قضايا وآراء

هل يرتدع «أردوغان»؟

| ميسون يوسف

ليس غريباً على أحد أن الغرب اعتمد على رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان رأس حربة في العدوان على سورية منذ ما يزيد على تسع سنين، وليس جديداً القول: إن أردوغان استغل فرصة العدوان الكوني على سورية من أجل إرساء مشروعه الخاص القائم على جماعة «الإخوان المسلمين» والأصح «الإخوان المجرمين»، العالمية والهادف إلى إحياء الإمبراطورية العثمانية بصيغة جديدة، وتتضمن السيطرة على كل سورية، ولكن الغريب والجديد والذي يستحق التوقف عنده كيف لشخص ألا يتعلم ولا يتعظ من أخطائه المتكررة المرة تلو المرة مع تفاقم الخسائر المترافقة مع الإذلال والمهانة.
في السابق فتحت سورية لأردوغان باب المنطقة عبر التفاهم الإستراتيجي معها الذي تلا بسنوات اتفاقية أضنة، لكنه انقلب على التفاهم والاتفاقية وتصرف تصرف الغادرين والخادعين وقاد حرباً ضدها وشرد الكثير من مواطنيها، وسرق كل ما وصلت يده إليه من معامل ومصانع وثروات منقولة.
ورغم ذلك فتحت له روسيا باب العودة إلى الانتظام الإقليمي من منفذ منظومة أستانا وجعلته يشكل معها ومع إيران مثلث رعاية الحل في سورية، لكنه نكث بالعهود وتخلف عن تنفيذ الالتزامات وكان النكول والتنصل من التفاهمات والقرارات دأبه.
ظل أردوغان يخادع ويراوغ ويتحرك زئبقياً لا يستقر له قرار ولا يراعي في أمر العلاقات الدولية لا ضميراً ولا ذمة، حتى بلغت به الوقاحة أن أقحم جيشه في سورية بعديد تجاوز الـ15 ألفاً من أجل منع الجيش العربي السوري من تحرير أرض إدلب وأريافها من الإرهابيين، وهنا كانت المفاجأة التي لم يتوقعها أردوغان بفعل ظن أن سورية لن تجرؤ عليه، مفاجأة تمثلت بحمم النار السورية تنصب على الإرهابيين الذين يرعاهم ويستعملهم أردوغان وعلى الأتراك الذين جاؤوا لدعمهم وإسنادهم، وكانت الخسارة الأردوغانية في الميدان خسارة قادت إلى الذهول ومن ثم الشعور بالذل، ذل المهزوم في ميدان المواجهة.
وحتى تكتمل الصورة ذهب أردوغان إلى موسكو يستجدي وقف إطلاق النار حتى لا تتفاقم خسارته ويتعاظم ذله، وكانت المفاجأة الثانية في الكرملين حيث لقنه بوتين درساً يستحقه كل خوان أثيم يغدر وينكث، فأذله في قاعة من قاعات القصر القيصري وجعله ينتظر واقفاً لدقائق مرت حتى حسبها أردوغان سنين، وتجرع كأس ذل من طعم آخر.
وبعد هذا نعود ونسأل: هل سيتعلم أردوغان مما حصل؟ أم من تذوق الذل والخسارة بهذه الطريقة سيدمن عليهما؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن