قضايا وآراء

أردوغان والتقرب من إسرائيل

| تحسين الحلبي

اعتاد الرئيس التركي رجب أردوغان منذ توليه سلطة الحكم على بناء علاقات جيدة مع إسرائيل، فقد تبادل التهنئة في عام 2002 مع رئيس الحكومة حينها أريئيل شارون، وحافظ على علاقاته برغم المذبحة التي ارتكبها شارون في جنين والضفة الغربية عام 2002، ثم ازدادت علاقاته بإسرائيل أكثر في عام 2005 حين زار تل أبيب في عهد رئيس الحكومة أيهود أولميرت.
وذكرت وسائل الإعلام في ذلك الوقت أنه طلب من أولميرت السماح له ببناء نصب تذكاري للجنود الأتراك العثمانيين الذين قتلوا في الحرب العالمية الأولى عند مدينة القدس على يد الجيش البريطاني واختار موقع النصب التذكاري في ساحة الحرم القدسي وكأنه يسعى إلى الحصول على وصاية المسجد الأقصى من إسرائيل، وكانت في ذلك الوقت تتمسك بالوصاية على المسجد الأقصى السلطة الفلسطينية قبل أن تتنازل عنها بعد سنوات للملك الأردني عبد الله الثاني.
استمرت علاقات أردوغان ووزير خارجيته السابق أحمد داوود أوغلو بالحكومة الإسرائيلية على نمطها التقليدي التاريخي وما يتضمنه من تعاون عسكري واتفاقات اقتصادية وعسكرية حتى عام 2010 الذي شهدت فيه العلاقات ضجة كبيرة بعد شن الجيش الإسرائيلي هجوماً بحرياً على سفينة تركية كانت تحمل متضامنين ضد الحصار على قطاع غزة.
وبرغم أن وسائل الإعلام التركية، الأردوغانية، تعلن عن حملة ضد نتنياهو وصفقة القرن إلا أن ذلك لم يمنع أقرب المستشارين العسكريين لأردوغان وهو الأدميرال البحري جيهات يايجي، صاحب فكرة الاتفاق البحري بين أنقرة وطرابلس من الإعلان قبل أيام عن أن هذه الاتفاقية البحرية مع طرابلس تتطلب الآن اتخاذ خطوة أخرى مهمة وهي أن توقع تركيا على هذه الاتفاقية نفسها مع إسرائيل بأسرع ما يمكن وهذه الخطوة يجب بالتحديد اتخاذها مع إسرائيل، ويعقب الباحث السياسي التركي براق باكديل على هذا القول إن إسرائيل وتركيا لم تتبادلا السفراء منذ شهر أيار 2017 برغم استمرار علاقاتهما الدبلوماسية وربما يريد أردوغان تعزيز العلاقات مع إسرائيل الآن بعد إعلانه بأن «أي مشروع في البحر المتوسط لن يكتب له البقاء اقتصادياً أو قانونياً أو دبلوماسياً من دون مشاركة تركيا»، وأضاف: «إن تركيا معنية بالتفاوض مع أي دولة باستثناء قبرص بسبب عدم وجود علاقة دبلوماسية معها»، واستخدامه لعبارة أي دولة يعني أن إسرائيل مدعوة للتفاوض أيضاً لإجراء اتفاق تركي إسرائيلي على غرار الاتفاق التركي الليبي، وهذا يعني ضم ليبيا أيضاً.
أردوغان يريد أن يضع خطاً بحرياً مع إسرائيل وبموافقتها، ويقول باكديل: إن صفقة كهذه ليست مستحيلة بين أنقرة وتل أبيب لأن الدولتين تركيا وإسرائيل ليستا من الدول التي وقعت على ميثاق الأمم المتحدة الخاص بقانون البحار الذي ظهر عام 1982 كما أن الولايات المتحدة أيضاً لم توقع عليه وهي الحليف للدولتين.
ويشير أحد الدبلوماسيين الأتراك أن الإسرائيليين يعرفون أنه باستطاعتهم عقد اتفاقية أكثر فائدة لهم مع تركيا في نقل الغاز الطبيعي ومن دون أن تحتاج أي دولة منهما إلى انتظار تغيير في القيادة السياسية.
وهذا يدل على أن أردوغان يريد الإسراع في إعادة متانة التحالف مع تل أبيب ما دام ذلك يخدم مصلحته ضد اليونان وقبرص اليونانية ومصر وسورية وبقية دول المتوسط، ولذلك يرى معظم المحللين الأتراك المؤيدين لسياسة أردوغان أن توجه أردوغان نحو ليبيا سيجعلها إحدى الدول الإقليمية الكبرى في البحر المتوسط وستتحول إلى ممر للغاز الإسرائيلي والمشاركة باستخراج ثروات النفط والغاز الليبية ونقلها عبر تركيا إلى أوروبا وهذا ما جعله يرسل المرتزقة من المسلحين الذين دعمهم ضد سورية إلى ليبيا لتأسيس قاعدة تحفظ مصالحه العثمانية السياسية والاقتصادية لكن «البحر يكذب الغطاس» لأن عدد الدول التي يلحق بها أردوغان الضرر من انتهاكه لمواثيق الأمم المتحدة والقانون الدولي سيؤدي إلى تزايد عدد المتحالفين ضده وضد إسرائيل في المنطقة حتى لو دافعت عن سياسته هذه الولايات المتحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن