معلوم لدينا جميعاً، رجالاً ونساء، أن من أمراض كل العصور وليس عصرنا الراهن فحسب ثمة مرض اجتماعي لم تتمكن البشرية من التخلص منه، ولا أحد من العلماء تمكن من إيجاد الدواء اللازم للقضاء عليه. اسم هذا المرض: الثرثرة!
والثرثرة، كما تبدو لنا من خلال هذا الواقع، صارت جزءاً من الشخصية الباحثة عما تتسلى به لإضاعة الوقت أو للخروج من حالة الملل حين يعانيه صاحبه أو صاحبته.
وفي سياق الإشارة إلى الثرثرة، كمرض معاصر ومستدام، لا بد أن يشار إلى ما قد ينجم عنها من مساوئ تؤدي، أحياناً إن لم نقل غالباً، إلى حدوث ضرر بالآخر غير متوقع بحجة القول إن صاحب الثرثرة لم يكن يقصد ذلك أو أنه يأسف لحدوث الأذى. بيد أن هذه الحجة لن تزيل ما لحق بالآخر من أذى في معظم الحالات.
وأيضاً ما يزيد من مضاعفات وتداعيات الإصابة بهذا المرض المنتشر في بلاد العالم كافة، أن يصدق الإنسان ما يسمع، وأحياناً ما يقرأ، حول حدث يثير الشهية لديه لضعف ثقته بنفسه، ومن ثم يجد نفسه في نهاية المطاف تحت رحمة الإشاعة التي يتم تناقلها من أعداء الوطن لا من أعداء فرد من أبنائه.
والإشاعة، كما نعلم، أحد الأسلحة المتنوعة التي تستخدم في ظرف من الظروف، لإضعاف المستهدف بها وخصوصاً في الأوقات الحرجة، كما الإشاعة التي يتم تداولها للإساءة إلى شخص بعينه أو مؤسسة بذاتها في سياق المنافسات التي تتعلق بالفرد أو المؤسسة لإضعاف ثقة الناس بهذا أو تلك.
من هنا، ليس شأناً عادياً أن يتوقف الإنسان عنده، سواء أصابت الإساءة فرداً أم جماعة، وتحديداً في أزمنة الخلافات التي تنشأ بين الدول في أوقات محدودة، بغية تحقيق مكسب مادي أو معنوي على حساب الآخر.