ثقافة وفن

هل يُحيي العلم الذائقة الفنية لدى الجيل الجديد؟ أم كلثوم كوكب الشرق تعود للمسرح في ثالث حفلاتها عبر تقنية الهولوغرام

| سوسن صيداوي

هل تتخيل نفسك وبعد مرور نصف قرن تقريباً، أن تقطع تذاكر لتحضر حفل غناء لكوكب الشرق الست أم كلثوم، وربما بعد فترة ستليها حفلات أخرى وستندفع أنت أيضاً لتقطع تذاكر مثلاً لمحمد عبد الوهاب أو فايزة أحمد أو عبد الحليم حافظ، ولكل عمالقة الزمن الجميل؟ واليوم نطرح السؤال: ألهذه الدرجة أصبح العلم متفوقاً على الطبيعة ويسبقها بقواعد علمية يعجز -في بادئ الأمر- الفكر عن استيعابها إلى أن تتحول وتصبح عادة متواترة بعد حين، ومن ثم ليصبح اللامعقول مألوفاً. الجواب بالحديث عما يدور في مهرجان الأوساط العربية، وعلى الخصوص في هذه الفترة، حيث تستعد كوكب الشرق أم كلثوم لإحياء حفلها الرابع بتقنية الهولوغرام بمرافقة أوركسترا حية، في الأردن يومي السابع والعشرين والثامن والعشرين من آذار الحالي، بأسعار بطاقات أثارت الاستياء لكونها باهظة وتتراوح بين 56 و211 دولاراً أميركياً، بعد أن استُحضرت أم كلثوم بالتقنية العام الماضي في دار الأوبرا المصرية، وفي مسرح دبي أوبرا في الإمارات العربية المتحدة. وللمزيد حول هذه التقنية نورد لكم.

الهولوغرام… آلة العودة بالزمن إلى الوراء
الهولوغرام (HOL-o-gram)هي صورة ثلاثية الأبعاد، تم إنشاؤها باستخدام إسقاط فوتوغرافي، وهي عبارة عن عرض مرئي يقوم بإعادة إنشاء الصورة وعرضها بصوره ثلاثية الأبعاد، وذلك بطريقة عالية الجودة، لتطفو الصورة في الهواء كمجسم هلامي ثلاثـي الأبعاد يظهر كطيف مـن الألوان المتجسدة على الشكل المراد عرضه، وتمّ أخذ المصطلح من الكلمات اليونانية holos (كاملة) وgramma (رسالة).
اكتُشفت هذه التقنية عام 1947 على يد العالم دينيس غابور، الذي كان يعمل على تحسين قوة تكبير الميكروسكوب الإلكتروني، وبسبب موارد الضوء المتاحة في ذلك الوقت، والتي لم تكن متماسكة، أي أحادية اللون، تم تأخير ظهور التصوير التجسيمي إلى عام 1960 وقت ظهور الليزر.
وفي عام 1967، استطاع كل من العالم «جيوريس اوباتنيكس» والعالم «ايميت ليث»، من جامعة ميشيغان، عرض أول هولوغرام بعد العديد من التجارب، ليتمكن لويد كروز عام 1972 من صناعة أول هولوغرام يجمع بين الصور المجسمة ثلاثية الأبعاد، والسينما ذات البعدين.

مميزات لاستخدامات
تحت هذا العنوان لابد أن نشير إلى مميزات هذه الخاصية الجديدة على مشرقنا العربي والقديمة بالنسبة لدول التكنولوجيا والأبحاث. فأول خواص أو مميزات تقنية الهولوغرام أنها على عكس التلفزيون الثلاثي الأبعاد أو الواقع الافتراضي، يمكن رؤية العرض الهولوغرامي بصورة ثلاثية الأبعاد من الجميع ومن دون ارتداء نظارات ثلاثية الأبعاد. يمكن استخدام هذه التقنية في الترويج للمعارض التجارية، الاجتماعات، الأحداث، المتاحف، وفي عروض المنتجات، إضافة إلى الأفلام الخيالية والأفلام العلمية. هذا وبحسب الخبراء والعلماء فإنه يمكن استخدام هذه التقنية في تعزيز الحماية الأمنية للقضاء على عمليات النصب والتزوير، لكونه من المستحيل خلالها القيام بعملية النسخ، لا عن طريق آلات التصوير ولا حتى عن طريق الماسح الضوئي المعروف بـ«سكانر»، وأيضاً في مجال بطاقات الائتمان يمكن استخدامها بوضع شريط مجسم على ظهر البطاقة، وحتى في مجالات أخرى يمكن الاستفادة من هذه التقنية أيضاً في قطاع الرعاية الصحية.
ولابد من الإشارة هنا إلى أنه لتحقيق عرض الهولوغرام نحتاج إلى ثلاثة أشياء، جهاز الليزر الذي ينتج الضوء الأحمر، ونحتاج أيضاً إلى العدسات الخاصة التي مهمتها تشتيت الضوء وتفريقه على مساحة من الجسم المراد تصويره. ويتطلب تنفيذ هذه التقنية أيضاً، إلى مجزئ الضوء وهو عبارة عن مرآة تعمل على تمرير جزء من الضوء وعكس الجزء المتبقي. وأخيراً نحتاج إلى المرايا التي تستخدم في توجيه أشعة الليزر عبر العدسات ومجزئ الضوء إلى الموضع المحدد.

ضرورة وتنبؤ
العلم يجب أن يسّخر لخدمة الإنسان وتوسيع آفاقه ومداركه وقدراته بالشكل الأفضل، وتماشياً مع هذا الأمر لابد أن يكون العلم بكل مجالاته ضرورة ملحة، لهذا يتطلع العلماء إلى أن تكون تقنية الهولوغرام تقنية أساسية تعتمد عليها جميع المجالات في سبيل بناء حياة أفضل، وتحمل طابع الرفاهية والراحة للبشرية. وعن إقامة حفلات عبر تقنية الهولوغرام بالذات، يتابع العلماء والخبراء، أنه عبر استخدام الأساليب الحديثة والمتطورة سيكون سهلاً جذب الناشئة من الجيل الشاب الذي يهوى التكنولوجيا ويلهث خلف العصرنة ومواكبة كل جديد، وبإمكان العلم أن يحقق المعادلة ويكوّن بأدواته حلقة الوصل بين مواجهة السرعة والإهمال للموروث الثقافي والفكري، عبر توجيه أنظار الأجيال الجديدة إلى الفنون والعلوم وفق خاصية الهولوغرام، وخصوصاً أن الاختيار في التنفيذ في شرقنا العربي جاء بإقامة حفل للسيدة أم كلثوم لكونها سيدة الغناء العربي، وأحد أهم أيقونات الطرب في العالم العربي.
وبعد إطلاق أول حفل لكوكب الشرق، أشار النشطاء في موقع تويتر إلى أن مسلسل الكرتون الشهير «عدنان ولينا»، والذي تم إنتاجه في سبعينيات القرن الماضي، تطرق إلى تقنية الهولوغرام وقدرة البشر على استخدامها والتواصل من خلالها. في المشهد الذي يأخذ الجد «رامي» حفيدته «لينا» بصحبة صديقيها «عدنان» و«عبسي» إلى إحدى قاعات البرج الفارغة، ليبهرهم بتشغيل تقنية الهولوغرام، التي ترسم مجسمات ثلاثية الأبعاد لحديقة عشبها أخضر، وفيها أطفال وحيوانات، وتتعاقب عليها فصول السنة، ليخبرهم بالنهاية بأن تقنيات العلم مهما تطورت، فستبقى عاجزة عن توفير بديل للحياة تحت ضوء الشمس.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن