قضايا وآراء

بين «هودي مودي» و«ناماستي ترامب» أين هي العلاقات الأميركية الهندية؟

| دینا دخل اللـه

مرة أخرى تستحوذ جنوب آسيا على اهتمام كبير في السياسة الخارجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ قام بزيارة قبل أيام للهند مع أن فترته الرئاسية قاربت على الانتهاء. استقبل ترامب بحفاوة كبيرة ما أعاد إلى الأذهان الزيارة الشهيرة التي قام بها الرئيس الأميركي دوايت آيزنهاور للهند عام 1959. سار أغلب الرؤساء الأميركيين الذين زاروا الهند رسمياً على خطا الرئيس آيزنهاور أول رئيس أميركي يزور البلاد، أي وضع الزهور على نصب المهاتما غاندي وزيارة تاج محل وإلقاء خطاب في البرلمان وإلقاء كلمة في موقع رمليلة الشهير في دلهي.
مرت العلاقات الأميركية الهندية بمرحلة توتر عبر التاريخ. فمع بدايات الحرب الباردة أصبحت الولايات المتحدة وباكستان حليفتين مقربتين بينما بقيت الهند على الحياد بالإضافة إلى علاقتها مع الصين حيث كانت واشنطن تضغط على دلهي لاتخاذ موقف حاسم من بكين بخصوص قضية التيبت. إلا أن العلاقة الدافئة بين آيزنهاور ورئيس الوزراء الهندي آنذاك جواهر لال نهرو ساعدت على تخفيف التوتر بين البلدين.
بعد ذلك تحولت سياسة عدم الانحياز في عهد رئيسة الوزراء أنديرا غاندي إلى سياسة مؤيدة للاتحاد السوفيتي بشكل واضح ما أزعج الأميركيين، وخاصة الرئيس ريتشارد نيكسون الذي قام بزيارة ليوم واحد للهند عام 1969. وفي عام 1999 فرضت واشنطن عقوبات على الهند عقب اختبارها للقنبلة النووية. لكن العلاقة بين البلدين تحسنت مع زيارة الرئيس بيل كلينتون للهند عام 2000، وخاصة أن الهند اعترفت بإسرائيل عام 1992. وفي عام 2006 زار الرئيس جورج دبليو بوش الهند وقام مع رئيس الوزراء مانموهان سينغ بإبرام اتفاقية نووية تاريخية أخرجت الهند من عزلتها التي دامت لعقود. أما في عام 2015 وخلال الزيارة الأخيرة للرئيس باراك أوباما للهند وقّع مع رئيس الوزراء الحالي ناريندرا مودي إعلان صداقة يحمل شعار «لنتقدم إلى الأمام معاً».
قد يكون لزيارة ترامب أهداف عديدة لعل أهمها كبح نمو الصين كقوة لها نفوذ سياسي وعسكري في شرق آسيا. فهناك عداء تاريخي بين الصين والهند بسبب استضافة الهند الدالاي لاما الذي انتفض على الصين عام 1959، بالإضافة إلى وجود خلافات حدودية بين البلدين أدت إلى نشوب حرب عام 1962. ما تحاول أميركا الاستفادة منه للحد من تزايد نفوذ الصين في المنطقة.
من ناحية أخرى، واشنطن التي تستعد للخروج من أفغانستان تريد أن تستعين بالوجود الهندي على الحدود الباكستانية الأفغانية في مواجهة الجماعات الإسلامية المتطرفة.
وبما أنها سنة انتخابية للرئيس الأميركي فإن زيارة كهذه قد تعزز موقفه وتجذب أصوات الهنود الأميركيين البالغ عددهم حوالي 3 ملايين نسمة لمصلحته. فحسب هيئة المسح القومي الأميركي الآسيوي في عام 2016 صوت 16 بالمئة فقط من الأميركيين ذوي الأصول الهندية لمصلحة ترامب. كما تعزز عقود التسلح التي أبرمها ترامب مع الهند بحوالي 3 مليارات دولار موقفه أمام مؤيديه وتظهره بمظهر المدافع عن الوظائف والصناعات الأميركية.
بين شعار «هاودي مودي» أي تحية لمودي، الذي رفع في مهرجان أقامه الرئيس ترامب لرئيس الوزراء الهندي في هيوستن بولاية تكساس في أيلول الماضي وشعار «ناماستي ترامب» أي تحية لترامب، الذي رفع في أكبر ملعب للكريكت في العالم في أحمد آباد، هل ستحل الخلافات العالقة بين البلدين، أم إن هذا مجرد بروباغاندا دعائية لزيادة التأييد الشعبي لكلا الزعيمين؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن