سورية

أكد أن السوق الليبيّة متعطشة للمنتجات السورية.. وأن بلاده وسورية دولتا سلام وليستا دولتي حروب … نائب رئيس الوزراء الليبي لـ«الوطن»: افتتاح سفارتنا بدمشق سيغضب الكثيرين وسيفرح الأكثر

| مازن جبور

وصف نائب رئيس مجلس الوزراء الليبي عبد الرحمن الأحيرش الذي يزور دمشق حالياً على رأس وفد رفيع المستوى، الرئيس بشار الأسد، بأنه «إنسان عربي وطني تهمه القضايا العربية، وقضايا سورية»، معتبراً أن اللقاء معه «فرصة تاريخية».
وفي مقابلة خص بها «الوطن»، شدد الأحيرش على أن ليبيا وسورية دولتا سلام وليستا دولتي حروب، وقال: «تركيا ما لها وما لليبيا وما لها وما لسورية»، في إشارة إلى العدوان الذي يشنه نظام الرئيس رجب طيب أردوغان على سورية وإرساله المرتزقة من التنظيمات الإرهابية إلى ليبيا.
واعتبر الأحيرش، أن افتتاح السفارة الليبية بدمشق هو بداية للعمل السياسي وإعادة بناء علاقة طبيعية أخوية بين البلدين، معرباً عن اعتقاده بأن ذلك سيغضب الكثيرين وسيفرح الأكثر، موضحاً أنه تم بحث التبادل الاقتصادي بين البلدين، وخاصة فيما يتعلق بالمشتقات النفطية، ولافتاً إلى أن السوق الليبية متعطشة للمنتجات السورية، وكاشفاً عن أن وفود فنية ووزارية ليبية ستأتي بعد أسبوع لاستكمال ما تم الاتفاق عليه.
وفيما يلي نص المقابلة:
ما الوضع الحالي في ليبيا وإلى أين تتجه الأمور هناك؟
•• نشكر صحيفة «الوطن» السورية على هذه الاستضافة الكريمة، ونشكر الشعب السوري والحكومة السورية على حسن الاستقبال وكرم الضيافة في بلدنا سورية، سورية النضال والصمود، سورية الأسد، سورية التي تناضل وتكافح من أجل الأمن والأمان للشعب السوري.
كُلفت من رئيس مجلس الوزراء والحكومة الليبية المؤقتة المنبثقة عن البرلمان الليبي، الحكومة الشرعية الموجودة حالياً في المنطقة الشرقية من البلاد، بزيارة سورية وذلك لتفعيل التعاون المشترك وإعادة العلاقات الطبيعية الأخوية ما بين الشعبين الشقيقين، ونحن نبحث دائماً في كل المجالات سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية، نبحث دائماً أن تكون سورية وليبيا دولتين قريبتين جداً بنفس الأطباع ونفس الاتجاه القومي والوطني لتحقيق الأمن والاستقرار داخل البلدين.
العدو واحد، نحن نحارب باتجاه واحد سواء كان الإرهاب في سورية أو في ليبيا، وسننتصر عليه بفضل اللـه تعالى وبفضل الجيش العربي السوري والقوات المسلحة العربية الليبية، وهذا ما نتطلع إليه الآن، خصوصاً أن هناك غزوة بربرية من تركيا بقيادة المعتوه أردوغان لمحاولة تحقيق حلم إعادة الدولة العثمانية، ولكن هذا لن يتأتى له بفضل سواعد رجال سورية وليبيا.
حالياً القوات المسلحة تقوم بمحاربة الإرهاب، نطمئن الجميع والمهتمين بالشأن الليبي أن القوات المسلحة مستمرة في ذلك، وهي تسيطر على أكثر من 95% من الجغرافية الليبية تحت مظلة الحكومة الليبية والبرلمان الشرعي، وما تبقى هو جزء بسيط في طرابلس، والآن القوات المسلحة الليبية توجد بمحيط طرابلس ولا تبعد عن وسطها سوى 5 إلى 7 كم.
يوجد في طرابلس البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط وهاتان المؤسستان، المجتمع الدولي حريص جداً على أن تكونا تحت سيطرته.
مشكلتنا الآن أمنية وليست سياسية، لأن الميليشيات المسلحة الموجودة في طرابلس هي من تتحكم بها ويصدرون القرارات التي تخدم مصالحهم، في حين الحكومة الليبية موجودة في المنطقة الشرقية من البلاد وكذلك إدارة القوات المسلحة والبرلمان، وهذه الأجسام شرعية.
اقتصادنا في ليبيا ريعي، وما نصدّره من نفط من المناطق التي نسيطر عليها، يذهب إيراده إلى البنك المركزي الذي تسيطر عليه الميليشيات، وبالتالي كل الواردات المالية تذهب إليهم.
انطلاقاً مما سبق يستحضرنا السؤال التالي: سورية تعاني من أزمة اقتصادية ناتجة عن إجراءات قسرية أحادية الجانب فرضت عليها، وتأمين المشتقات النفطية من كبرى المشاكل التي تواجهها سورية اليوم، هل بحثتم توريد النفط من ليبيا إلى سورية في المرحلة القادمة؟
•• تحدثنا مع الرئيس بشار الأسد ومع رئيس مجلس الوزراء عماد خميس، ومع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، وكل هذا يصب في (بحث إعادة) التبادل الاقتصادي بين البلدين وخاصة فيما يتعلق بقضية المشتقات النفطية، فهذا الشق كبير ويحتاج إلى لجان مختصة وإلى وزراء مختصين، لكن باقي الأجزاء يحتاج إلى زيارة وفود فنية متمثلة بالوزارات مثلاً وزير الصحة بخصوص الإمداد الطبي وغيره.
أي القطاعات الاقتصادية تحتاج ليبيا للتعاون مع سورية من أجلها؟
•• هناك قطاعات كثيرة، القطاع الزراعي من أدوية بيطرية وزراعية، والسوق العام في سورية، فالسوق الليبية متعطشة للمنتجات السورية بالكامل، وتاريخياً كانت سورية هي المسيطرة على السوق الليبية، لكن الفراغ الذي حصل والظروف السياسية التي حلت بين البلدين استغلتها تركيا، لكن الآن حظينا بمقابلة رائعة وبتوافقات في المجال السياسي والأمني والاقتصادي، وبعد ما يقارب الأسبوع ستأتي وفود فنية ووزارية لاستكمال ما بدأناه، فنحن (زيارة الوفد) تعتبر باكورة عمل، ووقعنا الاتفاق وغداً بداية العمل السياسي بافتتاح السفارة وستنطلق العملية السياسية، وتباعاً ستكون هناك العمليات التبادلية الاقتصادية.
يدور الحديث عن 46 اتفاقية سورية – ليبية، هل يمكن توضيح هذا الرقم وما مضمون هذه الاتفاقيات؟
•• في السابق كان هناك 46 اتفاقية بين سورية وليبيا، في اجتماعنا مع رئيس الحكومة السورية اتفقنا أن نشكل نحن لجنة والحكومة السورية لجنة لدراسة الـ46 اتفاقية، طبعاً ليست هذه الاتفاقيات جميعاً يحتاجها الآن الشعب السوري أو الشعب الليبي ولكن هذه اللجان ستدرس ما الذي يحتاج إليه الشعبان في المرحلة الحالية، وسيتم تقسيم التعاون إلى عدة مراحل، مهم وأهم، وحتى الأهم فيه الأهم والأكثر أهمية، وبالتالي ما يستفيد منه الشعبان له الأولوية.
ما رمزية افتتاح السفارة الليبية بدمشق، وماذا بخصوص السفارة السورية في ليبيا، أين ستكون ومتى سيتم افتتاحها؟
•• رمزية افتتاح السفارة الليبية بدمشق (أنه يمثل) بداية عمل سياسي وإعادة بناء علاقة طبيعية أخوية بين البلدين، والعمل الذي سوف يتم غداً (اليوم الثلاثاء)، هو عمل كبير جداً في هذه المرحلة العصيبة لدولة سورية ولدولة ليبيا، أعتقد سيغضب الكثيرين وسيفرح الأكثر، والآن في كثير من البلدان قد يرون في إعادة هذه العلاقة طمس لبعض البلدان الأخرى.
بخصوص السفارة السورية بطرابلس، حين يتم تحرير المدينة، السفارة موجودة وسيتم افتتاحها، لكن الآن نحن نسعى لفتح قنصلية في بنغازي، القنصلية السورية موجودة هناك وهي ملك للدولة السورية، مثلما سفارتنا بدمشق هي ملك للدولة الليبية، نحن نسعى لافتتاح هذه القنصلية حتى يتسنى للمواطن السوري الحصول على بعض الخدمات التي يحتاجها، وفي حال تحرير طرابلس ستفتح السفارة السورية فيها على مصراعيها.
هل هناك جالية سورية حالياً في ليبيا وما وضعها؟ وبالنسبة للجالية الليبية في سورية هل بإمكانها كاملةً الحصول على أوراقها الثبوتية وعلى الخدمات القنصلية من سفارتكم بدمشق، باعتبار أن هناك دولاً قد لا تأخذ بتلك الأوراق الثبوتية؟
•• عندما تفتتح السفارة ويكون هناك تبادل دبلوماسي فإن المعوقات والصعوبات ستنتهي، ففتح القنصلية السورية في بنغازي هو مكان خدمي للإخوة السوريين في ليبيا وكذلك لليبيين الذين يرغبون الآن بالمجيء إلى سورية.
أكثر من مئتي ألف سوري موجودون في ليبيا، والموجودون في مظلة الحكومة الليبية منهم أكثر من 170 ألفاً، وحتى الموجودين في طرابلس يعيشون حياة هنيئة وليس لديهم مشاكل، فهم هناك منذ زمن قديم ويعيشون في ليبيا لكن ظروف الحرب طالت الجميع سواء كان ليبياً أم سورياً، لكن الإخوة السوريين في المنطقة الغربية سواء في طرابلس أو في بعض المدن في الجنوب الليبي، يعيشون في أمن وأمان ويستطيعون عندما تفتح القنصلية أن يأتوا إليها والحصول على أي خدمة يريدون، لا أحد سيمنعهم.
التقيتم الرئيس بشار الأسد، بعد سنوات عصيبة مرت على البلدين، كيف كانت أجواء اللقاء، وكيف لمستم دعم سيادة الرئيس لكم؟
•• حقيقة الرئيس بشار الأسد كان استقباله رائعاً جداً، وكنا نتوقع أن يكون كذلك، هو إنسان عربي وطني تهمه القضايا العربية، وقضايا سورية، هناك علاقة حميمية ومتبادلة مع الدولة الليبية في سنوات ماضية، وبالتالي كان لقاؤنا رائعاً وسّعنا فيه الحديث، وقال الرئيس الأسد لنا: أعلم كل التفاصيل عن ليبيا، وما يحصل فيها هو من ضمن خطة واحدة ضد سورية وليبيا، فقط الأسماء تتبدل، الهدف من تحطيم الدولتين واحد والإرهاب عدونا المشترك والدول الراعية له هي عدو مشترك أيضاً.
وبالتالي تحدثنا بكل إسهاب، وأوضحنا بعض النقاط في العمل التبادلي سواء كان اقتصادياً أم سياسياً أم أمنياً، وكان لقاء رائعاً وبالنسبة لنا كوفد فاللقاء بالرئيس الأسد فرصة تاريخية، وكانت الجلسة معه تاريخية، وسجلنا فيها كل شكرنا وتقديرنا لسيادته.
هل يمكن أن تضعنا بدقة وبالأرقام، حول عدد جنود جيش النظام التركي الإرهابي وعدد مرتزقته الذين نقلهم إلى ليبيا؟ وأعداد القتلى منهم؟
•• أعتقد أن هناك ثلاثة آلاف مسلح تم أخذهم من سورية إلى ليبيا، ويحاربون في طرابلس ويعترضون المارة وينتهكون الحرمات، هم مأجورون ويبحثون عن المادة وليس مهماً طبيعة العمل الذي يقومون به، إنسانياً أو غير إنساني، لكن بالنسبة لعدد القتلى فكل يوم هناك إحصائية، والعدد في تزايد. كما أن هناك جنوداً أتراكاً برتب كبيرة، وهم يواجهون القتل أيضاً.
هل هناك خطط لديكم لافتتاح سفارات في دول أخرى، خصوصاً أن ما تسمى «حكومة السراج» لديها سفارات قائمة وتعمل في دول عديدة مثل مصر والخليج؟
•• الأمم المتحدة ناصرت حكومة السراج وهي التي جعلتهم يتشبثون بتلك السفارات، نحن كلما أعلنت سفارة انشقاقها من حكومة السراج نحتضنها، ونصدر لها قرارات ونتعاون معها وتعتبر سفارة تابعة للحكومة الليبية الشرعية المنبثقة عن البرلمان، وهناك بعض السفارات في إفريقية التي انشق القائمون بالأعمال فيها، وأصدروا بيانات، تتخلى عن حكومة السراج وتأتي إلى الحكومة الليبية ويتم إصدار قرار تأسيس لها من جديد ويصبح عضواً معنا في الحكومة كسفير أو قائم بالأعمال.
الآن ما هو موجود في سورية سفارة مغلقة، نحن نعرف أن الحكومة السورية لن تضع يدها في يد حكومة السراج وهي تعتبرها حكومة غير شرعية، وبالتالي كنا مسرورين بالدعوة التي وجهت لنا، قدمنا وغداً (اليوم الثلاثاء) سنشاهد بداية العمل التمثيلي لمصلحة الشعبين السوري والليبي.
كيف تمت التحضيرات لزيارتكم دمشق، هل تمت بالتنسيق المباشر أم أن هناك من ساعد في إتمام هذه الزيارة؟
•• هذه الزيارة تمت بتنسيق مباشر ولا يوجد أي دولة وسيطة بين ليبيا وسورية، فالدولتان ليستا بحاجة لوساطة هم إخوة منذ زمن قديم، هناك من عمل لأشهر على هذا اللقاء وأفلحنا في ذلك، فالوسطاء هم أشخاص ليبيون سوريون.
تأتي زيارة الوفد الليبي إلى دمشق، بالتزامن مع عدوان تركي قديم متجدد على سورية، وفي الوقت نفسه العدوان التركي قائم أيضاً ضد ليبيا، ما أهمية الزيارة في هذا التوقيت؟ وهل بحثتم مواجهة العدوان التركي؟
•• مواجهة العدوان التركي تتم من خلال تواجد القوات المسلحة العربية الليبية في ليبيا ومكافحتها ضد الإرهاب، فنحن تأذينا كثيراً من العدوان التركي ومن الهجمات البربرية التركية، وبالتالي يجب أن نرسل رسالة للعالم، بأن ليبيا وسورية دولتا سلام، وليستا دول حروب، ويطمحان أن يعيش الشعبان الشقيقان في أمن وسلام، فتركيا (ما لها وما لليبيا وما لها وما لسورية)، الآن سورية تبحث عن استعادة الأرض واستعادة الأمن والأمان والاستقرار إلى الشعب السوري، وكذلك ليبيا تبحث عن إعادة الأمن والاستقرار للشعب الليبي، وهذه رسالة لدول كثيرة وللعالم أجمع بأن ليبيا وسورية دولتا سلام وليستا دولتي حرب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن