قضايا وآراء

الانتخابات الإسرائيلية فضائح واتهامات

| تحسين الحلبي

للمرة الثالثة خلال عام تقريباً ستجرى الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية بقواعد اللعبة نفسها التي بلغت شبه نهاية مسدودة في دورتين سابقتين بين أكبر حزبين هما الليكود وأزرق أبيض، وتمسك كل حزب بمواقفه من مشاركة الحزب الآخر معه.
فالسياسة الوحشية والاستيطانية ضد الفلسطينيين هي واحدة في برنامج كل حزب منهما ومواقف الأحزاب الصغيرة التي اعتادت على تأييد الليكود لم تنتقل بعد لتأييد أزرق أبيض، فأصبحت مقاعد حزب الليكود 32 وأزرق أبيض 34 وهي لا تتيح لأي من الحزبين الحصول على 61 مقعداً من 120 لتشكيل حكومة تحظى بالموافقة البرلمانية.
ولأن الأزمة أصبحت حادة في الانتخابات البرلمانية المقبلة في 2 آذار القادم بدأ التنافس الانتخابي يشهد تصعيداً كبيراً في تبادل الفضائح الشخصية السياسية والجنائية بين قادة الليكود وقادة أزرق أبيض وخاصة بين من يحملون منهم سجلاً عسكرياً.
ففي 25 من شهر شباط الماضي نشر رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في موقع تويتر الخاص به فضيحة غير مسبوقة للجنرال المتقاعد غابي أشكنازي واحد من أربعة قادة لحزب أزرق أبيض كشف فيها عن وجود تسجيلات تدين غابي أشكنازي أثناء توليه منصب رئيس الأركان سابقاً بأنه أساء في وصفه لدروز فلسطين المحتلة منذ عام 1948، وبهذه الطريقة بدأ نتنياهو يحرض ضد أشكنازي ويتقرب من أصحاب حق الاقتراع من هذه الطائفة إلى حد جعل أحد أبنائها يقول إنه إذا سمح الرقيب بنشر ما جاء في هذه التسجيلات فسوف يفر أشكنازي من إسرائيل!
يذكر أن أصوات الناخبين العرب من كل الفئات في فلسطين المحتلة تشكل نسبة كبيرة من المقاعد ونتنياهو يسعى إلى تحويل جزء منها لمصلحة الليكود، ولم يكتف نتنياهو بذلك بل وصف الجنرال المتقاعد رئيس حزب أزرق أبيض بيني غانتس بالجبان لأنه لم يوافق على المشاركة بمناظرة بين الاثنين قبل موعد الانتخابات، فرد عليه غانتس متهماً إياه بعدم المشاركة في أي حرب حقيقية إسرائيلية على حين أن غانتس كان قائداً أعلى للجيش ورئيس أركان وخاض حروباً ضد الفلسطينيين والسوريين والمقاومة اللبنانية!
لكن تحريض نتنياهو ضد أشكنازي بهدف الحصول على أصوات انتخابية ناقمة على أشكنازي ارتد على نتنياهو لأن العرب الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة منذ عام 1948 نشر بعضهم وثيقة «قانون يهودية» إسرائيل التي تجرد كل أصحاب الأرض الفلسطينيين بجميع التقسيمات التي فرضتها الحكومات الإسرائيلية عليهم من حقهم الوجود والبقاء فيما بقي من أراضيهم وقراهم، فنتنياهو أقر هذا القانون في البرلمان وجميع الأحزاب الصهيونية الإسرائيلية وافقت عليه باستثناء العرب وشخصياتهم القومية وأحزابهم، وهذا ما سوف يجعل أصوات العرب تتجه ضد كلا الحزبين الليكود وأزرق أبيض، اللذين لن يتمكن أحد منهما تشكيل حكومة إئتلافية وحده ولا حتى مع حلفائه لأن نتائج استطلاع الرأي الأخيرة تشير إلى النتيجة السابقة نفسها للانتخابات، الليكود ما بين 32-34 وأزرق أبيض بين العدد نفسه وقد يكون الفرق مقعداً أو اثنين، وبالمقابل بدأت تزداد احتمالات فوز القائمة العربية المشتركة التي تشكل إطاراً يتوحد فيه معظم الناخبين العرب بمقاعد تتراوح بين 14 إلى 15 مقعداً لأول مرة في تاريخ هذا النوع من الانتخابات البرلمانية، أما بقية الأحزاب الإسرائيلية فلا تزال الانقسامات الطائفية والإثينة والعرقية بينها تشكل القاعدة نفسها التي توجه الناخب نحو طائفته وعرقه، فيهود أثيوبيا تتقاسم أصواتهم مختلف الأحزاب بسبب عدم وجود حزب خاص بهم حتى الآن على حين أن اليهود المتدينين الغربيين لهم حزبهم وأن اليهود المتدينين الشرقيين لهم حزبهم، بينما يمثل إطار حزب العمل مع حلفائه من الأحزاب الصغيرة حزب اليهود المغاربة واليهود من أصل عربي، ويتجمع في الحزبين الكبيرين الليكود وأزرق أبيض معظم اليهود الأشكناز الغربيين العلمانيين الليبراليين.
وبسبب بلوغ هذه الدرجة من تصاعد التوتر السياسي والعنصري في هذا الكيان الإسرائيلي بدأت التحذيرات تزداد من خطر احتمال وقوع صدام يجد فيه الإسرائيليون أنفسهم أمام طريق مسدود.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن