مقاطعة المنتج الفني السوري أمر مبالغ به … خلاص الدراما السورية بيد أبنائها وقبلهم الحكومة
| خلدون عليا
بات القاصي والداني يدرك ويعرف تمام المعرفة أن الدراما السورية تعاني من مرض مزمن تجذر في جسدها خلال سني الأزمة ولعل الموسم الحالي هو خير دليل من ناحية نوعية وكمية الإنتاجات، في حين نجد أن النجوم السوريين الذين يعدون من الأكثر شهرة في الوطن العربي يتوزعون هنا وهناك وترتبط الدراما بأسمائهم وتسوق المسلسلات على أنها مسلسلاتهم في حين دراماهم الأم تقف عاجزة متفرجة بعد أن كانت في يوم من الأيام تتسيد المشهد العام والشاشات العربية في حين أصبحت تباع حلقات مسلسلاتها في الوقت الحالي بأزهد الأثمان لتمارس المحطات سياسة التكسير بأسعارها.
وبالمقابل يبدو الحديث عن مقاطعة المنتج السوري مبالغاً فيه إلى حد كبير فالمحطات لم تعد تجد بالمسلسلات التي يتم إنتاجها حالياً النوعية التي كانت تغري المشاهد وتجذب المعلن التجاري لأنه وبصراحة السوق تغير بالمطلق وهو ما يبدو أن القائمين على الإنتاج أو قسماً كبيراً منهم لم يفهموه أو لا يريدون أن يفهموه لذلك يقفون متفرجين على الأطلال يندبون وينعون ويشكون دون أدنى محاولة للمنافسة، في حين دخلت العديد من شركات الإنتاج لتسيطر على المشهد الدرامي بقدرات وممثلين وفنيين ومخرجين وكتاب سوريين.
في الموسم الماضي دخلت العديد من الشركات العربية لسوق الإنتاج الدرامي السوري فنشطت الحركة الدرامية ووزعت الدراما السورية على كبرى المحطات الفضائية واستعادت ألقها المفقود منذ سنوات لتعاود الغياب هذا العام لأسباب عديدة؟!
وإذا عدنا لفترة ألق الدراما السورية فإنه كان من أسباب الازدهار الدعم الحكومي اللامحدود وهو المطلوب حالياً من الحكومة التي تبدو مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتقديم تسهيلات مفتوحة لشركات الإنتاج المحلية لدوران هذه الصناعة ولعله يجب وضعها في رأس أولويات إعادة الإعمار لأنه من المنطقي أن الدراما السورية كانت أهم صناعة محلية خلال العقدين الأخيرين لجهة المنافسة التصديرية وتوفير القطع الأجنبي وبنفس الوقت تشغيل عدد كبير من الأيدي العاملة فيها لذلك يمكن القول إن بداية الخلاص تكمن في الدعم الحكومي غير المحدود لأن هذا الدعم سيرتد للاقتصاد قطعاً أجنبياً ودوراناً لرأس المال وتحريكاً لعجلة الإنتاج وتوفير فرص عمل بكم كبير نسبياً.
بالمقابل على المنتجين التخلي عن عقليتهم القديمة في الإنتاج والتوجه نحو الترفيه بصورة أكبر فالدراما اليوم أصبحت ترفيهية أكثر منها فكرية على الأقل في الوقت الحالي فتواجدنا حالياً هو الأهم لاستعادة المكان الذي فقدناه لصالح غيرنا وعندما نثبت هذا التواجد ونحن قادرون على ذلك يمكن التغيير في سوية المنتج الدرامي الذي نقدم لكن الأهم لا بل الأكثر أهمية هو عودة التواجد وإثبات الذات من جديد ولعل الفكرة هنا أن الكاتب الجيد يستطيع أن يمرر الرسائل الفكرية التي يريديها حتى عندما يقدم عملاً أساسه الترفيه القائم على التشويق والإثارة أو حتى قصص الحب المكرسة.
اليوم بات من الواضح أن الدراما لم تعد تقتصر على التلفزيون بل إن تجربة المنصات العربية والعالمية تتكرس بصورة كبيرة وهو ما يفسح المجال الواسع للدراما السورية للعودة من جديدة ولكن الموضوع يحتاج إلى «قوة قلب» كما يقال بالعامية والقناعة بأننا كنا يوماً من زعماء هذه المهنة عربياً وعلينا أن نعود لمكاننا الطبيعي والعودة تكون من خلال التجاوب مع متطلبات السوق في المرحلة الأولى وأيضاً من خلال تقديم الفنانين والنجوم تنازلات للعودة إلى دراما بلدهم وإعطائها مثلما أعطتهم وجعلتهم نجوماً، نعم الدراما السورية بحاجتكم كما كنتم يوماً بحاجتها وأعطتكم كل ما كنتم تطمحون فبادلوها الكرم بالكرم.