ثقافة وفن

فن بلا جمهور…! طرح هموم وحلول ومشاكل وقضايا الفن التشكيلي في سورية عبر أجيال متعددة

| سارة سلامة

بعنوان «الفن التشكيلي السوري وقضاياه وهمومه» عقدت ندوة ومعرض جماعي استضافهما المركز الثقافي العربي بالعدوي. حيث افتتح المعرض مدير الثقافة في دمشق وسيم المبيض. ورغم تدني درجات الحرارة إلا أن الحضور كان لافتاً في ندوة عملت على طرح مشاكل الفن التشكيلي المادية وقلة جماهيريته مقارنة ببقية الفنون عبر جيلين من الفنانين هما: الدكتوران محمود غنوم ونبيل رزوق وأيضاً الفنان موفق مخول بإدارة الفنان والإعلامي مخلص الورار.
وركزت الندوة على طرح هموم التشكيليين ورصد حركة الفن التشكيلي السوري وجماهيريته، من خلال بانوراما لعدد من المعارض والمشاركات الداخلية والخارجية في محاولة للنهوض بهذه الحركة وتقديم مقترحات تركز على ضرورة حضور الفنانين التشكيليين داخلياً وخارجياً وتسليط الضوء عليهم من الإعلام.

من المعرض
ورافق الندوة معرض تشكيلي تحت اسم «تحية حب» ضم كلاً من «أنور الرحبي، ومحمد غنوم، ونشأت الزعبي، ونبيل رزوق، وموفق مخول، ونشأت رعدون، ونعيم شلش، وأسامة دياب، وعبد المجيد نوفل، وعبد الرحمن مهنا، واسماعيل نصرة، ومخلص الورار، وهشام المليح، ومحي الدين حمصي، ومفيدة ديوب، وفداء منصور، وفايزة الحلبي، وعامر علي، وفادي المرابط، وقصي شورى، وباسمة محمد، ويوسف محمد، وبسام الحجلي وربا قرقوط».
وتأتي أهمية المعرض لكونه يحتوي على ثلاثة أجيال، جيل ما بعد الرواد مثل نشأت الزعبي ونشأت رعدون ونعيم شلش، هؤلاء الفنانون الثلاثة من مواليد نهاية الثلاثينيات وهم من الفنانين المهمين، وبعد ذلك الجيل المخضرم مثل محمد غنوم وموفق مخول ومخلص الورار. المعرض غني لأن هناك تجارب مشاركة بين رواد وبين مخضرمين وشباب وفي الوقت نفسه المعرض يحتوي على نحت وحفر ورسم وتصوير، ويقدم موجزاً عن الفن التشكيلي في مدارس مختلفة منها التعبيري والواقعي والسريالي والانطباعي وفن الحفر.

ضآلة الجماهيرية
وقال الدكتور محمد غنوم في تصريح خاص لـ«الوطن»: «الفنانون التشكيليون في بلدنا سورية يشكون ضآلة الجماهيرية للفن التشكيلي بين بقية الفنون، كما هو الحال في أرجاء الوطن العربي، وتبقى الشكوى مزمنة- على الرغم- من تحسنها في القرن الحادي والعشرين نتيجة تطور وسائل التواصل الاجتماعي. وإذا بحثنا في أصل المشكلة وقفنا أمام ثلاثة جدران وهي: ضعف الثقافة البصرية لدى أغلبية الشعب، والنابعة أصلاً من مناهج التدريس التي تزرع بذورها منذ الصغر، فالمدارس تهمل غالباً دروس الرسم متذرعة بعدم أهميتها على حساب بقية الدروس، ويسهم بفعالية في هذا المجال بعض الكوادر والمسؤولين عن التربية، كما يصنف لها عدد من الآباء والأمهات».
وأضاف غنوم: «الوضع الاقتصادي المتردي يسهم مساهمة كبيرة في إحجام الجماهير من إقتناء الأعمال الفنية، فالرواتب والأجور الضئيلة لا تتيح المجال نحو الاقتناء، فهناك حاجات معيشية أساسية تدفع المواطن إلى الانشغال بتأمين لقمة عيشه مع أسرته ومتطلبات الحياة الضرورية، ومن الجدير ذكره في هذا المجال إيضاح نقطة مهمة وهي سلبية بكل ما فيها، وهي ابتعاد شريحة في المجتمع غالباً ويمكنها اقتناء الأعمال الفنية ونادراً ما تمارس ذلك، وهي شريحة عدد من المثقفين المهندسين والأطباء والمحامين والتجار وغيرهم الذين يسمح وضعهم المادي بالاتجاه نحو الاقتناء، ولكن ثقافتهم البصرية والمجتمعية تجعلهم بعيدين عن ذلك، علماً أنهم يصرفون الكثير على أمور هي أقل أهمية بل لا تكون استثماراً لمالهم».
أما السبب الآخر فيعتبر غنوم أنه «يعود إلى تعالي بعض الفنانين التشكيليين وابتعادهم عن الجماهير بحجة بعضهم أن الفن وجد للنخبة، لمن يتذوق ويدفع المال، ويؤمن بالتباهي، ويدخل الفنان في مجتمعاتهم المخملية، حيث الأضواء والحفلات، ولا يمكننا أن نهمل جانباً مهماً لدى بعض الفنانين وهو انصياعهم نحو تجار ومحتكري الفن، وتسليم مصائرهم لهم عندما يرون أن دخلاً مادياً قد أُمن لهم، فلا حاجة للكفاح والنضال والبحث عن جماهير، وغالباً ما يصبح الفنان أسيراً لأهواء المحتكر أو التاجر على الرغم من النسبة الضئيلة التي يحصل عليها الفنان مقابل النسبة الكبيرة التي يحصل عليها المحتكر، ويسهم في دعم تعالي الفنان وابتعاده عن الجماهير بشكل عام، فهو يعرض في صالة معينة حيث وضع بعض المسؤولين عنها أوصياء على الفن والذوق العام، وفرضوا شروطاً خاصة بهم».

نقاشات تشكيلية
الفنان موفق مخول هو من أشهر الفنانين التشكيليين السوريين الذين اشتغلوا اللوحات الجدارية في الشوارع، وأشار بحديثه إلى أهمية فن الجدارية في الشوارع مثل جسر الرئيس وقال: إن أهم الأشياء أن يكون الفن مع الجماهير وليس في الصالات وأيضاً ليس لدى النخبة إضافة إلى نقطة أخرى وهي أن يحب الفنانون التشكيليون بعضهم.
وتحدث الدكتور نبيل رزوق عن فن الحفر وهمومه ومشاكله وخاصة أن النقطة الأساسية في عدم تمكن الفنانين الحفارين من ممارسة عملهم هي المكبس والأدوات الخاصة بالحفر، لذلك فإن طلاب الحفر مجرد أن ينتهوا من كلية الفنون لا يعملون وكثير منهم يلجأ للرسم والتصوير.
بينما لفت الفنان والإعلامي مخلص الورار الذي أدار الندوة إلى أهمية جماهيرية الفن التشكيلي، ولكونه فناناً في الحفر أشار إلى أن فن الحفر في سورية فن مظلوم وأسعار اللوحات هي أقل بكثير من الرسم والنحت، وأشار أيضاً إلى نقطة مهمة وهي أن نبقى نعمل ولا نتوقف عند حد ضمن الظروف الحالية التي نمر بها.

لمحة عن المشاركين
الفنان التشكيلي محي الدين الحمصي شارك بثلاثة أعمال عكس من خلالها هم المواطن السوري الاجتماعي والمعيشي وتعامل الإنسان مع أسرته عبر ألوان الإكريليك من خلال وضع العناصر التي تدور حول الحرب الإرهابية على سورية جاعلاً أرضيتها بيضاء لأنه يرى فيها مستقبل سورية.
بينما الفنان أسامة دياب شارك بعملين يمثلان الهوية البصرية المحلية مشيراً إلى أهمية التركيز على هذا النوع من الأعمال ليكون للفنانين بصمة خاصة بهم في الفن التشكيلي على مستوى العالم مستقى من إرثنا الحضاري الكبير.
وشارك الفنان عبد المجيد نوفل بلوحتين تمثلان جداراً يجمع بين الأم وآهات الحرب معتبراً أن المعارض التشكيلية هي تفريغ شحنات انفعالات وأحاسيس مع أهمية زيادتها وتفعيل دور الندوات الفنية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن