قضايا وآراء

… أمام زمن الاقتحام!

عبد السلام حجاب :

بداية، إن تلبد الغيوم في السماء، لن يحجب حقيقة أن الشمس سوف تشرق من جديد. هذا في الطبيعة، فكيف أمام الفعل الجدي والصادق الذي يقوم به الجيش العربي السوري وسلاحه الجوي بمساندة شرعية من سلاح الجو الروسي في محاربة الإرهاب حتى دحره واجتثاثه من شواطئ المتوسط إلى نهر الفرات، وربما واقعياً أبعد من ذلك.
منطقياً، لا يبدو مفاجئاً ولا مستغرباً ذلك التصعيد الإعلامي المضلل لدوائر حلف واشنطن الإرهابي ووسائل إعلام هذا الحلف عبر أشكال من الصراخ والنواح العالية الحدة قبيل الإعلان عن مرحلة الهجوم الاستراتيجي الذي بدأته قوات فيلق «اقتحام» للجيش العربي السوري بمختلف الصنوف البرية والجوية بإسناد وتعاون علني على قاعدة القانون والشرعية والدولية يقوم به سلاح الجو الروسي وتقنياته العالية الدقة بهدف تحرير بلدات وقرى سورية من جماعات الإرهاب المعولم والتكفيري.
وأعلن بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية «أن الهدف من العمليات العسكرية الجوية الروسية في سورية هو مساعدة الجمهورية العربية السورية في محاربة الإرهاب والحفاظ عليها دولة موحدة».
وفي وقت تكشف فيه وقائع ومجريات العمليات العسكرية مقدمات ميدانية لدحر الإرهابيين واجتثاثهم من الجغرافيا السورية، فإن حلف واشنطن الإرهابي يزيح الأقنعة عن وجهه دفعة واحدة ما دفع وزارة الدفاع الروسية للقول «إن أميركا تقدم ذرائع تبين أنها لا تريد محاربة الإرهاب». وذلك من خلال التلطي وراء أسطوانة مشروخة قائمة على الحديث عن إرهاب سيئ وإرهاب جيد. وهو ما لم تتوافر له أي شرعية دولية بما فيها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمحاربة الإرهاب التي تعطل أميركا تنفيذها وتواصل اللعب على حوافها لفرض أجندات سياسية من خارج سياق الشرعية الدولية. علماً بأن الخارجية الروسية بحسب الناطقة الرسمية زاخاروفا أعلمت جميع شركائها بأن السلاح الجوي الروسي يستهدف فقط الإرهاب الدولي المنظم. وذلك رداً على بعض محاولات إثارة شكوك حول مدى تمسك روسيا بمهمة القضاء على التطرف والإرهاب الدوليين.
ثم إنه قطعاً لدابر الفرضيات التي تحاول الاصطياد في مياهها السوداء وسائل إعلام حلف واشنطن الإرهابي وما تروج له لمواصلة الاستثمار بالإرهاب خدمة لأجنداتها التي تستهدف سورية وحلفها المقاوم فقد أعلنت الرئاسة الروسية «أن مدة العملية العسكرية الروسية ضد الإرهاب مرتبطة بالأطر الزمنية لتقدم الجيش العربي السوري في ميادين المواجهة».
ولا شك أنه بات بحكم المؤكد لمن يتابع تطورات المشهد الميداني الراهن في سورية والخطوات الفاعلة والجدية التي يخطوها الجيش العربي السوري مدعوماً بسلاح الجو الروسي. إنما تأتي على قاعدة صلبة من الحقائق الموضوعية القائمة على شرعية الحقوق الوطنية السورية ومبادئ ومواثيق الأمم المتحدة والشرعية الدولية ومن هذه الحقائق:
1- الصمود السوري الأسطوري، جيشاً وشعباً وقائداً حكيماً وشجاعاً طوال أربع سنوات ونصف السنة في مواجهة المؤامرة الكونية التي تقودها أميركا وأدواتها الإرهابية العلنية والمشفرة.
2- انطلاقة جادة وفاعلة لمحاربة الإرهاب على قاعدة القانون والشرعية الدولية وفقاً لدعوة الرئيس الروسي بوتين، بالتعاون والتنسيق مع سورية وجيشها بقيادة الرئيس بشار الأسد، وبعيداً عن الانتقائية وازدواجية المعايير الأميركية والأجندات المخفية.
3- تشكيل مركز لتبادل المعلومات الاستخبارية والميدانية لمحاربة تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى، ضم موسكو وطهران وبغداد ودمشق، وتحظى أهدافه العملياتية بدعم وتأييد الأصدقاء بمن فيهم الصين ودول بربكس ومنظمة شنغهاي وامتداداً إلى كوريا الديمقراطية.
يبدو واضحاً أن بروز هذه الحقائق التي تؤكد حضورها المؤثر في المشهد السياسي الدولي إنما تأتي في إطار التغيرات التي شهد العالم الإعلان الرسمي لولادتها بظهور عالم متعدد الأقطاب لا يمكن الرجوع عنه وهو الإعلان الذي كتب رسمياً نعي القطبية الأحادية الأميركية، ما يجعل السؤال المطروح على المبعوث الدولي إلى سورية ديمستورا والمنظمة الدولية، يتعلق بالقدرة السياسية والدبلوماسية والأخلاقية التي تجعله يطالب صراحة بتنفيذ مندرجات قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمحاربة الإرهاب ولاسيما القرارات 2170 و2187 و2199، ثم أليس تنفيذها بعد رفع يد السطوة الأميركية عنها سوف يسهم في إزاحة عقبة كأداء عن طريق مهمته السلمية الدولية- وخاصة أن تلك القرارات تتضمن وتحت الفصل السابع تجفيف منابع الإرهاب والتزام دول معروفة وموصوفة مثل الأنظمة في السعودية وقطر والأردن وحكومة العثماني أردوغان بالتوقف عن تمويل الإرهاب وتسليحه وتسهيل عبور الإرهابيين والمرتزقة إلى سورية، وعليه فإنه يصبح منطقياً أن نسأل ديمستورا:
1- كيف يمكن لسفينة يراد لها الإبحار بركابها بأمان وسلام إلى شاطئ الاستقرار أن تحمل على متنها وإلى جانبهم قراصنة إرهابيين همهم إغراق السفينة بمن فيها!؟
2- ألا يظن ديمستورا أنه لو تم تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمحاربة الإرهاب فستكون له فاعلية كبرى لمساعدته على تحقيق الحل السياسي الذي يريده السوريون من دون تدخل خارجي وأجندات مفروضة من الخارج، وهو مسار جوهره محاربة الإرهاب أم إن ما يريده حلف الحرب على سورية هو شيء آخر وأجنداته مختلفة، فاتت مواعيدها إلى غير رجعة كما تؤكد معطيات الواقع وحقائقه التي لا تخطئها عين مراقب، وإلا فلو أرادت أميركا التي تقود هذا الحلف وتضع أجنداته، لفعلت لكونها المايسترو الذي يقود الجوقة بما فيها من إرهابيين مدرجين على لوائح الإرهاب الدولية وأن بدلت عناوينهم وأجنداتهم!؟
وعليه كيف يمكن لأميركا وحلفائها أن يقوموا بمحاربة الإرهاب في حين يقوم أقرب حلفائهم، أردوغان وأوغلو بدعم الإرهابيين ليعبروا الحدود وليجلبوا سلاحاً ومالاً ومتطوعين والزج بهم لتصعيد الإرهاب وعملياته في سورية، والأنباء التي جرى الإفصاح عنها مؤخراً تشير إلى دخول شاحنات من الأسلحة المتطورة عبر الحدود الأردنية!؟
لعل الوقائع أصبحت مكشوفة وسقوط الأقنعة يكشف حقيقة المتخفين وراءها، مع تصاعد إيقاع الحقائق في مواجهة الإرهاب والتصدي لمخططات أعداء الأمن والاستقرار والشرعية الدولية وفقاً لتوقيتات الجيش العربي السوري وأولوياته الإستراتيجية في الميدان.
وبوضوح لا يقبل الجدل فإن السوريين جيشاً وشعباً بقيادة الرئيس بشار الأسد أعلنوا محاربة الإرهاب عنوان خريطة الطريق، دفاعاً عن الحقوق الوطنية السيادية والمسار السياسي الذي يمهد الطريق إلى حوار بين السوريين أنفسهم باتجاه سورية كما يريدون.
ولا جدال بأن العمليات العسكرية السورية بمساندة شرعية من سلاح الجو الروسي، شكلت ساعة انطلاق حاسمة تحظى بتأييد الحلفاء والأصدقاء للقضاء على الإرهاب وبناء سورية المتجددة، فلقد جاء زمن الاقتحام، إلى النصر القريب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن