شؤون محلية

مجلس الشعب وهموم الناس

| نبيل الملاح

دفعني لكتابة هذا المقال الإعلان عن إجراءات الترشيح لعضوية مجلس الشعب والانتخابات التي ستجري خلال شهر نيسان المقبل.
وبغض النظر عن توقيت الانتخابات، فإنني أدعو الجهات المعنية بالترشيح إلى أن تحسن الاختيار وتضع معايير للترشيح بعيداً عن المحسوبيات والولاءات وتأخذ بالكفاءة والنزاهة والسمعة، وأدعو الناس للتصويت لمن يتأكدون من قدرتهم على تمثيل الشعب وتحقيق أمانيه ومحصنين من الإصابة بوباء الفساد.
إن مجلس الشعب يشكل الركيزة الأساسية لممارسة الديمقراطية باعتباره السلطة التشريعية المخولة بإقرار القوانين والرقابة على أعمال الحكومة وحجب الثقة عنها أو عن أحد الوزراء؛ إلا أنه على الرغم من أن الحياة البرلمانية بدأت في سورية منذ عام 1916، لكن أداء البرلمان لمهامه يتراجع من دور لآخر.
يقع على عاتق مجلس الشعب مجتمعاً وعلى عاتق كل عضو من أعضائه مسؤولية وطنية كبيرة في الارتقاء إلى مستوى السلطات والصلاحيات التي منحها الدستور لهم، وأن يكونوا محل ثقة من انتخبهم من خلال العمل الجاد لمعالجة الأوضاع المعيشية وتخفيض معاناة الناس بعيداً عن الشعارات والنفاق، والتركيز على السلبيات قبل الإيجابيات.
كنت قد كتبت عدة مقالات تمنيت فيها أن يأخذ مجلس الشعب دوره الرقابي بشكل فعال وكامل، وأن يساهم في مكافحة الفساد الذي استشرى في جسم الوطن وأصبح للفاسدين نفوذ كبير ضمن مؤسسات الدولة المختلفة وضمن الأحزاب السياسية والمنظمات الشعبية والنقابات.
إلا أنه كما قيل «نسمع جعجعة ولا نرى طِحناً» فأحياناً نسمع أخباراً عن طلب مجلس الشعب استجواب بعض الوزراء وتعرضهم لنقد لاذع من بعض الأعضاء وثبوت حالات من التقصير والإهمال والفساد؛ إلا أنه لم نسمع عن حجب الثقة عن هؤلاء والتحقيق معهم ومحاكمتهم واسترداد الأموال المنهوبة!
وهذا ما يجعل معظم الناس يترددون في المشاركة بانتخابات مجلس الشعب لإحساسهم بعدم قدرة الأعضاء المنتخبين على ممارسة دورهم وصلاحيتهم وفقاً لما نص عليه الدستور، هذا ما يوجب على الدولة العمل على إيجاد البيئة الصالحة لاختيار وانتخاب برلمان يضم الكفاءات والشخصيات الوطنية المرموقة للنهوض بالمسؤوليات الملقاة على عاتق مجلس الشعب كسلطة تشريعية ورقابية.
وفي هذا السياق أرى ضرورة إلحاق أجهزة الرقابة والتفتيش بمجلس الشعب بدلاً من تبعيتها للحكومة؛ لتكون أكثر فاعلية واستقلالية، وإنني أرى من المفيد إيجاد صيغة شفافة لتقديم نتائج عمل هذه الأجهزة إلى الرأي العام عبر وسائل الإعلام منعاً لأي محاولة لإخفاء حالة من حالات الفساد.
إنني كنت وما زلت أدعو إلى التكامل بين مؤسسات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية؛ إلا أنني لا أقصد بذلك أبداً تخلي أي مؤسسة عن دورها وصلاحياتها الدستورية لمؤسسة أخرى.
إن المطالبة بممارسة مجلس الشعب دوره الرقابي على السلطة التنفيذية هي بهدف الوصول إلى تحقيق أعلى درجات الممارسة الديمقراطية التي تحقق مصالح الشعب وتمنع التعدي على المال العام.
لا أحد يطلب من الحكومة المعجزات وحل معاناة الناس بعصا سحرية؛ كل ما نطلبه أن تعمل بكفاءة عالية في ضبط الإنفاق ومحاربة الفساد بجدية ووضع الأسس والمعايير لاختيار الإدارات بما يؤدي إلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
إننا بحاجة إلى مؤسسات قوية، ويأتي مجلس الشعب في مقدمتها، إنني أدعو إلى انتخاب الأعضاء الذين يجعلون هموم الناس همومهم الشخصية ليكونوا ممثلين للشعب بحق وحقيقة.
باحث ووزير سابق

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن