة.
وسبق لروسيا أن اعترفت بأن مقاتلة تابعة لها تشارك في الغارات الجوية في سورية دخلت المجال الجوي التركي لثوان عدة يوم السبت، وذلك في أثناء مناورتها قبيل الهبوط في مطار حميميم السوري في اللاذقية. وبررت وزارة الدفاع الروسية هذا الخطأ بسوء الأحوال الجوية في المنطقة، مضيفةً: إن قيادة العملية اتخذت الخطوات الضرورية لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.
واعتبر موقع «روسيا اليوم»، أنه من اللافت أن تبايناً برز في التصريحات الرسمية التركية بشأن الحادثة، وفي الوقت الذي أصدرت وزارة الخارجية التركية بياناً عبرت فيه عن احتجاج شديد على خرق الأجواء التركية، أكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أغلو على انفتاح أنقرة على الحوار مع موسكو، واصفاً حادث اختراق المجال الجوي لبلاده بأنه خطأ بسيط، وعد الجانب الروسي بأنه لن يتكرر.
وفي طليعة القلقين بسبب حادث اختراق الأجواء التركية، كانت واشنطن التي حملت «ناتو» على مشاطرة قلقها هذا، إذ اعتبر البنتاغون أن الحادث المذكور لم يأت «صدفة».
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مصدر في وزارة الدفاع الأميركية قوله: «إنني لا أصدق أنه جاء صدفة. بل يأتي هذا الحادث كتأكيد على قلقنا العميق حيال ما يعمله الروس في سورية. ومازالت النيات الروسية تثير أسئلة كثيرة».
وكشف المصدر وفق «روسيا اليوم» أن الولايات المتحدة أجرت «مشاورات عاجلة» بهذا الشأن مع حلفائها في «ناتو»، بما في ذلك الجانب التركي.
من جهة أخرى قال أمين حلف شمال حلف الأطلسي: إن الحلف يدرس حالياً إبقاء صواريخ «باتريوت» في تركيا للعام المقبل، إلا أنه لم يتخذ قراراً بهذا الشأن، موضحاً أن «ناتو» سيأخذ في الاعتبار حوادث خرق المجال الجوي التركي أثناء اتخاذ القرار بشأن «باتريوت».
وأشار ستولتنبرغ إلى أن الحلف يرصد في سورية ليس فقط تعزيز القوات الجوية الروسية بل والقوات البحرية التابعة لروسيا.
وقال: «لن أتحدث عن أرقام، لكنني أستطيع تأكيد أننا رصدنا تعزيز الوجود العسكري الروسي بشكل كبير في سورية.. القوات الجوية ومنظومات الدفاع الجوي وكذلك وحدات مرتبطة بالقاعدة الجوية الموجودة لديهم. كما رصدنا تعزيز وجود السفن والقدرات البحرية الحربية الروسية خارج سورية أو في الجزء الشرقي للبحر المتوسط».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن