قضايا وآراء

سورية: منطلق التصدي للغطرسة الأميركية

| رزوق الغاوي

على عكس ما سعت إليه مؤخراً من تحقيق مكاسب ميدانية تحفظ بها ماء وجه سلطنة أردوغان العثمانية عقب الإنجازات البطولية التي حققها الجيش العربي السوري في غضون الأسابيع الأخيرة، أصيبت أنقرة بخيبة أمل كبيرة جراء تناغم إصرار الجيش السوري على التقدم واستعادة مساحات واسعة من الأراضي التي احتلتها التنظيمات الإرهابية المدعومة من قوات الاحتلال التركي، مع موقف موسكو الصريح والحاسم على الصعيدين العسكري والسياسي والدبلوماسي، مؤكدةً للجانب التركي حرصها على تنفيذ مخرجات «سوتشي واستانا» الخاصة بضرورة القضاء على التنظيمات الإرهابية والمحافظة على وحدة الأراضي السورية، ومن ثم المضي في الجهود الرامية لتحقيق تسوية سياسية تضمن لسورية سيادتها الكاملة على أرضها ومقدراتها وثرواتها الوطنية، وتضمن لها تالياً القدرة الكفيلة بالمساهمة الفعالة في إعادة إعمار ما دمره الإرهابيون ومشغلوهم من الولايات المتحدة الأميركية وباقي بلدان الغرب الاستعماري وفي هذا السياق، يمكن لهذه العلاقة العضوية ذات «البعد الاستراتيجي» بين الجارتين الصديقتين سورية وروسيا، أن تصب في خدمة الشعوب والبلدان المستقلة ودعمها في التصدي لما تتعرض له من عدوان إمبريالي ورأسمالي متوحش ومواجهته، ما يؤكد الضرورة الملحة لقيام فضاء تعاون اقتصادي حيوي بينهما يتوازى في أهميته مع أهمية التعاون العسكري الذي أثبت نجاعته وفاعليته على أرض الواقع في التصدي للإرهاب وردعه، ما يستدعي بالتالي رفع وتائر تطوير القدرات الاقتصادية السورية من خلال زيادة آفاق التعاون البناء القائم على التبادل المشروع والمثمر للمصالح المشتركة للجانبين في جميع الميادين وعلى مختلف الصعد.
ومن دون أدنى شك، فإن المضي في عملية النهوض بالاقتصاد الوطني السوري أمر ممكن في ضوء الرؤى المشتركة بين دمشق وموسكو، والتي ترسخت عبر تاريخ طويل من العلاقات الإستراتيجية منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، وتجسدت بفاعلية بمعاهدة الصداقة والتعاون الإستراتيجي بين سورية والاتحاد السوفييتي، ما يستدعي العمل على وضع المقدمات الموضوعية لترسيخ قواعد التعاون الثنائي الشامل في مختلف المجالات الاجتماعية والعلمية والفنية والثقافية إلى جانب التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري، وهذا أمر من شأنه أن يعود بالفائدة لمصالح البلدين المشروعة، والأمر ذاته ينبغي أن يتحقق من خلال علاقات الصداقة القائمة بين سورية والاتحاد الأوراسي وبلدان البريكس ومنظمة شنغهاي والعديد من بلدان أميركا اللاتينية، ما من شأنه توسيع إطار محور المقاومة ورعايته وتمكينه من تحقيق أهدافه المناهضة لقوى الشر.
لاشك أن موقع سورية الجغرافي الاستراتيجي، من شأنه أن يلعب مستقبلاً دوراً فاعلاً في كسر حلقات الدرع الصاروخية الأميركية، ووضع حد للتهديد الذي يمثله توسّع المنظومة الصاروخية الأميركية الأطلسية، حول الدول المناهضة للمشاريع الأميركية وما يمكن أن ينتج عنه من تهديد للأمن والاستقرار في العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن