شيّلني… والوطن يدفع!!
إسماعيل مروة :
كنت أتابع الإذاعة صباحاً عندما جاءني هاتف من صديق يقول لي: مالك ولهذا الذي تكتبه من نقد، «حط راسك بين الروس، وقول يا قطاع الرؤوس»، وجاءني من صديق آخر هاتف يشيد بما قرأ، بينما كانت إذاعة دمشق تقدم أغنية لسيد درويش تقول: حط راسك بين الروس، ولا تقول خيار ولا فؤوس! وعندما علقت المذيعة لم تذكر لسيد درويش مدرسة النقد، وكل ما جاءت به أن هذه الأغنية الرائعة لسيد درويش تعلمنا الاتكال على الله! وكأنها بقراءتها لتراث سيد درويش تعيدني إلى ذلك الصديق الذي يلوم على ما أقول، مع أنني على يقين بأن الكلام الذي يكتب لا يفعل شيئاً، فعندما تكتب قد تجري محاولات للشراء والإسكات ترغيباً أو ترهيباً، ولكن أغلب ردة فعل المسؤول المعني هي التجاهل! كلام صحافة لا يعني شيئاً، لن يتابعه أحد، ولن يفعل أحد شيئاً، وهو على حق في كثير من الأحيان في تجاهلهّ فقد كتبنا مرات عن الجمعيات التعاونية السكنية التي صاغت قوانينها على مقاسها، وبدل أن تساعد الفقير صاحب الكسب الصغير تعمل على سرقته وبوقاحة تحت وطأة قوانينها الخاصة، ولدى مراجعتها كان جواب الاتحاد التعاوني السكني القانون هكذا، وبيننا وبينكم القضاء! وخاطبنا السيد وزير الإسكان، وعلى الرغم من مضي شهر على الخطاب لم يأتنا جواب حتى ولو كان مماثلاً لجواب الاتحاد التعاوني السكني، ولكن هل يدفعنا هذا إلى وضع رؤوسنا بين الرؤوس؟ وهل يخضع أحدنا لما يقوله سيد درويش شيّلني وشيّلك؟ ألا يكفي أن كثيراً من المسؤولين يعتمدون سياسة شيلني وشيلك مع أصحابهم وأصحاب المواقع؟
السيد المسؤول ومن حوله يعلمون أن أحدهم لا يزور مكتبه، ولكنهم لم يفعلوا شيئاً حيال ذلك، وبقيت امتيازاته تنهمر عليه كالبنزين من دون أن تصيبه بأذى أو احتراق وسواء تصرف السادة المسؤولون من أجل الإصلاح أم لم يتصرفوا فإن الكتابة واجب علينا ورسالة، وخاصة عندما تنتفي المصلحة الشخصية، ولن يسمح للقلم أن يقول: ضع رأسك بين الرؤوس، ولن نلجأ كما أرادت المذيعة إلى التوكل والتواكل بهذه الصيغة، ولا يجوز اختيار الحلقة الأضعف، وحلّها لأنها لا حول لها ولا قوة، واختيار حلقة واهية لكنها صلبة!
الوطن أسمى من الأشخاص، ويحتاج منا إلى كلمة نقولها لا تردنا عنها صداقة مهما علت، أو مصلحة مهما بلغت! ولا بد لمن يتخذ القرار أن يتخذه وفق مصلحة الوطن، وليس وفق مصلحته وصداقته، ولا يجوز أن يتولى أحدهم شأناً عاماً يجهله لمجرد أنه طلب ذلك من جهة ما!! هل يعقل أن أتبوأ منصباً لأنني قريب من ذلك صاحب القرار؟ وهل يقبل المسؤول المباشر أن يضرب مؤسسة في الصميم بجهل وضعف كرمى لأحدهم، وهو في النهاية من سيتم تقييم أدائه؟! لن ينفعه عند التقييم وعند الناس أن يقول: هذا فرضه فلان! لن يسمعه أحد!
أي موقع يخضع للتجربة، وذلك وفق قانون التوظيف والنقل والندب، وبعد مدة التجربة يمكن أن يستمر الشخص أو يستغنى عن خدماته، ولا يغض من قيمته التقويم!
أم إن قانون الاتحاد السكني القائم على سرقة صغار الكسبة يطبق، والقانون الذي فيه مصلحة الوطن يعطل العمل به؟!
يمكن أن يتم وقف العمل بالحدود الدينية وفق ظروف وشروط أما حدود الوطن والبلد فلا يجوز أن يوقف العمل بها مطلقاً، ونحن في مثل هذه الظروف أكثر حاجة لتطبيق الحدود، وتعزيز الثقة بين الوطن والمواطن، وبين المواطن وحكومته، والعهدة على الراوي.