مالك محمد ينهي تصوير فيلم «سبع وسبعين فاصلة» … رؤية سينمائية سورية لرواية فرنسية تمزج الخيال بالواقع
| وائل العدس
أنهى المخرج مالك محمد تصوير فيلمه الروائي القصير «سبع وسبعين فاصلة» في دمشق، وهو من نص ربى أحمد وإنتاج المؤسسة العامة للسينما.
ويقدم الشريط رؤية سينمائية سورية لرواية الكاتب الفرنسي غيوم ميسو الشهيرة المنشورة عام 2010 «فتاة من ورق» مستعيناً في ذلك بالحبكة الرئيسية في الرواية القائمة على مزج الخيال بالواقع.
ويتناول الفيلم علاقة أديب مع الشخصيات التي يكتبها، حيث تظهر من الورق شخصية فتاة تعترض على سير أحداث حياتها لأنها غير مقتنعة بها وتطالبه بتغييرها، ثم نجد أن هذه الشخصية تعايشت مع الأديب في منزله مع مجموعة شخصيات أخرى ما يجعله خائفاً من ظهورها لكونها تستطيع اقتحام خلواته وخصوصياته بشكل دائم، حتى يوافق في نهاية المطاف ويعدل ما كتبه عن تلك الشخصية.
يشارك في تمثيل الفيلم كل من ثراء دبسي ورنا جمول ومأمون الخطيب وعهد ديب.
الفيلم الأول
يعد هذا الفيلم الاحترافي الأول لمالك محمد كمخرج بعد حصوله على منحة إنجاز فيلم روائي قصير احترافي من مؤسسة السينما لإحرازه المركز الأول في دبلوم العلوم السينمائية، وسبقه فيلم من إخراجه ضمن مشروع سينما دعم الشباب بعنوان: «ليل الغريب».
وقد اقتحم عالم الإخراج بعدما شارك ممثلاً في عشرات الأعمال التلفزيونية على مدى ما يقارب عشرين عاماً منها «الزير سالم» و«أبو الطيب المتنبي» و«رايات الحق» و«رجال العز» و«رفة عين» و«الحسن والحسين» و«القربان» و«المهلب بن أبي صفرة» و«روزنا» و«صراع الجواري» و«الهيبة».
فكرة إنسانية
أكد مالك محمد أن هذا الفيلم أول تجربة إخراجية احترافية له بعد فيلم قصير ضمن منح الشباب وحصد مجموعة من الجوائز، مشيراً إلى أن فيلمه الجديد يضم مجموعة متميزة من النجوم، وعلى رأسهم ثراء دبسي التي عادت بعد طول غياب.
وعن المزج بين الواقع الفرنسي الذي تحمله الرواية وبين الواقع السوري قال: الفيلم عبارة عن فكرة إنسانية تتقاطع مع أي مجتمع إنساني، وتتحدث عن كاتب تظهر إحدى شخصياته أمامه وتناقشه بمسألة أنها غير مقتنعة بما يكتبه، وتطلب منه تغيير قدرها على الورق.
وعن رمزية اسم الفيلم، قال: إن 77 هو رقم الصفحة الذي وصل إليها الكاتب قبل أن يضع فاصلة، ثم تخرج الشخصية وتمحي الفاصلة ليفاجأ دائماً بحذفها، فلا تسعفه الأفكار ليكتب مجدداً فيصاب بحالة اكتئاب ويتوقف عن الكتابة، قبل أن تظهر الشخصية من الورق وتناقشه وتحاوره، وفي الوقت نفسه تخاطبه بأن عدد الشخوص بالرواية عددها 77 أيضاً.
ورداً على سؤال أجاب: لم أصور الفيلم ليشارك في المهرجانات فقط، وإنما ليشاهده أكبر عدد من الناس، وطبعاً المشاركة في المهرجانات وحصد الجوائز أمر مهم ولكنه ليس الهدف الوحيد.
أما بما يتعلق بالصيغة الإنتاجية يضيف: ربما لو كان عدد الأيام أكبر لكان أفضل لي، لكن علينا عدم إنكار حقوق وزارة الثقافة والمؤسسة العامة للسينما اللتين قدمتا كل ما يحتاجه الفيلم من الألف إلى الياء، وهو ما نفتقده في شركات الإنتاج السورية التي لا تنتج سينما أصلاً.
ألفة ومحبة
بدورها تحدثت رنا جمول عن مشاركتها فقالت إن الفيلم يحكي عن عوالم كاتب يختلط معه الواقع بالخيال، وأؤدي شخصية «الكاتبة مينا» خطيبة الكاتب، لكنها تختلف معه بطريقتها ونظرتها للكتابة وبشخصيتها الواقعية، فهي تكتب ما هو حقيقي وما تقتنع به، وتعبر عن أفكارها بالكلمات، على حين يخبئ هو وجهه الحقيقي وراء كلماته لذلك هو بعيد عن روايته، فتحاول الشخصية استعادة خطيبها ليبقى معها، لكنه يبقى ملاحقاً لأحلامه وأفكاره فيذهب ويتركها.
وأبدت سعادتها بهذه التجربة، ملمحة إلى وجود ألفة ومحبة وتعاون كبير بين جميع أفراد العمل، وأضافت: الأعمال التي تنتجها مؤسسة السينما قمة في التميز، خاصة أنها لا تتطلع إلى الربح بقدر ما تهدف إلى إنجاز سينما حضارية وراقية، ولذلك تجد الجو العام مريحاً ومفعماً بالحب.
انسجام وحميمية
أما الممثل والمخرج مأمون الخطيب الذي بدأ مشواره التمثيلي في السينما قبل 17 عاماً فقال: كوني مدرّساً في دبلوم العلوم السينمائية فإني داعم ومتبنٍّ لفكرة سينما الشباب وأحترمها جداً وأقدم أي مساعدة أُدعى إليها.
وأكد أن هذا الفيلم هو الفيلم الروائي القصير الثاني له، والذي توج شراكة سابقة مع مالك محمد وبإيمانه بالشخصية والقدرة على تأديتها، مشيراً إلى أنه خريج إخراج مسرحي لكنه مؤهل ليكون ممثلاً.
وبما يخص دوره، كشف أنه يؤدي شخصية الكاتب الروائي الشهير الذي يتعرض لنوع من القلق والهاجس الإبداعي بسبب الشخصيات التي اقتحمت عوالمه، من خلال هاجس وقلق الفكرة اللذين يسيّران عوالمه الغريبة.
وعن تقييمه لطلبة دبلوم العلوم السينمائية قال: هنالك نسبة من الدفعة الأولى تمتلك مواهب كبيرة وتتعلم بطريقة جيدة، هذه المواهب فعلاً جديرة بالحصول على الفرص ومؤهلة لاستلام زمام المبادرة والاحتراف بعالم السينما.
وتحدثت عن تعاونه مع مالك محمد فقال: مالك يشبه نفسه كمبدع، وآلية تعامله مع العمل تشبه تعامله مع الدور، من احترام وخصوصية وحساسية، وأتوقع له الحصول على فرص أكبر لأن هذا الفيلم سيؤهله لذلك.
ووجه شكره للمخرج لاختياره طاقم العمل المنسجم منذ اللحظة الأولى وحتى نهاية التصوير، بجو من الحميمية التي لها دور مهم في إنجاح الفيلم.
أبعاد خاصة
أكدت عهد ديب أن الفيلم يحمل أبعاداً خاصة، وقد شعرتُ بتميز الشخصيات على الورق لأنها تحاكي طبقة معينة، هي الطبقة المثقفة أو طبقة الكتّاب.
وبينت أن الفيلم يوضح كيفية محاكاة المؤلف لشخصياته وكيف يخلقها وينسج العلاقات بينها ومعها، ومن بين هذه الشخصيات، شخصيتي واسمها «ألماسة» وهي بنت المتعة والحب والحياة.
وشددت على أن هذه التجربة السينمائية الثانية لها ذات نكهة خاصة، لأنها تعاملت مع كبار الأساتذة من الممثلين بخبرتهم الكبيرة، وخاصة أن للسينما تكثيفاً وإحساساً بكل حركة، إضافة إلى أن رؤية مالك محمد بتوجيه الممثل ونظرته للأحداث ثاقبة ومتميزة.