شؤون محلية

أريد حلاً

| نبيل الملاح

بداية أود أن أشير إلى أنني استوحيت عنوان هذا المقال من فيلم لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة رحمها الله؛ هذا الفيلم الذي أظهر قباحة الظلم وأثر المعاناة في نفوس وحياة الإنسان بأسلوب درامي رائع.
وأضيف: إنني بين الحين والآخر أقع في حالة إحباط ويأس تجعلني أتوقف عن الكتابة لشعوري بأن ما أكتبه أنا وما يكتبه غيري لا يلقى آذاناً مصغية ويبقى حبراً على ورق، ولا نسمع رأي المعنيين بما نطرحه من رؤى وأفكار تهم الوطن والمواطن؛ بل على العكس تماماً نسمع كلاماً بعيداً عن الحق والحقيقة من خلال هؤلاء المنافقين والانتهازيين الذين تصدروا المشهد العام ليدافعوا عن تقصير وإهمال الجهات المعنية ويصوروا الواقع خلافاً للحقيقة بشكل يستفز الناس الذين وصلوا في معاناتهم إلى درجة كبيرة يصعب عليهم بل يستحيل عليهم الاستمرار في تحملها.
في الوقت الذي يعاني فيه ذوو الدخل المحدود الذين لم ينخرطوا في الفساد والذين يشكلون لا يقل عن ثمانين بالمئة من الشعب من ضعف الدخل الذي لا يغطي ربع تكاليف المعيشة في أحسن الأحوال؛ في الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار يومياً ما اضطر هؤلاء للاستغناء عن مواد غذائية أساسية كاللحمة التي أصبح سعرها غير معقولٍ بسبب تصدير وتهريب الأغنام إلى الخارج، وسمعت تصريحاً لرئيس جمعية القصابين (اللحامين) يقول فيه: إن سبب ارتفاع أسعار اللحوم هو التهريب، أليس هذا فساداً واضحاً يتم أمام أعين الجهات المعنية جهاراً نهاراً، ويدل على عجزها وتواطئها؟.. وهناك أمثلة كثيرة مماثلة تؤكد عجز الجهات المعنية في معالجتها؛ بل أصبحت تصريحات الوزراء والمعنيين مستفزة للناس لعدم ملامستها الواقع والحقيقة وكأنهم يعيشون في مكان آخر ولا يعانون ما يعانيه الناس، وهم بالتأكيد لا يعانون.
لقد أصبحت الفجوة بين تكاليف المعيشة ودخل المواطن كبيرة جداً، وبالتأكيد فإن ذلك سيؤدي إلى أوضاع تنتشر فيها الجريمة بكل أشكالها وتنهار العلاقات المجتمعية وعلاقة المواطنين بالدولة.
أعتقد جازماً أنه حان الوقت وأكثر من أي وقت مضى لبحث ما آلت إليه الأمور ووضع رؤية واضحة وشفافة يتم إعدادها والعمل عليها بأيدي رجال دولة واختصاصين، فحياة الناس ومعيشتهم مهددة بالانهيار في ظل ضعف وبطء المعالجات والتراخي بمكافحة الفساد، وعدم وجود مقومات الحياة الأساسية من كهرباء وغاز ومحروقات.
طبعاً لا أحد ينكر الأسباب الموضوعية لتردي الأوضاع المعيشية ومن أهمها الحصار المفروض على سورية الذي على ما يبدو سيزداد عنفاً، ولكن علينا أن نقر بأن مواجهة ذلك تتطلب إدارة حكومية كفؤة بعيدة تماماً عن أي شبهة فساد وقادرة على ملاحقة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة التي لابد من استردادها لدعم موازنة الدولة وإيصال رسالة حازمة للفاسدين بأن المال العام هو ملك للشعب لا يجوز الاقتراب منه وأن استرداده لا يخضع للتقادم.
لابد من قرارات فورية بمنع استيراد السيارات وخاصة السيارات الفارهة، والاستعاضة عن ذلك بتأمين منظومة نقل عام لائقة، ولابد من منع استيراد جميع المواد والسلع الكمالية، وإعطاء الأولوية لمستلزمات الزراعة والصناعة وتأمين الدواء.
إن لم نقم بذلك فسيكون الوطن في خطر كبير، وأقول علينا أن نقول الحق أو نصمت ولا نتحدث بما لا نعرف وأن النفاق بات يؤلمنا.. إننا نريد حلاً.
باحث ووزير سابق

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن