قضايا وآراء

سيناريوهات هزيمة أردوغان

| تحسين الحلبي

لا أحد يشك أن النظام الأردوغاني أصبح الداعم الأكبر لكل المجموعات الإرهابية التي كانت تحمل اسم القاعدة وجبهة النصرة، ويبدو أن الولايات المتحدة التي أنشأت منظمة القاعدة في بداية الثمانينيات وظفت مجموعاتها في أفغانستان لمحاربة الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت، نجحت بعد ذلك في «تفريخ» مجموعات إرهابية من هذه «القاعدة» بعد انسحاب الاتحاد السوفييتي من أفغانستان، ونشرتها في مناطق أخرى وخاصة بعد انتهاء وجود كتلة الدول السوفييتية ووضعت لها جدول عمل يتناسب مع المناطق المنتشرة فيها.
في كل مسيرة الدعم الأميركي لهذه المجموعات انخرطت دول عربية عديدة في هذه الخطط الأميركية وأصبح بعضها وكيلاً عربياً للسياسة الأميركية واعتمادها على هذه المجموعات الإرهابية الإسلاموية، فظهرت منظمة داعش عام 2014 إلى جانب القاعدة وجبهة النصرة والتسميات الأخرى التي زاد عددها على مئة في سورية والعراق، لقيادة جبهة الإرهاب العالمية الغربية ضد المنطقة.
وفي كل هذه التطورات، تحول النظام الأردوغاني منذ عام 2011 إلى الداعم الأكبر لكل هذه الأنواع من المجموعات الإرهابية وأعد لعشرات الآلاف من هؤلاء الإرهابيين أراضي تركيا لاستقبال هذه المجموعات ونقلها إلى الأراضي السورية بتنسيق مباشر مع الولايات المتحدة وحلف الأطلسي.
ورغم كل هذا الانسجام بالأهداف المشتركة للولايات المتحدة وإسرائيل وأردوغان، ضد سورية والعراق والمنطقة، تلقى أردوغان ضربات شديدة أحبطت توسع مخططه العثماني الاستبدادي الإرهابي، كان أولها صمود سورية وجيشها وقيادتها أمام كل أشكال عدوانه وهزيمة كل مجموعاته الإرهابية، ثم تلقى ضربة أخرى في مصر حين أحبط الجيش المصري مخططه لتوحيد جبهته مع قيادة الإخوان المسلمين في مصر ضد سورية وبقية الدول العربية.
وأدت التطورات المتلاحقة الناجمة عن انتصار سورية وحلفائها على المجموعات الإرهابية على الأراضي السورية إلى تصدع تحالف أردوغان مع عدد من الدول العربية وفي مقدمتها مصر والسعودية فأصبح يشكل مع قطر وحدها محوراً يسعى إلى اختراق الجبهات العربية.
يبدو أن تراجع النفوذ والقوة الأميركية في المنطقة بعد آخر جولة مجابهة جرت بين إيران والولايات المتحدة في الخليج وفي العراق، شكل عامل قلق لأردوغان ودوره في المنطقة فسارع إلى القيام بعملية عسكرية يائسة زاد فيها من اختراقه للحدود السورية، فقدم بذلك رسالة للولايات المتحدة يدعوها بواسطتها إلى الاعتماد عليه، ولذلك زاد في آخر تصريحاته من لهجته العدوانية ضد سورية وحلفائها وكأنه يعتقد أن واشنطن على استعداد لخوض حرب من أجله، وهي التي تعرف أن عالم تعدد الأقطاب الذي تحتل فيه روسيا والصين الصدارة في الساحة الدولية، لم يعد يتيح للولايات المتحدة ولا لحلف الأطلسي فرض إرادتهما على السياسة الدولية، وسوف يشهد أردوغان بنفسه أن الولايات المتحدة ستسحب قواتها من العراق ومن سورية بأسرع وقت ممكن قبل أن تسحبها على شكل جثامين، أما أوروبا فلم تعد قادرة على تحمل سياسة ترامب التي أضعفت دورها وحاصرت توسعها الاقتصادي.
يرى بعض المحللين السياسيين الأتراك أن السيناريوهات المحتملة لآخر التهديدات الأردوغانية ضد سورية هي: إما أن يغامر أردوغان بحرب تقدم روسيا وإيران الدعم فيها للقوات السورية لأن سلاح الجو الروسي والسوري معاً كانا ينفذان غارات على المجموعات الإرهابية ولا أحد يمكن أن يتصور أن تتوقف موسكو عن تصفية كل مجموعات إدلب الإرهابية، كما لا يمكن للقوات السورية التي يهددها أردوغان أن تتوقف عن إنهاء معركة إدلب بانتصار كامل، ويبدو أن أردوغان تجنب الإشارة إلى سلاح الجو الروسي حين أعلن أن سلاح الجو السوري أصبح محظوراً عليه التحليق فوق إدلب! فالمعركة ضد الإرهاب في إدلب سورية روسية إيرانية، وهذا ما يدركه أردوغان أكثر من غيره لكنه يستعرض عضلات من البالونات الإعلامية، وإذا ما غامر بحرب ضد سورية فستكون هذه آخر المعارك التي سيخسر فيها.
السيناريو الثاني هو أن يطلب أردوغان من موسكو ترتيب خريطة تتراجع فيها قواته وتحل محلها وحدات أمن روسية، وبهذه الخطة لا يظهر بمظهر المهزوم أمام إصرار سورية وحلفائها على تحرير إدلب.
السيناريو الثالث هو المحافظة على الأمر الواقع الذي لن تتوقف فيه سورية عن استكمال مهمتها في تصفية آخر معاقل الإرهابيين لكنه سيترك لهذه المجموعات خيار الانسحاب إلى الخلف أو الاستمرار من دون جدوى في معركة خاسرة لأن استمرار دعمه العسكري المباشر لها سيؤدي إلى السيناريو الأول وهو المغامرة بحرب يواجه فيها سورية وحلفاءها بما في ذلك الحشد الشعبي العراقي الذي يصر على سحب وحدات أردوغان من شمال العراق أيضاً.
يرى المحللون الأتراك أن مهمة أردوغان كوكيل للمجموعات الإرهابية اقتربت من نهايتها بموجب ما نشرته مجلة «ذي ديلي بيست» اليسارية الأميركية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن