قضايا وآراء

الكذب والخداع سمات نتنياهو الشخصية

| د. يوسف جاد الحق

تتسم شخصية رئيس وزراء الكيان الصهيوني المدعو بنيامين نتنياهو، لعدة فترات من تاريخه، بالقدرة الفائقة على الكذب والخداع والتضليل، وهي صفات لا تخجله، بل هو يستمرئ صورته هذه ويباهي بها أمام العالم كله، إذ يرى في هذا التلون الحربائي قدرة فذة على ابتكار أي كلام في أي موقف أو مناسبة أو لقاء ما يتيح له الوصول المباشر لتحقيق غاية يرمي إليها. وهذه القدرة عبارة عن مَلَكة لخداع الآخرين، خصوماً كانوا أم أصدقاء ما دام يحقق من ورائها مكسباً شخصياً، قبل أن يكون لمصلحة كيانه، فهو إذا ما عمم حملة من الأكاذيب أو الإشاعات المفتراة حول بلد مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، زاعماً أنها الخطر الأكبر على العالم، وليس على هذه المنطقة وحدها، لكي يدفع صديقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إعلان حرب عليها نيابة عنه، ولمصلحة كيانه، فهذا إنجاز ما بعده إنجاز، ولتقل عنه ما تشاء!
وهو لا يحجم عن استخدام وسائل التواصل بأنواعها المختلفة لتعميم مجموعة من الأضاليل والأكاذيب المدروسة، والتي لا مكان لها في الواقع، بهدف التأثير في جهة ما، صديقة أو عدوة، أو رأياً عاماً ما دامت تحقق له غرضاً وتوصل إلى هدف.
كذلك الأمر في حملاته الانتخابية، إذ يعد ناخبيه بالمن والسلوى، وبقدرته على اجتذاب دول عربية إلى التحالف معه، وإلى تأييده في ضم ما تبقى من الأرض الفلسطينية في غور الأردن، وفي الضفة على أنها يهودا والسامرة، وإلى بناء المزيد والمزيد من المستوطنات في كل مكان منها، استطاع بهذا جمع الأصوات اللازمة لانتخابه مرة أخرى كي يبقى رئيساً للوزراء، حلمه الدائم، (الذي يبدو أنه سيتبدد مع تكليف منافسه أمس بيني غانتس تشكيل الحكومة الإسرائيلية) واحتمالات إدانته في القضايا المنسوبة إليه، واحتمال دخوله السجن مهيناً ذليلاً في نهاية المطاف، فضلاً عن ادعاءاته بأنه المنقذ الوحيد لهم أمام محور المقاومة المتنامي المهدد وجودهم في كل آن.
فضلاً عما سلف فإن نتنياهو لديه من الصفاقة والجرأة، دونما خجل، على بث آراء وأفكار عجيبة، يعرف سلفاً أنها مجرد أكاذيب مفتراة، فقد دأب على الادعاء، كلما التقى رفيقه الذي يشاركه المواصفات نفسها دونالد ترامب، بأن إيران تسعى إلى صنع سلاح نووي وفي هذا ما فيه من خطر على إسرائيل وأميركا، وراء البحار، لاسيما أنها أصبحت تملك صواريخ بالستية دقيقة.. فيا للهول..! وأنه من ثم، لن يسمح لإيران، بامتلاك سلاح نووي، وكأن أحداً ينتظر سماحه من عدمه! يقول هذا وهو الذي يمتلك الآن مئات من القنابل النووية الجاهزة لاستخدامها على الفور، يقول هذا وهو يعرف أن ما لدى أميركا من القنابل النووية والهيدروجينية والنيتروجينية، التي تقتل البشر وتبقي على الحجر، ما يمكنها من إبادة الحياة على الكرة الأرضية برمتها، وفوق هذا هو يعرف أن إيران، من ناحية مبدئية عقائدية دينية، لا تفكر في إنتاج سلاح ذري، وهي قادرة على ذلك، ففي هذا جريمة إنسانية لا تسمح لها عقيدتها بالاقتراب منها.
ولا ندري لماذا يحق لنتنياهو امتلاك السلاح الذري هذا فيما هو محظور وممنوع على إيران والعرب أجمعين! من أعطى هذا الامتياز لنتنياهو على مستوى مجلس الأمن الدولي، وهيئة الأمم وغيرهما من المؤسسات الدولية التي نسألها هي بالذات عن تفسير لهذا الموقف العجيب؟
أما عن نزعة نتنياهو الإجرامية فحدث ولا حرج، وقد خبر الفلسطينيون والعالم كله ممارساته الإجرامية، فالرجل لا يقيم وزناً لأي قيمة إنسانية تعارف عليها البشر، ولا يحترم شرعة سماوية أو أرضية، وهو مغرم برؤية الدماء العربية والفلسطينية خاصة، تجري أنهاراً، فما من يوم يمضي على أطراف غزة والضفة من دون أن يقتل فلسطينيون برصاص وقنابل ما يسمى «جيش الدفاع» عندهم، على مرأى ومسمع من العالم اللائذ بالصمت المريب، بل هو يدفع جنوده إلى التمثيل بجثث الضحايا حيناً وإخفائها عن ذويها حيناً وحرقها أو تذويبها حيناً.
يذكر العالم كله ما حدث بالأمس القريب، مع جثة الشهيد محمد الناعم الذي قتل غيلة وغدراً، ثم حملته جرافة وتحركت تسير في طريقها والجثة معلقة تتأرجح أمامها، مشهد لم تعرفه النازية في أوج ما سموه بالهولوكوست إزاءهم في ألمانيا، الهولوكوست الذي لا يجرؤ أحد على المساس بقدسيته حتى اليوم وبعد انقضاء كل هذا الزمن منذ الحرب العالمية الثانية.
لا ينبغي أن تفوتنا الإشارة هنا، إلى أن رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب يشارك نتنياهو هذه الصفات والسمات، كما لو كانا ابنين لأب واحد أو لأم واحدة وآباء كثر!
ما يؤلم المرء أكثر من أي شيء آخر أنه في هذا الزمن السيئ أصبح أمثالهما، في بلاد كثيرة من عالم اليوم رؤساء وقادة يتحكمون في مصائر شعوب بريئة لا ذنب لها سوى استضعافها من قبل هؤلاء المجردين من كل خلق وقيمة إنسانية وفي أشخاصهم تحديداً يمثل الخطر الحقيقي على عالم المستقبل برمته.
ولأنه لا يغفل شيئاً في سبيل تحقيق أهدافه وأحلامه فقد ذهب منذ أيام إلى التنديد بسلفه في دنيا الإجرام أرييل شارون ناسباً إليه تقصيره في ضم الضفة (يهودا والسامرة) يوم كان في سدة الحكم، ولكنه، أي نتنياهو، من سوف يصحح خطأ شارون.
حتى الأموات، ومن فصيلته ذاتها لا يعفيهم من بذاءاته وعنصريته وأنانيته المفرطة.
على أي حال، وأياً كان الأمر فإن من شأن هذه السمات في الرجل البهلواني إياه، أن تسرّع في سقوطه المؤكد، فضلاً عن تسريعها في القضاء النهائي والمحتوم لكيانه اللقيط في قابل الأيام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن