بلا قيد واصطياد اللحظة واللقطة … المصور صناديقي لـ«الوطن»: لقد صوّرت الوجع السوري بطريقة لائقة بالإنسانية
| سوسن صيداوي
استطاع أن يواكب الحداثة وأن يلحق ركب تصوير الديجيتال بعدما تأسس واستمتع بممارسة التصوير الفيلميّ، شغفه وجدّيته في تحدي نفسه صدّر صورة التقطها في عام2018بين مئة صورة اختارتها وكالة رويترز للأنباء.
الحديث يخص المصور الفوتوغرافي عمر صناديقي الذي افتتح معرضه (بلا قيد) في غاليري قزح في دمشق، جامعاً في أعماله المعروضة بين التصوير الصحفي وتصوير الشارع، مقدماً موضوعاً واحداً لأشخاص يقفون ويسندون أيديهم إلى ظهورهم في حالة من التأمل ربما لماضٍ خلا، أو تفكّر في قادم مع الأفق، هؤلاء الأشخاص سوريون ومن كل المناطق السورية حضروا بأوقات مختلفة، ورغم الاختلاف فالوجع واحد، ولقد جمعهم في بوتقة واحدة هي بوتقة الإنسانية.
قنّاص اللحظة
بداية أخبرنا المصور الفوتوغرافي عمر صناديقي عن مشاعره حينما تصدّرت صورته المئة صورة المختارة من وكالة رويترز للأنباء، قائلاً: «الصورة المختارة كنت التقطتها بتاريخ 15/3/2018، وهي تمثّل نزوح المدنيين من الغوطة. بصراحة لقد كان هذا الاختيار تحدياً بالنسبة لي، لكون الصورة اختيرت وتصدّرت المئة الأخرى، وبصدق كبير، بقدر ما كنت سعيداً كنت حزيناً لكون الصورة تمثل الوجع السوري ونتائج مخلّفات الأزمة. ولكن بعدها جاء التحدي الأكبر، فمن بعد هذه الصورة ماذا سأفعل؟ وما الأهم في مجال التصوير الفوتواغرفي الذي سأقدمه؟ ولهذا جاء المعرض(بلا قيد) كانطلاقة ثانية لأنه عليّ المتابعة دائماً وتجنّب الوقوف عند نقطة معينة».
أما عن المعرض وتسميته بـ(بلا قيد) فقد تابع المصور الفوتوغرافي الشاب: «منذ عام 2017 وأنا أعمل على فكرة هذا المعرض، وفي البداية لم أحدد العنوان، ولكن في منتصف الشهر السابع من العام نفسه، التقيت الشخصية التي بدأت معها فكرة المعرض. وهنا عادت بي الذاكرة إلى شخصية مماثلة لها كنت قد التقيتها أوائل العام 2016، ولكن في دمشق. وهكذا بدأت بمشاهدة الناس بنظرة مختلفة ومحاولة صيد حركاتهم، سواء في الشارع أم حتى خلال فترة الحرب، ومن خلال الأعمال التي قدمتها في المعرض، أتمنى أن أكون قد صوّرت الوجع السوري بطريقة لائقة بالإنسانية التي تجمعنا».
وعن انتشار التصوير الفوتوغرافي بين الشباب السوري، والذي تماشى مع الحالة الأزمية وضرورة التوثيق الصحفي للأحداث تابع صناديقي: «صحيح أن هناك فئة استسهلت العمل بالكاميرا واستسهلت التقاط الصور الفوتوغرافية، ولكنني أنا شخصياً كنت أراهن على أمر، وهو أن العمل الجاد والحقيقي سيظهر وصاحبه قادر على أن يثبت نفسه وسيبرز، وأتمنى من خلال معرض (بلا قيد) أن يلمس المتلقون الفرق بالتصوير الفوتواغرفي، بمعنى أن التصوير ليس تصوير (مودل) أو شخصيات، بل هناك رسائل مهمة يجب أن نوصلها من خلال الصور التي نلتقطها، وبالطبع هنا أحب أن أذكر بأنني ولدت في زمن التصوير الفيلمي التقليدي وبالطبع واكبت التطور وانتقلت إلى التصوير الرقمي أو الديجيتال، ولأكون واضحاً أنا حزين على الشباب الذين واكبوا الديجيتال واستسهلوا الأمور، فأنا لا أنسى المتعة عندما كنت أُخرج الفيلم من الكاميرا وأقوم بعمليات التحميض، حتى إن شوق انتظار الصورة لتجهز وأراها متعة لا تصدّق، وكأنني أنتظر مولودا. وهنا أخيراً بغض النظر عن سلبيات وإيجابيات التصوير الرقمي، يبقى لكل مصوّر أسلوبه الخاص والمناسب له».
وختم عمر صناديقي حديثه معنا بالحديث عن أهمية المضمون الذي يجب أن تحمله الصور: «يجب على العمل مهما كان نوعه أن يحمل رسالة، وبالنسبة للفوتوغراف فمرحلة التعديل والإخراج مشروعة، ولكن العبرة دائماً في اللقطة وفي لحظة اقتناصها، وهي التي تحمل المعنى أو الرسالة المطلوبة، وهنا أحب أن أشير إلى أنني اعتدت أن ألتقط الصور بعفوية، بمعنى أنا لا أطلب من الناس أن تمثّل حالة معينة، بل أنا أمشي بالشوارع وأجول الأماكن وألتقط الصور، فما عيني تراه تلتقطه كاميرتي مباشرة».
صدق توثيق اللحظة
خلال افتتاح المعرض كان لنا حديث سريع مع أهل الاختصاص والخبرة، المصور الضوئي د. نصوح زغلولة الذي عبّر عن سعادته لما رأى من أعمال فوتوغرافية، لافتاً إلى أنه لا يعرف صناديقي شخصياً، لكنه كان يتابعه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ليقول: «لقد نجح عمر صناديقي بتجسيد جزء من المشهد السوري، وهذا الشاب أنا لا أعرفه شخصياً، ولكنني متابع لأعماله على الفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي، وفي الحقيقة إبداعه شغل اهتمامي، كما أنني أعرف جيداً بأنه يصور الـ (بورتريه) أو الأشخاص بطريقة جميلة جداً، وبمناسبة المعرض أنا أراه شخصياً وأشاهد أعماله واقعياً.
أما عن اصطياد اللقطة والتي لا يمكن أن تتكرر أكد د. نصوح: «هذا الأمر يتعلق بالصورة الصحفية أو بصورة التوثيق والتي أنا ضد أي عملية إخراج فيها، وهنا نجح صناديقي تماماً.