رحيل «الصعيدية الأوروبية» و«معشوقة الجماهير» … ناديا لطفي.. تميزت بمدرستها الخاصة في الأداء التمثيلي وجمالها اللافت سبب شهرتها
| وائل العدس
«الصعيدية الأوروبية»، هكذا يعرف الجميع الفنانة الكبيرة نادية لطفي، التي يصفها جميع أبناء جيلها بـ«معشوقة الجماهير»، والتي كانت إحدى نجمات الصف الأول في جميع الدول العربية، في وقت كان فيه السندريلا سعاد حسني، وسيدة الشاشة فاتن حمامة.
تعد واحدة من أشهر الممثلات في تاريخ مصر، إذ ولدت يوم 3 كانون الثاني عام 1937 وتوفيت يوم أمس الأول، وكان جمالها اللافت سبب شهرتها الكبيرة، حيث تميزت ببشرتها البيضاء الصافية وعيونها العسلية الواسعة.
وقدمت لطفي مسيرة فنية حافلة في مشوارها الفني الذي استمر نحو 60 عاماً، أكثر من 70 عملاً فنياً متنوعاً بين أفلام سينمائية ومسلسلات.
واعتزلت التمثيل منذ عام 1993، إذ كان آخر أعمالها مسلسل «ناس ولاد ناس» تشاركت فيه مع الفنانين عبد المنعم مدبولي وكرم مطاوع وأحمد بدير وأمينة رزق وحسن مصطفى وغيرهم.
بصمات واضحة
ولدت في حي عابدين في القاهرة لأب مصري وأم مصرية وليس كما يدعى أنها بولندية، حصلت على دبلوم المدرسة الألمانية في مصر عام 1955.
اسمها الحقيقي كان بولا محمد لطفي شفيق، ولكن اكتشف المخرج رمسيس نجيب، أن اسمها الحقيقي صعب وغريب على الجمهور، لذلك قرر تغييره، وهنا جاءت الحيرة.
وبينما كان يشاهد فيلم «لا أنام» للفنانة فاتن حمامة، عن قصة لإحسان عبد القدوس، وكان اسمها هو نادية لطفي، قرر نجيب أن يمنحها الاسم نفسه.
وفي يوم العرض الخاص لفيلمها الأول، وجه نجيب دعوة لكل من إحسان وفاتن للحضور، وبالفعل حضرا وأعجبا كثيراً بأداء الفنانة الشابة وشجعها إحسان بقوله: «أنتِ بالفعل نادية لطفي اللي ألهمتني فكرة القصة»، أما فاتن فهنأتها على نجاحها وقالت لها ضاحكة: «لا تنسي أنني نادية لطفي الحقيقية».
وذكر الصحفي فوميل لبيب في مجلة «السينما والمسرح»، عدد نيسان عام 1976عن لطفي، أنها فنانة وبصمات رحمتها واضحة مع أسر الشهداء في نكسة حزيران عام 1967 ومع الجنود في الخنادق في سنوات الاستنزاف، ومع أبطال المعارك في 6 تشرين الأول عام 1973 ثم مع البائسين من أهل الفن، وهي تجمع لصندوق الفنانين ما تستطيع.
كما عملت ضمن فريق المتطوعات في أعمال التمريض بمستشفى المعادي العسكري بعد حرب تشرين الأول، إذ أقامت في قصر العيني وأسعفت الجرحى.
مدرسة خاصة
تميزت لطفي بمدرستها الخاصة في الأداء التمثيلي، وقدمت للسينما تجارب مهمة في تاريخها منها «الخطايا» مع العندليب عبد الحليم حافظ، إخراج حسن الإمام، و«قصر الشوق» مع يحيى شاهين، لنجيب محفوظ وإخراج حسن الإمام، و«السمان والخريف» مع محمود مرسي، قصة نجيب محفوظ، إخراج حسام الدين مصطفى، و«الناصر صلاح الدين».
ومن أفلامها أيضاً «حب إلى الأبد، عمالقة البحار، لا تطفئ الشمس، حبي الوحيد، السبع بنات، نصف عذراء، مذكرات تلميذة، أيام بلا حب، قاضي الغرام، من غير ميعاد، الخطايا، حب لا أنساه، حياة عازب، جواز في خطر، سنوات الحرب، للرجال فقط، هارب من الحياة، الخانئة، مطلوب أرملة، عدو المرأة، غراميات مجنون، سكرتير ماما، الرجل المناسب، عشاق الحياة، أضواء المدينة، بديعة مصابني، الأخوة الأعداء، وراء الشمس، الأب الشرعي».
وقدمت عملاً تلفزيونياً واحداً وهو «ناس ولاد ناس»، وعملاً مسرحياً واحداً وهو «بمبة كشر»، وكان لها نشاط ملحوظ في الدفاع عن حقوق الحيوان مع بداية ثمانينيات القرن العشرين.
وشكلت لطفي ثنائية جميلة مع الفنانة سعاد حسني وشاركتا معاً في مجموعة من الأفلام.
سكرتير خاص
قررت نادية لطفي، تعيين سكرتير خاص بها، لينظم لها مواعيد عملها ويختار لها الفساتين التي ترتديها، بعد أن طلب منها المخرج حسام الدين مصطفى، أن تنقص من وزنها نحو 9 كيلوغرامات، من أجل دورها في فيلم «النظارة السوداء».
وبالفعل، قام السكرتير بتنظيم مواعيد الطعام لها، واختيار الأصناف إضافة إلى طريقة ملابسها، لتحصل في النهاية على الدور.
وكان الفيلم من بطولة أحمد مظهر وظهر الفنان أحمد رمزي كضيف شرف، وهو من إخراج حسام الدين مصطفى، وتم إنتاجه عام 1963.
ثلاث زيجات
تزوجت 3 مرات، كان أكثرهم بؤساً هي الزيجة الأولى عندما كانت بعمر العشرين، حيث إنه بعد أن تزوجت للمرة الأولى من الكابتن البحري عادل البشاري البشاري ووالد ابنها الوحيد أحمد الذي تخرج في كلية التجارة وعمل في مجال المصارف، قرر تركها بعد فترة قصيرة وسافر إلى الولايات المتحدة الأميركية وكندا من أجل جني المال.
ووافقت مضطرة على سفره على أمل العودة بعد عام أو اثنين، ولكن الزوج بقي سنوات كثيرة يراسلها من هناك ويتحجج لها بأشياء لم يقبلها عقل الفنانة، وأحست بأن شيئاً قد اجتذبه هناك وأنه لن يعود، ومن هنا قررت أن تطلب الطلاق، وبعد فترة من الوقت، وافق الزوج، وطلقها عن طريق المراسلة.
الزيجة الثانية كانت من المهندس إبراهيم صادق شفيق، وكان هذا في أوائل سبعينيات القرن العشرين ويعتبر أطول زيجاتها، والثالثة من محمد صبري.
كتاب وثائقي
قررت لطفي عام 2003، إعداد كتاب وثائقي يسجل الحروب التي تعرض لها العالم العربي منذ عام 1956 وحتى 2003، وخصوصاً أحداث العدوان الأميركي والبريطاني على العراق.
وقالت إنها قررت إصدار كتاب يعبّر عن رؤيتها كفنانة تجاه الأحداث التي تعرض لها العالم العربي حيث تعتبر نفسها شاهد عيان على هذه الأحداث، مضيفة: إنها لن تكتب الأحداث ولكنها ستتحدث عنها كمواطنة.
ولفتت إلى أنها ستخصص فصلاً من الكتاب للحديث عن دور الفن في الأحداث التي تعرضت لها مصر، وكيف صور الفن الحروب التي وقعت على مصر ودور الفنانين في دعم الحالة المعنوية للجنود على جبهة القتال.
وقالت في وقت سابق إنها تعكف على كتابة قصة حياة الفنانة الراحلة أمينة رزق، منذ مولدها حتى رحيلها، ساردة واقع المجتمع المصري من خلال هذه الفترة.
بين العندليب والسندريلا
نشرت مجلة «الموعد»، التي كانت تصدر في الستينيات، قصة حول العلاقة القوية التي كانت تربط، نادية لطفي بالسندريلا سعاد حسني، ومدى صداقتهما، إلا أن ثمة شيئاً عكر ذلك فيما بعد.
وقرر العندليب بدء تصوير فيلم «الخطايا»، أحد أهم أفلام السينما المصرية، وكانت الفنانتان متحفزتين للقيام بالدور، وكانت كل واحدة منهما تتمنى الوقوف أمام عبد الحليم، ومن ثم وقع الاختيار على سعاد حسني لتبدأ حرب صحفية شرسة على «العندليب والسندريلا»، وتم تداول شائعات كثيرة حول وجود علاقة بينهما.
وأثارت هذه الشائعات حفيظة عبد الحليم، ليقرر بعدها مهاتفة جميع رؤساء التحرير من أجل نفي كل هذا، وهو ما أثار استياء السندريلا، التي قررت رد الصاع صاعين للعندليب، والتهرب منه ومن الدور.
بعد فترة قصيرة قرر عبد الحليم أن تكون نادية لطفي هي البطلة التي أمامه، وعندما عرض عليها، ترددت بسبب علاقتها بسعاد حسني، التي سوف تخسرها إن قامت بالدور، ولكنها ضحت بكل شيء واختارت الوقوف أمام العندليب.
لا تحب الشهرة
قالت لطفي إنها لم تكن تحب الشهرة، ولكن كان يجذبها فقط حب الجمهور، مشيرة إلى أن الشهرة سلبتها الخصوصية في حياتها، إضافة إلى أنها تعرضت لشائعات كثيرة وصفتها بالسخيفة، وكل هذا كان بسبب الشهرة.
وفي جميع الأحاديث الصحفية أو التليفزيونية التي قامت بها لم يظهر ابنها الوحيد «أحمد» مطلقاً، وكانت تبرر ذلك دائماً بأنه يتعلم بالخارج في أميركا.
وترددت بعض الأقاويل داخل الوسط الفني، أنها كانت تمانع من ظهور ابنها في الإعلام، بسبب إعطائه بعض الخصوصية، وخاصة أنها كانت تخاف عليه كثيراً.