سورية

استقبل محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وردّ على الحملة الغربية على موقف بلاده.. بوتين: مهمتنا استعادة الاستقرار في سورية وتوفير ظروف الحل السياسي … موسكو تطلب توضيحات من لندن بشأن تسريبات صحفية

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس أن مهمة عسكريي بلاده في سورية تتمثل في استعادة الاستقرار لهذا البلد وتوفير الظروف لإيجاد حل سياسي لأزمته، مؤكداً في الوقت نفسه أن مدة الحملة الجوية التي تنفذها الطائرات الروسية لضرب الإرهابيين في سورية، ستتواصل بالترافق مع العملية الهجومية التي ينفذها الجيش السوري. وإذ استبعد استخدام القوات المسلحة الروسية في العمليات البرية هناك، أشار إلى استعداد بلاده لاستخدام الوسائل العسكرية اللازمة لهزيمة الإرهابيين.
بوتين، الذي استقبل أمس على انفراد كل من ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية محمد بن زايد آل نهيان، أكد أن روسيا لا تفرق بين المذاهب الإسلامية في رد على الحملة الغربية التي تحاول تصوير الحملة الجوية الروسية في سورية، وكأنها تستهدف المسلمين من المذهب السني.
وبعد التقدم الذي حققته أمس الأول وزارتا الدفاع الروسية والأميركية في مباحثاتهما الخاصة بضمان سلامة الطلعات التي تنفذها الطائرات الروسية والأميركية فوق الأجواء سورية، طلبت روسيا توضيحات من بريطانيا بشأن تقارير إعلامية تحدثت عن منح طيارين بريطانيين مشاركين في عمليات جوية لضرب تنظيم داعش الإرهابي في العراق، الضوء الأخضر لاستهداف الطائرات الروسية.
وفي التفاصيل، أكد الرئيس الروسي أن العمليات العسكرية الروسية لضرب الإرهاب في سورية ستستمر بالتوازي مع عمليات الجيش العربي السوري لضرب التنظيمات الإرهابية، مشيراً إلى أن مدة إجراء العمليات الروسية ستحددها فترة العملية الهجومية التي ينفذها العسكريون السوريون.
وحدد بوتين أمس مهمة بلاده في سورية بتحقيق استقرار السلطات الشرعية في البلاد. وقال في مقابلة مع قناة «روسيا 1»: إن «مهمة العسكريين الروس في سورية تكمن في العمل على تأمين الاستقرار فيها وتوفير الظروف لإيجاد حل سياسي للأزمة»، مشيراً إلى أن «مشاركة جنود روس في عملية برية أمر مستبعد، وهو ما يعرفه أصدقاؤنا السوريون». وإذ شدد على أن روسيا لا يمكنها أن تأخذ على عاتقها التزامات مفرطة، وهي لم تأخذها أبداً، أشار إلى المدى الذي ستأخذه العمليات الروسية في سورية، إذ قال: إن «استخدام صواريخ كاليبر لضرب الإرهابيين بسورية يظهر استعدادنا لاستخدام أسلحة متطورة، إذا ما دعت الحاجة»، في إشارة إلى 26 صاروخاً من طراز «كاليبر» أطلقتها بوارج روسية راسية في بحر قزوين حلقت فوق إيران والعراق قبل أن تصيب مواقع داعش في شرقي سورية.
ولفت إلى أن تقدم الجيش العربي السوري هو ما من شأنه أن يحرك عجلة الحل السياسي للأزمة في سورية. وقال: «إذا أظهر الجيش العربي السوري قدرته واستعداده لمكافحة الإرهاب فإن احتمال التوصل إلى حلول سياسية سيزداد كثيراً».
وفي معرض رده على الهجمات الغربية على حملة بلاده الجوية في سورية، أكد بوتين أن روسيا لا تريد بناء أي إمبراطورية أو التدخل في أي نزاعات طائفية بأي حال من الأحوال كما أنها لا تفرق بين المذاهب الإسلامية. وأردف موضحاً: «روسيا لا تفرق بين سني وشيعي، ومن يحاول الزعم عكس ذلك فهو غير صحيح، فنحن لا نريد الدخول في حرب دينية في الصراع السوري».
وكشف أن روسيا أبلغت مسبقاً الشركاء الغربيين بعملياتها لضرب الإرهاب في سورية تأكيداً لانفتاحها للتعاون، وقال: «أخطرنا الشركاء الدوليين وبما فيهم الولايات المتحدة عن خططنا في سورية، وأن كل ما تجريه القوات الروسية في سورية سواء براً أم جواً ليس محض مصادفة أو عشوائية بل يجري وفق الخطط».
وإذ ذكَّر الرئيس الروسي، بمشاركة ما لا يقل عن 11 بلداً ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، في توجيه ضربات جوية لأهداف داعش في الأراضي السورية قبل أن تطلق روسيا عملياتها المماثلة، أوضح أن العمليات الروسية جاءت بعد إعداد دقيق، مؤكداً أن بلاده جمعت المعلومات من الفضاء ومن الجو، قبل إطلاقها.
واستطرد موضحاً: «حضرنا أنفسنا لهذه العمليات القتالية، وقمنا بتدابير مسبقة تمثلت في أننا حشدنا في المكان اللازم وفي الوقت المناسب ما يكفي من القوى والوسائل والذخائر، وقمنا لوقت طويل بعمليات استطلاع من الفضاء، وأجرينا المقارنة بين شتى المعطيات التي حصلنا عليها، وأنشأ اختصاصيو هيئة الأركان العامة بالتعاون مع الشركاء وبلدان المنطقة مركزاً إعلامياً في بغداد، وحصلنا بنتيجة تبادل المعلومات على معطيات إضافية»، في إشارة للمركز الذي يضم عسكريين من سورية وروسيا وإيران والعراق.
مع ذلك، شدد بوتين على أن مكافحة الإرهابيين في سورية تتطلب تبادلاً كاملاً للمعلومات التي تجمعها أجهزة الاستطلاع والمخابرات، مشيراً إلى أنه لا يفهم الدوافع الكامنة وراء رفض الولايات المتحدة تقديم معلومات لروسيا بشأن أهداف تنظيم داعش الإرهابي في سورية، لافتاً إلى أن موسكو لن تفقد الأمل في انضمام بلدان أخرى إلى عملياتها في سورية.
من جهة أخرى، بحث بوتين مع ولي عهد أبو ظبي في مدينة سوتشي الروسية، الوضع في سورية.
وقال بوتين في مستهل اللقاء: إنه يود التطرق إلى الموضوعات المتعلقة بالعلاقات الروسية الإماراتية في مختلف المجالات. كما اقترح تبادل الآراء حول حالة الأمور في منطقة الشرق الأوسط ولا سيما في سورية وتركيا من زاوية ضرورة مكافحة الإرهاب في شتى تجلياته.
وأبدى محمد بن زايد استعداده لبحث الموضوعات المطروحة، معرباً عن شكره على دعوته من الرئيس الروسي.
وسبق للكرملين أن أعلن السبت أن مسائل مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط بالارتباط مع عمليات القوات الجوية الروسية في سورية ستحتل مكان الصدارة في المباحثات الروسية الإماراتية.
وفي آب الماضي، بحث الرئيس الروسي وولي عهد أبو ظبي جملة من الموضوعات المتعلقة بالتعاون بين روسيا والإمارات إلى جانب شؤون دولية ملحة وفي مقدمتها تطورات الأوضاع في سورية.
كما التقى بوتين ولي ولي العهد السعودي. وحضر اللقاء كل من وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ووزير التجارة، دينيس مانتوروف، ورئيس إنغوشيتيا، يونس بيك إفكوروف، ووزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك.
على خط مواز، طلبت روسيا من وزارة الخارجية البريطانية توضيحات بشأن تقارير إعلامية عن منح طيارين بريطانيين مشاركين في عمليات جوية لضرب داعش في العراق، الضوء الأخضر لاستهداف الطائرات الروسية. ونقلت السفارة الروسية في لندن عن السفير ألكسندر ياكوفينكو، قوله: إن «هذه التقارير أثارت قلق موسكو، لأنها تستند إلى تصريحات منسوبة إلى كبار أعضاء الحكومة البريطانية».
ونسبت صحيفة «دايلي ستار ساندي» اللندنية إلى مصادر في وزارة الدفاع البريطانية، قولها: إن طائرات «تورنادو» التابعة للقوات الجوية الملكية تم تزويدها بصواريخ «جو جو» وتلقت إذناً لإسقاط طائرات روسية غير صديقة. ورفضت وزارة الدفاع البريطانية التعليق على ما نشرته الصحيفة.
وأعرب ياكوفينكو عن استغرابه من فرضية نشوب صدام محتمل بين الطائرات الروسية والبريطانية في أجواء العراق، على الرغم من أن العراق ليس مسرحاً لعمليات الطائرات الروسية وأن الطائرات البريطانية لا تنفذ أي عمليات في سورية. وقال: «من المعروف أن سلاح الجو الروسي لا يشارك في توجيه ضربات لمواقع داعش في أراضي هذه الدولة. من ناحية أخرى، فإن الطيران البريطاني لا يشارك في عمليات التحالف الدولي في سورية»، وأضاف: «ومن ثم، فالسؤال هو ما مغزى مثل هذه التسريبات الاستفزازية؟ ومن هم الذين يحتاجون إلى رفع روحهم المعنوية بهذه الطريقة؟».
وكشف أن بريطانيا لم تقدم جواباً على طلب رسمي أرسلته روسيا، حول التعاون لضرب تنظيم داعش. وأضاف قائلاً: «أما ما يتعلق بمواجهتنا المشتركة لداعش، فإننا حتى الآن لم نتلق جواباً لطلبنا الرسمي من الجانب البريطاني تقديم معلومات متوفرة لديه بشأن البنية التحتية لداعش، من أجل استفادة مجموعة الطائرات الروسية من هذه المعلومات».
يأتي ذلك بعد يوم من نجاح وزارتي الدفاع في روسيا والولايات المتحدة في تحقيق «تقدم» على طريق عقد اتفاق بشأن ضمان سلامة طلعات الطائرات الحربية لكل من روسيا والتحالف أثناء غاراتها على مواقع الإرهابيين الدوليين في سورية».
وذكرت الوزارة الروسية أن النقاش كان «مهنياً وبناء»، مضيفةً: إن موعد الاتصال التالي عبر الفيديو سيتم تحديده لاحقاً بين الطرفين.
(روسيا اليوم– سانا– سبوتنيك– سي. إن. إن)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن