نصلي دائماً وندعو أن يبعدنا عن الأشرار ويضع في طريقنا «أولاد الحلال» ممن يحملون في نفوسهم الأخلاق السامية والخصال الإنسانية الحميدة. أشخاص نخاف أن نفقدهم في أيامنا هذه بعدما وصلنا إلى ما صلنا إليه من انحطاط في الأخلاق والقيم وتردّ في طرق التعامل والتواصل.
قديماً كان الاحترام والأخلاق هما الأهم في التربية، وكانت التجمعات والمجالس عبارة عن حواضن لكل أنواع التثقيف «الاجتماعي والأخلاقي والفلسفي والتاريخي والفكري والعلمي وحتى السياسي»، فكان بذلك الأطفال يشبّون باكراً ويكبرون بأفكارهم وعقولهم قبل أعمارهم.
اليوم ماذا نرى؟ وما الذي أوصلنا إلى هذا الانحطاط في الأخلاق؟ سيطرت على الاجتماعات ألعاب الكومبيوتر والإنترنت وألعاب الورق، أو ربمّا النقاش في مسلسلات مدبلجة بعيدة جداً عن عاداتنا وبيئتنا، وأحياناً أخرى تتحول تلك المجالس إلى جلسات للنميمة وزرع الفرقة والكره والحقد والغيرة بين أفراد المجتمع الواحد.
تغيّرت النفوس وأصبحنا نتذمر وننتقد أي شيء، فقدنا الثقة بالآخر وازداد البعد بين الأشخاص، حتى بين أفراد العائلة الواحدة، والبيت الواحد تحول التواصل فيه إلى تواصل عبر الإنترنت وضاقت مساحة الحب والمحبة. باتت العلاقات مصلحة وهدفاً لتحقيق الفائدة وصراعاً على المكاسب، من دون الاهتمام بكمية ونوعية الأضرار التي قد تُسببها للآخرين!
ربّما يقول البعض إن ما أوصلنا إلى هذه الحالة هو الوضع الاقتصادي وحالة الفقر والحاجة التي وصلنا إليها بسبب سنوات الحرب، تلك الحرب التي دمرت وشردت وهجرت وقتلت من دون رحمة، لكن إن فعلت الحرب كل هذا فهل نساعدها نحن على دمار كل ما تبقى في النفوس؟
ليست الحرب ولا الظروف ولا الفقر السبب فيما وصلنا إليه وليست شماعة نعلّق عليها كل التردي في الأخلاق الذي نراه ونتلمسه يومياً، لأن الأخلاق لاتحتاج إلى المال، هي شيء روحي وتحتاج إلى الإيمان والقناعة والاحترام وليس المال، فكم من أناس بسطاء عاشوا حياتهم في فقر وحاجة وكانوا أغنياء بالقيم والمبادئ والأخلاق التي يفتقدها الكثير من أصحاب السلطة والثروة والمال.
إذا كنا فعلاً في المرحلة القادمة نهتم ببناء وطننا فعلينا أن نهتم ببناء الأخلاق، لأن التردي الأخلاقي المنتشر الآن سبب الكثير من الدمار النفسي والفوضى وانتشار الفساد والرشوة والإجرام.
الأخلاق هي سر حضارة الأمم واستمرارها، فمهما ازدادت الحركة الاقتصادية والتجارية والعلمية فلن تدوم إن لم تؤطر بسياج الأخلاق والتعامل الأخلاقي الذي يحافظ على إنسانية الإنسان ووجوده. فلنعل بأخلاقنا وعلاقاتنا ومحبتنا، ولنحم هذا الوطن بتماسكنا وتكاتفنا وزرع بذور التربية الأخلاقية في نفوس الأجيال القادمة. غياب الأخلاق والضمير أكبر كارثة تصيب المجتمع، لذلك أيقظوا ضمائركم وتحلّوا بالأخلاق.