عربي ودولي

اسهم أرامكو تهبط إلى أدنى مستوياتها وتصبح أقل من سعر طرحها للاكتتاب للمرة الأولى … خسائر كبرى وضربة موجعة للاقتصاد السعودي والخليجي بعد انهيار أسعار النفط

| أ ف ب- سي إن إن

شهدت أسعار النفط هبوطاً حاداً تاريخياً يوم الأحد بعد أن خفّضت المملكة العربية السعودية أسعار نفطها الخام لتبدأ بذلك «حرب أسعار» ضد روسيا، بعد إخفاق الدول النفطية في التوصل إلى اتفاق لمواصلة خفض الإنتاج، لكن على ما يبدو أصبحت أسواق الخليج المتضرر الأكبر جراء ذلك الهبوط.
وسجّلت أسواق المال في السعودية ودول الخليج الأخرى خسائر كبرى أمس، وذلك لليوم الثاني على التوالي، وتعّرضت سوق المال السعودية «تداول»، الأكبر في المنطقة، لخسائر قاسية حيث هبط المؤشر العام بأكثر من 9 بالمئة عند الافتتاح قبل أن يستقر عند تراجع بنسبة 6,1 بالمئة في منتصف النهار.
وتراجعت في بداية التعاملات قيمة سهم شركة أرامكو، عملاق النفط، بنسبة 10 بالمئة وهو مستوى قياسي، لتبلغ 27 ريالاً.
وخسرت أرامكو الأحد والإثنين أكثر من 270 مليار دولار من قيمتها التي باتت تتراوح عند 1,49 تريليون دولار، بعيداً عن مستوى تريليوني دولار الذي أصرّ عليه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل إدراج الشركة في السوق في كانون الأول الماضي.
وكان سهم أرامكو هبط أمس إلى ما دون سعر الطرح الرئيس وهو 32 ريالاً (8,5 دولار)، لأول مرة منذ إدراج الشركة في البورصة في 11 كانون الأول في أكبر عملية اكتتاب في التاريخ بقيمة 25 مليار دولار.
في حين تراجعت بورصة الكويت بنسبة 10 بالمئة ما اضطر السلطات المالية إلى وقف التعاملات فيها لليوم الثاني على التوالي، في حين سجّل مؤشر سوق دبي انخفاضاً بنحو 8,3 بالمئة ومؤشر سوق أبو ظبي تراجعاً بنسبة 8,3 بالمئة.
كما تراجع مؤشّر سوق قطر بنسبة 9,7 بالمئة، وفي عمان والبحرين بأكثر من 5 بالمئة.
وجاءت الخسائر على وقع انهيار أسعار النفط التي تراجعت بأكثر من 20 بالمئة أمس، ما يشكّل ضربة موجعة لاقتصادات الخليج التي تعتمد على الخام كمصدر رئيس لإيراداتها.
وتشهد موازنات دول المنطقة منذ 2014 عجزاً متواصلاً بسبب تراجع الأسعار.
وبلغ سعر برميل خام غرب تكساس 32 دولاراً منتصف النهار، وبرميل برنت 36 دولاراً. وحسب وكالة بلومبرغ، فإن انهيار الأسعار هو الأكبر على مستوى العالم في يوم واحد منذ سنة 1991.
وكانت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وروسيا، شريكتها الرئيسية ضمن تحالف «أوبك بلاس»، أخفقت في التوصل الجمعة إلى تفاهم بشأن خفض إضافي في إنتاج الخام بغية وضع حد لتراجع أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ أربعة أعوام على خلفية انتشار فيروس كورونا المستجد.
واقترحت أوبك على موسكو وشركائها التسعة الآخرين خفضاً جماعياً إضافياً بـ1,5 مليون برميل يومياً حتى لا يؤدي انتشار الفيروس إلى تقويض ما تمّ التوصل إليه عام 2017 للحفاظ على أسعار مستقرّة في سوق تشهد فائضاً في الإنتاج، لكن روسيا رفضت ذلك.
وردّاً على الموقف الروسي، أطلقت السعودية «حرب أسعار» السبت، فخفّضت أسعار النفط المطروح للبيع لديها إلى أدنى مستوياته خلال 20 عاماً، في محاولة لتأمين حصّة كبيرة في السوق.
وخفّضت المملكة سعر بيع النفط الخام لشهر نيسان لزبائن آسيا بنحو 6 دولارات للبرميل مقارنة بآذار، و7 دولارات للولايات المتحدة، وبين 6 إلى 8 دولارات لأوروبا الغربية ومنطقة البحر المتوسط حيث تبيع روسيا جزءاً كبيراً من إنتاجها النفطي.
ومن جانبه قال أنس الحجي الخبير في شؤون النفط في الخليج والمقيم في تكساس: إن «الرسالة التي يريدون توجيهها (السعودية) هي: مهما كلّف الأمر»، لكنه أشار إلى أن التعاون بين الدول النفطية قد يستعيد عافيته قبل اجتماعات أوبك المقرّرة في تموز.
ومنذ مطلع 2017 تعهّدت دول «أوبك بلاس» بأن تخفّض الإمدادات في السوق بمعدّل 1,2 مليون برميل يومياً بهدف رفع الأسعار. وفي كانون الأول زاد الكارتل العدد 500 ألف برميل يومياً.
لكن تدابير جديدة أكثر صرامة باتت ضرورية إذ تعاني الإيرادات النفطية خصوصاً تباطؤاً سريعاً فرضه وباء كوفيد-19 على الاقتصاد الصيني، أول مستورد عالمي للنفط.
وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة أمس أن الاستهلاك العالمي للنفط سيتراجع هذا العام، للمرة الأولى منذ عام 2009، على خلفية الانتشار الواسع لفيروس كورونا المستجد.
وفي تقريرها الأخير الذي لم تحتسب فيه حرب الأسعار، خفضت الوكالة توقعاتها للطلب الحالي على النفط بـ1,1 مليون برميل يوميا، في سيناريو أول، على حين يواصل الفيروس الانتشار في أنحاء العالم، ما يعني انخفاضاً سنوياً طفيفاً بنحو 90 ألف برميل في اليوم، للمرة الأولى منذ 11 سنة.
وتستند هذه التوقعات إلى افتراض أن الصين ستتمكن من السيطرة على تفشي الفيروس بحلول نهاية الشهر، لاسيما أن إجراءات العزل في أماكن أخرى في العالم لها أثر أقل على الطلب.
إلى ذلك انخفضت أسعار النفط في الولايات المتحدة الأميركية بما يصل إلى 27 بالمئة، إلى أدنى مستوياتها منذ 4 أعوام، ليبلغ سعر البرميل 30 دولاراً، على حين يستعد التجار لخطوة قيام السعودية بإغراق السوق بالنفط الخام في محاولة لاستعادة حصتها في السوق.
وقال المحللون: إن رفض روسيا خفض الإنتاج كان بمنزلة «صفعة» لمنتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، الذين يحتاج الكثير منهم إلى رفع أسعار النفط من أجل الاستمرار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن