رياضة

كورونا يرفع البطاقة الحمراء بوجهها ويحرم جمهورها من المتعة … كرة القدم العالمية تدخل الحجر الصحي

| خالد عرنوس

أصاب وباء كورونا لعبة كرة القدم العالمية بمقتل.. هذا باختصار ما بدا خلال الأسبوعين الأخيرين بعدما جمد العديد من النشاطات المحلية والقارية وأوقف تماماً مسابقات جماهيرية والحبل على الجرار، وهاهي اللعبة الشعبية الأولى تعلن الرضوخ لأحكام هذا المرض الذي فتك بالآلاف من البشر ويهدد بتوقف محافل رياضية عالمية أو تأجيلها إلى أجل غير معروف في ظل انتشاره السريع كالنار في الهشيم، حيث باتت كل دقيقة تحمل خبراً طازجاً عن إصابة جديدة بين اللاعبين ووضع آخر تحت الحجر الصحي لتتسع الدائرة شيئاً فشيئاً لتشمل أندية برمتها وتتوقف عجلة عن الدوران بانتظار القادم عسى أن يجد العالم حلاً جذرياً لهذه المعضلة التي طاولت كل مناحي الحياة، إذا توقفت بعض البطولات وأعلن عن تأجيل أخرى وخوض المتبقي دون حضور جماهيري، ولا بد من تساؤل: ماذا بعد؟.. ومتى تعود ملاعب كرة القدم إلى حالتها الطبيعية؟

قصة كورونا
لن ندخل في تفاصيل طبية إلا أنه لابد من ذكر بعض التواريخ لنعرف كيف وصلنا إلى حالة توقف كلي تقريباً لمنافسات اللعبة الشعبية التي يتنفس بعضنا متابعتها وملاحقة أخبارها وتفاصيلها، ففي أواخر عام 2019 بدأت تفشي مرض يدعى متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد في إقليم خوبي الصينية، وفي 31/12 أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية بانتشار هذا المرض بشكل متسارع وبدأت بعض الحالات تسوء قبل أن تعلن حالات وفاة ناجمة عن المرض، وما هي إلا أيام حتى ارتفع عدد الوفيات بشكل بدأ يثير القلق خاصة مع اكتشاف حالات جديدة في مدن الصين المختلفة، وبسبب العدوى السريعة وصعوبة اكتشاف المرض وتحوله إلى فيروس متنقل لا يكتشف إلا بعد نحو الأسبوعين فقد أصبح خارج الحدود لينتقل إلى آسيا خلال أيام، وما هي إلا أسابيع حتى أضحى كابوساً يؤرق العالم أجمع.

كرة ثلج
البداية كانت بإيقاف أو تأجيل بعض المسابقات والمباريات الرياضية في الصين ثم امتد خارجها ليشمل عدداً من الدول القريبة التي كشفت عن خوفها من دخول الفيروس إلى أراضيها أو أنه أصبح بين ظهرانيها وبدأت سلسلة التأجيلات، وفي منتصف شباط أعلن عن أول حالات كورونا في إيطاليا وخلال أيام قليلة بدأ بالانتشار الكثيف وذلك بسبب تأخر الطب عن اكتشاف الفيروس، الشيء الذي أدى إلى إعلان أكثر من إقليم الإغلاق الجزئي وبالتالي انعكس الأمر على كرة القدم، ونوه البعض بتأجيل بعض المباريات لكن الأمر سرعان ما أجبر الجميع على إيقاف كل التجمعات التي يزيد الحضور فيها على 1000 شخص، وبالتالي أقيمت بعض المباريات من دون جماهير إلا أن كل هذا لم يعد كافياً مع صعوبة الأمر حتى بالنسبة لمفاصل اللعبة من لاعبين وإداريين، وجاء الخبر الأول بهذا الخصوص برصد أول حالة بين لاعبي أندية الدرجة الثالثة، وبعد إكمال جولة بلا جمهور رأى القائمون أنه لابد من إيقاف اللعبة كلياً، وهاهي الكالشيو تنصاع لأوامر السيد كورونا وتصبح عصية على عشاقها في الوقت الحالي.

الضحية التالية
ومن سوء حظ الإسبان جيران الطليان أن فريق فالنسيا خاض مباراة في برغامو الإيطالية أمام أتلانتا ضمن ذهاب دوري أبطال أوروبا فكانت أحد الأسباب لنقل العدوى إلى البلاد عبر الجماهير التي رافقت الفريق وبالطبع لم يقتصر الأمر على هذه المباراة بل هناك طرق أخرى لا يمكن حصرها في انتقال الفيروس إلى باقي بلدان العالم أجمع لاسيما أن الكشف كما ذكرنا لا يظهر الإصابة مباشرة، وكان القرار في إسبانيا بإقامة الدوري أمام مدرجات فارغة قبل أن تصدر الأوامر الخميس الماضي بإيقاف الليغا تماماً وكل المسابقات الرياضية.
ورغم معاندة البعض وانتظار الوقت بمحاولة أخذ الحيطة والحذر الشديدين إلا أن الجميع رضخ للأمر الواقع، وبدأت حكاية التأجيل تتسارع حتى شملت القارة العجوز برمتها، ولم يقف اليويفا متفرجاً فرضخ للقرارات المحلية فأعلن إيقاف مسابقاته بعد رفض عدد من الأندية خوض بعض المباريات لأسباب تتعلق بكورونا طبعاً.

توقف شامل
وجاء الكشف عن إصابات بعض اللاعبين في أندية كبيرة ليفرض موقفاً موحداً من الوضع القائم، ففي إيطاليا أعلن عن فحوص إيجابية لمدافع يوفنتوس روجاني ما جعل الفريق يعلن وضع لاعبيه تحت الحجر الصحي الاختياري مع إيقاف النشاط الرياضي كاملاً، ولحق به ريـال مدريد بسبب اكتشاف الفيروس عند الكشف على أحد لاعبي السلة، وهو ما يعني أن لاعبي كرة القدم بالنادي أصبحوا تحت طائلة الإصابة به ذلك أنهم يستخدمون المرافق نفسها مع فريق السلة، وفي إيطاليا أعلن عن إصابة غابياديني لاعب سامبدوريا قبل أن تتسع الدائرة داخل أزرق جنوا فالعدوى انتقلت على ما يبدو إلى بعض زملائه.
في إنكلترا وعلى الرغم من الإعلان سابقاً عن إقامة المباريات دون جماهير إلا أن الشك بوجود بعض الحالات في فريق ليستر أجبر القائمين على البريميرليغ النظر جدياً بالتأجيل وهذا ما كان، ولحق به كل مسابقات الدرجات المختلفة ولم تتأخر لجنة الدوري في ألمانيا وفرنسا بإيقاف النشاط الرسمي، وعلى العموم فقد رأى الاتحاد الدولي الفيفا تأجيل كل المباريات المتعلقة بتصفيات مونديال 2022 المقررة في شهر آذار.

ماذا بعد؟
إذاً توقفت المسابقات الكروية في ثلاثة أرباع دول العالم ولم يتبق سوى بعض المسابقات هنا وهناك، ويبدو أن الأمر لن يطول كثيراً حتى يشملها الحظر أو التأجيل، ودخلت الأمور النفق المظلم، ليقف القائمون على اللعبة موقف الحائر، فالقادم مجهول ولا أحد يعلم إذا كانت اللعبة ستعود في الوقت الذي حددته بعض الجهات، أم إن الركود سيطول وعندها تبدأ التساؤلات الطبيعية بالنسبة للموسم المحلي والبطولات القارية، إلا الآن بدأت الأندية بتكبد الخسائر المالية التي من الممكن أن تقصم ظهر كثير منها في حال طال الأمر، وعلى سبيل المثال بلغت خسارة يوفنتوس جراء إقامة مباراة القمة مع إنتر دون جمهور قرابة 5 ملايين يورو، لتزداد الخسائر في حال أقيمت بقية المباريات بمدرجات فارغة، هذا عدا العائدات من النقل التلفزيوني وغيرها من الرواتب والأجور والمصاريف الأخرى.
والأهم من ذلك يبقى السؤال الأهم؟.. ماذا عن البطولات الكبرى القادمة؟ هل تؤجل بطولة يورو 2020 المقررة في حزيران؟ وماذا عن الألعاب الأولمبية الصيفية المقررة في الصيف؟.. وماذا لو عادت المسابقات الأوروبية المحلية؟ وبأي وضعية ستحسم هذه البطولات؟.. وماذا بالتالي عن الموسم القادم؟ علماً أن معظم الأندية كانت تشتكي أساساً من ضيق الوقت وازدحام الروزنامة، كل هذا التساؤلات وغيرها ربما اضطررنا للحديث عنها في الأيام القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن