قضايا وآراء

صراع جديد في الإستابلشمنت الأميركي!

| دينا دخل الله

الإستابلشمنت الأميركي هو مصطلح مستخدم بكثرة في العالم ويقصد به مجمل الطبقة السياسية والمؤسسات السياسية في واشنطن، هذا الإستابلشمنت يتعرض اليوم للهزة تلو الهزة، كان آخرها مسألة صلاحية إعلان الحرب.
فعلى الرغم من انشغال الديمقراطيين بالانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية القادمة، إلا أن الحزب ما زال يقود حربه في الكونغرس ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ قام مؤخراً مجلس النواب ذو الأغلبية الديمقراطية بتمرير مشروع قرار يحد من صلاحيات الرئيس لإطلاق عمليات عسكرية دون موافقة الكونغرس إلى مجلس الشيوخ لإقراره. صوّت مجلس الشيوخ، ذو الأغلبية الجمهورية، الأسبوع الماضي لمصلحة مشروع القرار الذي قدمه النائب الديمقراطي تيم كين والذي بموجبه على الرئيس دونالد ترامب «الالتزام بوقف جميع الأعمال العدائية ضد إيران خلال ثلاثين يوماً»، كما أنه لن يسمح للرئيس «بإطلاق أي عمل عسكري دون إعلان الكونغرس حالة الحرب، أو تبنيه تشريعاً خاصاً يسمح بالعمل العسكري».
انضم ثمانية من النواب الجمهوريين في مجلس الشيوخ إلى الديمقراطيين وصوتوا لمصلحة القرار. هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها الكونغرس «قانون صلاحيات الحرب» ضد الرئيس ترامب إذ صوت الكونغرس عام 2019 ضد الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للتحالف السعودي في حربه ضد اليمن، لكن ترامب استخدم الفيتو المعلَّق «suspensive veto» ضد القرار في ذلك الوقت.
ترامب الذي هدد باستخدام الفيتو ضد القرار الجديد قال: «إن الديمقراطيين بهذا القرار يريدون زعزعة وحدة الحزب الجمهوري ليس إلا».
فهل استطاع الديمقراطيون زعزعة وحدة الحزب الجمهوري ودعمه لمواقف رئيسهم؟ أم إن تصرفات ترامب وقراراته الانفعالية صعّبت على المشرّعين الجمهوريين الاستمرار في دعمه؟
قد يكون ما نشهده صراعاً داخلياً بين حمائم الحزب الجمهوري وصقوره، والذي يظهر بوضوح في قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، فمثلاً السيناتور جايمس انهوف رئيس لجنة الخدمات المسلحة يرى أن «الديمقراطيين يصورون الرئيس ترامب كأنه يريد الحرب»، لكن هذا ليس صحيحاً، ليس هناك حرب مع إيران فالضربة الجوية ليست حرباً.
أو قد يكون ما حصل هو رغبة مشتركة بين المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين في إعادة النفوذ الدستوري للسلطة التشريعية على العمليات العسكرية وخاصة بعد أن تنازلت السلطة التشريعية عن نفوذها في إقرار العمليات العسكرية للسلطة التنفيذية بعد أحداث 11 أيلول 2001، حيث قال السيناتور كين: «نحن (الكونغرس) علينا مسؤولية خاصة إذ يجب أن نفكر ملياً قبل أن نرسل جنودنا إلى الخطر». أما رئيس الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر فقد قال: «إننا بهذا الاتفاق بين الحزبين نؤكد أننا لا نريد أن يقوم رئيس بالتلويح بالحرب دون موافقة الكونغرس».
لعل ما يحدث الآن في واشنطن هو خير مثال عن كيف تسير الأمور في الإستابلشمنت الأميركي وكيف يكون صراع النفوذ بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وبين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
فإذا استخدم الرئيس الفيتو الرئاسي المعلَّق ضد القرار فسيكون من الصعب على الكونغرس تخطي هذا الفيتو إلا إذا استطاع مجلس الشيوخ تأمين ثلثي الأصوات، وهو أمر صعب مع وجود أغلبية جمهورية متمسكة بولائها لحزبها قبل كل شيء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن