قضايا وآراء

قراءة في خطة حواتمة لإسقاط «صفقة القرن»

| نعيم إبراهيم

قدم الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين السيد نايف حواتمة، للرأي العام، خطة وطنية لإسقاط صفقة «ترامب – نتنياهو» أو ما اصطلح على تسميتها «صفقة القرن» وذلك خلال ندوة عقدتها مجلة «الحرية» أوائل شهر شباط 2020 تناولت فيها تداعيات إطلاق رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب «رؤيته للسلام»، وكيفية الرد الوطني عليها.
بداية ينبغي التأكيد أن الساحة الفلسطينية باتت بحاجة فعلية إلى مراجعة نقدية حقيقية لمواقف كل القوى الفلسطينية من المشروع الصهيو أميركي الرجعي في المنطقة، في ظل مؤامرات الربيع العربي والفوضى الخلّاقة ومشروع الشرق الأوسط الجديد والتداعيات الكارثية التي تركتها وأفضت إلى فتح الأبواب على مصاريعها أمام «صفقة القرن» والتطبيع مع الاحتلال الصهيوني.
لذلك يمكن اعتبار خطة حواتمة ذات أهمية كبيرة في سياق البدء بالمراجعة النقدية في الساحة الفلسطينية، ويعتقد البعض أنه «قدم الحلول الواقعية والعملية في مختلف مراحل الصراع، وكان له ولا يزال دوراً أساسياً في صياغة برامج الكفاح ضد الاحتلال والاستيطان».
يؤكد حواتمة أن «صفقة القرن» ما هي إلا صفقة تصفية القضية وحقوق شعبنا الفلسطيني، وصفقة شطب وجوده على الأرض، ويقول إنها «تقوم على نسف ما أنتجه القرنان العشرون، والحادي والعشرون، من قرارات وقوانين دولية لحل المسألة الفلسطينية، بما يضمن الحد الأدنى من الحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني».
ويرى حواتمة أن ترامب يقدم حلّاً، هو في الحقيقة، ليس حلّاً سلمياً، بل هو إعلان حرب، تشنها إدارة الولايات المتحدة على شعبنا وحقوقه إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، «حل» يقوم على شطب كل حقوق الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
أما الرد والخطة فهما بحسب حواتمة ببساطة التمسك بالبرنامج المرحلي، أي البرنامج الوطني، برنامج العودة، وتقرير المصير والدولة المستقلة. مشيراً إلى أنهم في الجبهة قدموه سابقاً في أكثر من محطة للحركة الوطنية الفلسطينية ولحركة التحرر العربية، وللأصدقاء في المجتمع الدولي، وناضلوا ولازلوا يناضلون من أجل تحقيقه.
ومما يطالب به حواتمة على الصعيد الوطني الداخلي تصحيح العلاقات بين فصائل «م. ت. ف» وتصويبها، على أسس ائتلافية، تقوم على مبادئ الشراكة الوطنية، بديلاً عن سياسة التفرد والاستفراد، والإقصاء والتهميش، وبالانتقال إلى إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الداخلية على أسس ديمقراطية، عبر انتخابات شاملة، لرئاسة السلطة، وللمجلسين التشريعي في السلطة، والوطني في «م. ت. ف» على أسس ديمقراطية، بنظام التمثيل النسبي، وبعتبة حسم لا تتجاوز 1 بالمئة.
أما على الصعيد السياسي فإن حواتمة يطالب بالإعلان رسمياً عن وقف العمل باتفاق أوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي، وسحب الاعتراف بدولة الاحتلال إسرائيل، إلى أن تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، على حدود 4 يونيو 1967، ويتوقف الاستيطان وقفاً تاماً، عملاً بقرار مجلس الأمن في نهاية 2016، وبإجماع أعضائه، رقم 2334.
ويشير حواتمة إلى ضرورة طلب العضوية العاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، بالبناء على القرار 19/67 (تشرين الثاني 2012) للجمعية العامة، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 والتقدم إلى الأمم المتحدة بطلب عقد مؤتمر دولي لحل المسألة الوطنية الفلسطينية، بموجب قرارات الشرعية ذات الصلة.
وعلى قاعدة هذا كله، وفي مقدمة هذا كله، يدعو حواتمة إلى استنهاض المقاومة الشعبية بكل الأشكال، ضد الاحتلال والاستيطان، نحو انتفاضة شاملة، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يقود إلى عصيان وطني شامل، إلى أن يحمل الاحتلال والاستيطان عصاه ويرحل عن كل شبر من أرضنا المحتلة منذ 5 يونيو 1967.
وعلى الصعيد الوطني الشامل فإن حواتمة يدعو إلى مؤتمر وطني شامل، يجمع ممثلين عن شعبنا في مناطق الـ48، والمناطق المحتلة عام 1967، وفي الشتات والمهجر، لتوحيد برنامج النضال الوطني الفلسطيني.
وبشأن مصير السلطة الفلسطينية وحسماً للجدل، فإن حواتمة يؤكد رفض جبهته حل السلطة الفلسطينية، ويقول: نحن مع القرار الوطني في 28/1/2020، في الاجتماع القيادي الفلسطيني، بتعديل وظائفها من سلطة مقيدة باتفاقيات أوسلو، إلى سلطة تلتزم تطبيق البرنامج الوطني، في الميدان، في الجانب الاقتصادي والأمني والخدماتي، وغيره، بما يوفر لشعبنا عناصر القوة والصمود والثبات في حرب الاستقلال التي يخوضها، تحت راية البرنامج المرحلي (البرنامج الوطني) لمنظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية، على قاعدة ديمقراطية انتخابية وحدوية.
إن القراءة المستفيضة والمتفحصة لخطة نايف حواتمة تجعلنا نسجل الملاحظات والانتقادات التالية:
– إن البرنامج المرحلي أو برنامج النقاط العشر الذي طرحته الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في العام 1974 لا يمكن التعاطي معه على أنه المشروع الأمثل لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة، ذلك أن هذا البرنامج اعتبر أول محاولة للولوج في طريق الحل السلمي مع العدو الصهيوني، والذي أفضى إلى توقيع اتفاق أوسلو ونتائجه الكارثية على الشعب الفلسطيني وقضيته ونضاله الوطني.
– يؤخذ على حواتمة مطالبته على الصعيد الوطني الداخلي تصحيح العلاقات بين فصائل «م. ت. ف» فقط، في حين أن هناك فصائل وقوى أقصيت تماماً من المنظمة، وتمت تشكيلات جديدة مثل تحالف القوى الفلسطينية، فماذا عن علاقات جبهته مع هذا التحالف؟!
– إن الانتخابات الشاملة التي يطالب بها حواتمة، رئاسة السلطة، وللمجلسين التشريعي (في السلطة) والوطني (في م. ت. ف) لإنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الداخلية، تعني أنه يوافق على اتفاقات أوسلو ومفرزاتها.
– حواتمة يطالب بالإعلان رسمياً عن وقف العمل باتفاق أوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي، وسحب الاعتراف بدولة الاحتلال إسرائيل إلى أن تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، على حدود 4 يونيو 67، فأين هي السيادة لهذه الدولة العتيدة إذا كانت ضمن الحدود المذكورة فقط وجاءت كأحد إفرازات أوسلو. وماذا عن بقية فلسطين التاريخية؟
– بعد ذلك يطالب حواتمة بضرورة طلب العضوية العاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، على حدود 4 يونيو 1967، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 وهذا مخالف حتى لبرنامج النقاط العشر تماماً كما هو طلبه بالتقدم إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر دولي لحل المسألة الوطنية الفلسطينية، بموجب قرارات الشرعية ذات الصلة، وطلبه الحماية الدولية لشعبنا ضد الاحتلال وضد الاستيطان.
– وفوق هذا كله يحسم حواتمة الجدل بشأن مصير السلطة الفلسطينية ويؤكد رفض جبهته حل هذه السلطة.
لا شك أنها سياسة «اللغم» ووضع «رجل في الفلاحة ورجل في البور» ولن تُسقط «صفقة القرن».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن