ثقافة وفن

«حارس القدس» في مؤتمر صحفي مشحون … باسل الخطيب: المسلسل مشروع مستقل وله مكانته وخصوصيته وهو أكبر من أن يصنف تحت أي مشروع

| وائل العدس- تصوير طارق السعدوني

بأجواء مشحونة ووجوه شاحبة ومتهكمة، عقدت أسرة مسلسل «حارس القدس» مؤتمراً صحفياً في دار الأسد للثقافة والفنون بعد أيام قليلة على انتهاء التصوير في دمشق بعد أن دارت كاميرا العمل في دمشق وريفها وحلب واللاذقية وطرطوس من الأول من شهر أيلول عام 2019 وحتى الثلاثين من شهر كانون الثاني الماضي. ويتحدث العمل عن سيرة المطران الراحل إيلاريون كابوجي الذي تميز بمواقفه الوطنية والنضالية على مستوى الوطن العربي وخاصة القضية الفلسطينية ما جعل من حياته أشبه بأسطورة بما تضمنته من مواقف مشرفة وأصبح يمثل نموذجاً لرجل الدين الحقيقي المعبر عن جوهر الإيمان في محبة الوطن والحق والخير.

ويمتد العمل على مساحة تاريخية كبيرة تبدأ من عام 1933 حتى عام 2017 إضافة إلى أحداث عاصرها المطران كابوجي من النكبة والنكسة وحرب تشرين التحريرية إضافة إلى أحداث لبنان وبعدها الحرب الإرهابية على سورية.
ويرصد العمل سيرة كابوجي المولود في حلب عام 1922 الذي أصبح مطراناً لكنيسة الروم الكاثوليك في القدس عام 1965 حتى اعتقله الاحتلال الإسرائيلي عام 1974 بتهمة تهريب السلاح للمقاومة الفلسطينية، ليبعد إثر ذلك إلى روما ويقضي ما تبقى من حياته فيها من دون أن يتخلى عن دوره الوطني والديني المقاوم للاحتلال والداعم للقضية الفلسطينية ولوطنه سورية حتى رحيله عام 2017.
العمل من تأليف حسن م يوسف وإخراج باسل الخطيب وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني وبطولة: رشيد عساف، صباح جزائري، أمل عرفة، سامية جزائري، يحيى بيازي، عهد ديب، سليم صبري، ليا مباردي، إيهاب شعبان، نادين قدور، ربى الحلبي، آمال سعد الدين، اسكندر عزيز، ترف التقي، سلوى جميل، بسام لطفي، سوزانا الوز، أحمد رافع، وفاء العبد الله، جمال نصار، غسان عزب، صفوح المايماس، محمود خليلي، ريم زينو، أكرم الحلبي، باسل حيدر، إبراهيم عيسى، مهران نعمو، وجدي عبيدو، حسن دوبا، سالم بولس، يامن فيومي، أمير برازي، نور رافع، زامل الزامل، سيزار القاضي، هافال حمدي، أسامة عكام، ربيع جان، جيما دريوسي، سوسن أبو عفار، حنين الخالد، نتاشا عبد الرحمن.
الاستشارة الدينية والتاريخية للأب إلياس زحلاوي، والإشراف العام لوزير الإعلام عماد سارة.

الأيام السبعة

عبر الأيام السبعة الأخيرة من حياة كابوجي، وتحديداً منذ ليلة 22/12/2016 والإعلان رسمياً عن تحرير مدينة حلب، من العصابات الإرهابية المسلحة، ولغاية 1/1/2017 ورحيله، تمضي أحداث العمل لتسلط الضوء على حياته بدءاً من طفولته في حلب، حيث بدأت تتوضح معالم شخصيته في تمرده ورفضه لكل أشكال الظلم والقهر، ومحبته لفعل الخير ومد يد العون لمن يحتاج إليها، مروراً بمرحلة دراسته علوم اللاهوت والفلسفة، في دير الشير بجبل لبنان، وفي معهد القديسة حنة بالقدس، ليعمل لاحقاً نائباً عاماً للبطريرك مكسيموس الرابع في ريف دمشق حيث ساهم في تحسين أوضاع الرعية المسيحية وحثهم على عدم الهجرة والبقاء في أراضيهم.
ليعود من جديد إلى القدس عام 1965 مطراناً للروم الملكيين الكاثوليك، ولتبدأ مرحلة مهمة من حياته كان فيها من جهة راعياً صالحاً لشؤون رعيته وكنيسته، ومن جهة أخرى مناضلاً في سبيل استعادة الشعب الفلسطيني حريته وحقوقه المشروعة، حيث حوكم من سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتهمة دعمه للمقاومة الفلسطينية، في محاكمة طويلة تعتبر من أشهر محاكمات القرن العشرين، وسجن ثلاث سنوات قبل أن يتدخل الفاتيكان لإطلاق سراحه المشروط بإبعاده عن فلسطين ومنعه من زيارة أي دولة عربية وعدم ممارسته أي نشاط سياسي.
ويكتسب هذا العمل أهميته أنه يقدم سيرة إنسان ورجل دين ومناضل استثنائي كان شاهداً ومشاركاً في أهم الأحداث التي عصفت بمنطقتنا، بدءاً من نكبة فلسطين عام 1948 وانتهاءً بالحرب على سورية، التي كان خلالها رغم تقدمه بالعمر مشاركاً في دعم سورية وجيشها وشعبها سواء بإرسال التبرعات والمعونات أم في إقامة المحاضرات في أماكن مختلفة من العالم لشرح حقيقة المؤامرة التي تتعرض لها سورية. ويعد هذا العمل الأول في الدراما السورية والعربية الذي تكون فيه الشخصية الرئيسة والمحورية رجل دين مسيحياً من خلال تقديم شخصية من هذا النوع للجمهور العربي وتسليط الضوء على حياة هذا المطران وتعريف الجيل الجديد به ولاسيما أنه قدم الكثير لسورية وخاصة في فترة الحرب عليها، وكان له دور فعال في دعم السوريين.

رسالة سورية وعالمية

أوضح الأب إلياس زحلاوي أن كلمة إيلاريون تعود لأسقف من غزة عاش في القرن الثالث وتوفي شهيداً، وفي اليونانية تعني هذه الكلمة السعيد، والمطران كابوجي اختار هذا الاسم نسبةً لكهنوت، ولكن لم يدر حينها أنه سيكون بمنزلة الشهيد.
وقال: سعيد لما كان عليه هذا المطران الاستثنائي، وعلى كل مطران في العالم أن يكون مثله، بل على كل رجل دين مهما كانت ديانته، لأن الدين الذي لا يخدم الإنسان ليس بدين.
وأشار إلى أن المسلسل سيحمل رسالة سورية والوطن العربي والعالم وكنائس الشرق والغرب، ونحن بأمس الحاجة إليه، وأشكر اللـه لأنه أرسل لنا حسن م يوسف ليكتب النص.

رجل استثنائي

رأى مخرج العمل باسل الخطيب أن العمل يتحدث عن رجل دين مناضل واستثنائي، وما يميزه عن رجال الدين الآخرين أنه لم يكتف بموقعه الديني وبواجباته الدينية فقط، بل كانت له واجبات أخرى في الحياة من منظور مختلف، بأنه كان راعياً لرعيته ومهتماً بهموم شعبه ومدافعاً عن حقوقهم في فلسطين وسورية.
وأثنى على أداء ونجومية رشيد عساف مؤكداً أنه الاختيار الأفضل، خاصة أنه استطاع التقاط نبض الشخصية وتفاصيلها الروحية وكان على قدر كبير من المسؤولية.

ونفى الخطيب ما ردده زياد الريس على أن هذا العمل يأتي ضمن مشروع «خبز الحياة» وقال: توفي المطران في 1/1/2017 وبعد أربعة أيام اتفقت مديرة المؤسسة حينها ديانا جبور معي ومع الكاتب ووقعنا العقود قبل قدوم زياد الريس وإطلاق هذا المشروع، وبالتالي فإن «حارس القدس» بالنسبة لي هو مشروع مستقل وله مكانته وخصوصيته، وهو أكبر من أن يصنف تحت أي مشروع.

وشدد الخطيب على أنه وبكل وضوح، لولا دعم وزير الإعلام عماد سارة لم يكن لهذا المشروع أن يكتمل.
ووجه شكره للأب إلياس زحلاوي الذي اعتبره عراب العمل، وأياديه البيضاء واضحة في كل خطوة قمنا بها.

الشخصية المستنيرة

بدوره أوضح كاتب العمل حسن م يوسف أنه اشتغل على النص مدة سنة وشهر واحد وتابع: يشرفني أنني وضعت ما أملك من مواهب محدودة في هذه الشخصية المستنيرة، وقابلت أناساً كثراً مقربين من المطران كابوجي واستندت إلى عدة كتب واستفدت من لقاءات عدة.
وبيّن أن ما يريد التركيز عليه هو أن المطران كابوجي سار في درب النور الوطني الذي شقه الشيخ عز الدين القسام والذي اكتشف أن معركة الأمة تنطلق من فلسطين فترك مدينة جبلة وقاد المقاومة ضد الاستيطان والاحتلال واستشهد هناك، واضعاً الوطن بوابة للوصول إلى الله، وكذلك أيضاً ما فعله كابوجي، وقد وضعت قلبي وخلاصة ما توصل إليه عقلي في خدمة هذه الشخصية.
وأكد أن كابوجي مناضل قومي ومسيحيته جزء من شخصيته، هكذا كتبت النص ولكن لا أعرف كيف سترونه على الشاشة، لأن العمل الفني يكتب على الورق ثم تعاد كتابته أثناء التصوير ثم أثناء المونتاج، وأعتقد أن التركيز على البعد الديني يختطف الشخصيات لمساحات أخرى.
وكشف أنه منذ الحرب على سورية لم يكتب سوى هذا العمل، وإن أردنا استعادة مكانة الدراما السورية وهو واجب وطني، يجب على الفنانين العمل مع بعضهم وليس ببعضهم.
الفن والدراما هما الحياة، والمطران عاش 95 عاماً ونحن رصدنا حياته في 24 ساعة درامية وثلاثين حلقة.
ووجه شكره لمن أعطته الفرصة، السيدة ديانا جبور، لأنها اتصلت بي بعد وفاة المطران وطلبت مني كتابة النص ولها الفضل في العمل.

العناصر الروحية والوطنية

وأوضح بطل العمل رشيد عساف أنه بحث عن مفاتيح الشخصية والمكنونات الداخلية الروحية والنفسية، مازجاً بين الوطني والروحي والكهنوتي.
وقال: لم يكن مطلوباً مني تقليد الشخصية، بل أن أصل إلى العناصر الروحية والوطنية إضافة إلى قدرة المطران على التصدي للعدو المحتل، وسعيت جاهداً أن أوائم بين أدائي وبين روح هذه الشخصية، وقد تابعت له طقوساً كنسية لأؤدي الدور بشكله الصحيح.

«الغسيل الوسخ»

خلال المؤتمر تمت دعوة كل من اسكندر عزيز ويحيى بيازي وسالم بولس، لكنهم جلسوا على المدرجات مع الإعلام، فطلب الأول الصعود إلى المسرح للكلام فقال: عندما وصلني الدور تصفحته وأحسست بشيء من الفرح، ولما أعدت قراءته للمرة الثانية والثالثة بدأت أشعر بالرهبة والخوف، وتساءلت عن البعد النفسي الذي يجب أن أعتمده حتى أنجح في توجه شخصية «الأب باسيل» التي سوقت القضية إلى العالم من خلال مفهومها المسيحي.
أما الثاني فطلب أن يتكلم ليتحدث عن الظروف الإنتاجية الصعبة قبل أن يتدخل زياد الريس ويشير له بيده ويطلب منه السكوت، الأمر الذي أثار غضب بيازي الذي اعترض على هذه الطريقة، الأمر الذي أثار حفيظة رشيد عساف الذي قرر الانسحاب، رافضاً نشر «الغسيل الوسخ» أمام الإعلام، قبل أن ينجح كاتب ومخرج العمل بإعادته للمؤتمر.
وبعد نهاية المؤتمر صرح يحيى بيازي للوطن قائلاً: الفن هو تقدير واحترام للإنسان ولا يحق لأي كان إسكاته، لكن تمت دعوتي لأكون مستمعاً وموافقاً على كل ما يقال، ولكن كممثل عشت في سورية تسع سنوات من الحرب لا يستطيع أحد إسكاتي بإشارة أمام الحضور الإعلامي، فنحن في المسرح ولسنا في قهوة الروضة.
وأضاف: كل ما قيل عن البذخ الإنتاجي هو أكبر كذبة على الإطلاق، لدرجة أن زجاجة المياه كانت ممنوعة.
أما الثالث فلم يبح بأي كلمة ولم تتح له فرصة الكلام مطلقاً.

60 مليوناً

تحدث مدير المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي أن المؤسسة قدمت كل ما تستطيع تقديمه من أحدث التقنيات وكامل الإمكانات والتجهيزات التي طلبت، ورغم كل ما قدمناه، زاد وفر مالي بما يقارب 60 مليون ليرة سورية.
هنا قاطعه مخرج العمل وقال: الوفر في الميزانية يعود الفضل فيه إلى فريقي الإنتاج والإخراج.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن