عربي ودولي

دميرطاش: الدولة تحولت إلى مافيا يقودها سفاح يرتكب جرائم قتل متسلسلة … 86 قتيلاً بانفجارين استهدفا تجمعاً من أجل السلام في أنقرة

الوطن – وكالات :

في توقيت يثير العديد من التساؤلات والتحليلات، شهدت العاصمة التركية أنقرة صباح أمس تفيجيرين انتحاريين استهدفا تجمعاً من أجل السلام في أنقرة دعت إليه المعارضة الموالية للأكراد قبل ثلاثة أسابيع من موعد الانتخابات التشريعية المبكرة، وأوقعا 86 شخصاً قتلى على الأقل إضافة لإصابة 186 آخرين بجروح.
وليس بالجديد الحديث عن أن الهجوم المزدوج يأتي وسط توتر للأوضاع في المنطقة عموماً والمترافق بتنامي خطر الإرهاب والتحذيرات من داخل المعارضة التركية والعديد من دول المنطقة من أن سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه «االعدالة والتنمية» الداعمة للإرهاب في سورية والمنطقة، ستنقل هذه النيران إلى داخل تركيا، ولكن ربما الجديد أن هذا الهجوم يأتي وسط الرفض التركي الشديد للعمليات العسكرية الروسية ضد معاقل الإرهاب في سورية، والتي تسقط فيما تسقط الحلم التركي بإقامة منطقة «حظر جوي» شمال سورية.
ويرى مراقبون أنه وبناءً على ذلك فإن إدارة أردوغان ليست بعيدة عن دوائر الاتهام، وإن لم تكن كذلك فإنها لن تفوت فرصة استثمار الحدث للبكاء وسط حلفائها وإعادة الحديث عن المنطقة الآمنة، وخاصة بعد خرق طائرتين روسيتين للمجال الجوي التركي وإعلان حلف شمال الأطلسي (ولو إعلامياً) عن نشر قوات «الرد السريع» للدفاع عن تركيا أمام أي تهديد.
وبغض النظر عن الانتخابات المبكرة وخسارة «العدالة والتنمية» للأغلبية التي كان يطمح إليها في الانتخابات الماضية وفشله تشكيل حكومة، وسط تقدم للأكراد في صندوق الانتخابات، ودفع أردوغان الأمور باتجاه إعادة إطلاق حرب ضد الأكراد أسقطت اتفاقاً للسلام مع «حزب العمال الكردستاني» منذ العام 2013.
ويطرح مراقبون إشارات استفهام عديدة عن توقيت وآلية الاستثمار السياسي التركي المقبل لهجوم أمس المزدوج، إقليمياً ودولياً.
وفي التفاصيل هز انفجاران قويان محيط محطة القطارات الرئيسية في أنقرة حيث جاء آلاف الناشطين من كل أنحاء تركيا بدعوة من مختلف النقابات ومنظمات غير حكومية وأحزاب اليسار للتجمع تنديداً باستئناف الحرب بين أنقرة والمتمردين الأكراد.
وسرعان ما حول الانفجاران المنطقة إلى ساحة حرب حيث كان العديد من الجثث ممدداً على الأرض وسط لافتات «عمل، سلام وديمقراطية» ما أدى إلى حالة من الهلع بين الموجودين.
وبحسب حصيلة (قابلة للارتفاع) أوردها وزير الصحة محمد مؤذن أوغلو (ساعة إعداد هذا الخبر فإن 86 شخصاً على الأقل قتلوا وأصيب 186 آخرون بجروح.
وأوضح الوزير للصحفيين في أنقرة أن 62 شخصاً قتلوا في موقع التفجيرين وتوفي 24 لاحقاً متأثرين بجروحهم في المستشفى.
من جهته ندد وزير الداخلية التركي سلامي ألتين أوق الذي كان إلى جانب وزير الصحة «بعمل إرهابي يستهدف الدولة والديمقراطية والشعب» التركي، مشيراً إلى أن السلطات تجري تحقيقاً لتحديد الجهة المنفذة. وندد أردوغان «بهجوم مشين ضد وحدتنا والسلام في بلادنا» متوعداً «بأقوى رد» ضد منفذيه.
وتحدثت السلطات التركية بسرعة عن فرضية الاعتداء. وقال مسؤول حكومي بحسب وكالة «فرانس برس»: «نشتبه بوجود خيط إرهابي».
وتأتي هذه الانفجارات قبل ثلاثة أسابيع من انتخابات تشريعية مبكرة دعي إليها في 1 تشرين الثاني المقبل على حين تدور مواجهات دامية ويومية بين قوات الأمن التركية ومتمردي حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق البلاد المأهول بأغلبية كردية.
وكان من اللافت في ردود الأفعال الدولية تجاه الهجوم، تعزية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره التركي، مؤكداً استعداد السلطات الروسية للتعاون مع السلطات التركية لدرء التهديدات الإرهابية.
وبعث الرئيس الروسي بوتين، أمس ببرقية عزاء ومواساة للرئيس أردوغان قدم فيها واجب العزاء في ضحايا الانفجارين، معرباً عن أمله في أن ينال مدبرو ومنفذو هذه الجريمة جزاءهم، معرباً عن تعازيه لأسر الضحايا وتمنياته الشفاء العاجل للمصابين، ومؤكداً استعداد السلطات الروسية للتعاون الوثيق مع السلطات التركية في مواجهة الإرهاب.
بدورها دعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تركيا إلى «البقاء موحدة»، وقالت موغيريني في بيان مشترك مع المفوض المسؤول عن توسيع الاتحاد الأوروبي يوهانس هان: «على الشعب التركي وكل القوى السياسية البقاء موحدة لمواجهة الإرهابيين وجميع الذين يحاولون تقويض استقرار البلاد التي تواجه عدداً كبيراً من التهديدات».
من جهته ندد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «بهجوم إرهابي شنيع» على حين قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه للرئيس التركي، بينما كتب سفير الولايات المتحدة في أنقرة جون باس في تغريدة على تويتر: إنه هجوم «مروع، وأنا أتعاطف مع الضحايا وعائلاتهم»، في وقت أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنها تلقت هذا النبأ «ببالغ الحزن والصدمة» معتبرة أن الهجوم موجه لـ«الحقوق المدنية والديمقراطية والسلام».
وفي رد فعل على التفجيرين أيضاً قال رئيس حزب الشعوب الديمقراطي، أبرز حزب مؤيد للأكراد في تركيا، صلاح الدين دميرطاش «إننا أمام مجزرة مروعة. إنه هجوم وحشي»، مضيفاً: إن القوى التي تقف وراء الانفجارين معروفة ونحن الآن أمام مفهوم دولة تحولت إلى مافيا يقودها سفاح يرتكب جرائم قتل متسلسلة»، على حين قال الحزب في بيان: إن أعضاء بحزبه استهدفوا بشكل خاص في انفجارين أثناء تجمع حاشد بأنقرة وحذر من أن عدد القتلى قد يرتفع لأن كثيرين مصابون بجروح خطيرة، وبدوره قال رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش: «إن القوى التي تقف وراء الانفجارين معروفة ونحن الآن أمام مفهوم دولة تحولت إلى مافيا يقودها سفاح يرتكب جرائم قتل متسلسلة».
وروى شاهد عيان يدعى شاهين بلوط وهو عضو في نقابة المهندسين في إسطنبول جاء من كبرى المدن التركية للمشاركة في التظاهرة: «رأيت رجلاً انتزعت رجله وكان ممدداً على الأرض. رأيت أيضاً يداً متناثرة على الطريق» ثم أضاف: إن المشهد «شبيه بما حصل في سوروتش».
وكان المغرد التركي الشهير على موقع «تويتر» فؤاد عوني حذر من خطة وضعتها أجهزة استخبارات أردوغان تقوم على تنفيذ تفجيرات إرهابية متنقلة من أجل خلق شعبية لحزب العدالة والتنمية وإظهاره مع زعيمه أردوغان في مظهر المدافع عن تركيا في وجه الإرهاب قبل الانتخابات البرلمانية المقررة الشهر القادم.
وفي 20 تموز أسفر هجوم انتحاري نسب إلى تنظيم داعش عن سقوط 32 قتيلاً في صفوف ناشطين مناصرين للقضية الكردية في مدينة سوروتش القريبة جداً من الحدود السورية.
وفي سياق اعتداء سوروتش تجددت المواجهات العنيفة بين الجيش التركي ومتمردي حزب العمال الكردستاني ما أدى إلى انهيار وقف إطلاق النار الهش الذي كان سارياً منذ آذار 2013.
وقد قتل أكثر من 150 شرطياً أو جندياً منذ ذلك الحين في هجمات نسبت إلى حزب العمال الكردستاني، على حين تؤكد السلطات التركية «تصفية» أكثر من ألفي عنصر من المجموعة المتمردة في عملياتها الانتقامية.
وأعلن حزب العمال الكردستاني السبت تعليق عملياته قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات التشريعية.
وفي الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من حزيران الماضي خسر حزب العدالة والتنمية الذي تزعمه أردوغان الأغلبية المطلقة التي كان يحظى بها منذ ثلاث عشرة سنة في البرلمان، وخاصة بسبب النتيجة الجيدة التي حققها حزب الشعوب الديمقراطي.
وبعد إخفاق المفاوضات لتشكيل حكومة ائتلاف دعا إلى انتخابات مبكرة في الأول من تشرين الثاني المقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن