اقتصاد

خبير في التأمين: استثناء الأوبئة أمر منطقي وصحيح تأمينياً

| الوطن

اهتزت الكرة الأرضية بفيروس كورونا المستجد، وتداعت أركان الاقتصاد العالمي، لم يبق أي مجال حيوي لم تطله آثاره الكارثية، وكلنا أمل بألا يصل هذا الوباء إلى سورية، ما ينبغي عدم توفير أي جهد ممكن مهما كانت كلفته وأعباؤه وألمه، في الوقاية منه ومواجهته.
التأمين كما الاقتصاد بشكل عام لا بدَّ من تأثره وبشدة بما يحصل، سواء من ناحية التعويضات التي قد تتحملها شركات التأمين في العالم وتسددها للمتضررين، أم لناحية الأثر المباشر على أعمالها ونشاطها بتأثيره في الحياة الإنسانية والاقتصادية، هذا ما يؤكده الخبير في التأمين الدكتور رافد محمد، مبيناً أنه منذ بداية ظهور هذه النسخة من فيروس كورونا المستجد وتفشيه، والحديث يدور في مختلف بلدان العالم عن مدى التغطية التأمينية للمخاطر المتعلقة به، مهما اختلف توصيفه وتصنيفه.
ولفت إلى أن القليل من دول العالم اعتبرت تكاليف هذا المرض مغطاة تأمينياً، وهي الدول التي تقدم التأمين الصحي على أساس قريب من الضمان الاجتماعي، كما تصنفه على أنه من الأمراض المُعدية أو السارية أو الفيروسات، على حين أغلب الدول اتبعت ما تغطيه وثيقة التأمين النموذجية، التي تستثني بشكل واضح الأوبئة «بعد أن صنفته منظمة الصحة العالمية كوباء» وكذلك تستثني الحجر الصحي وما يتبعه من علاج.
ولمعرفة الأمر بدقة، وموضوعية، فصل الخبير بين مختلف أنواع التأمين التي ترتبط بشكل أو بآخر بالمخاطر الناتجة عن تفشي هذا الفيروس، وتحوله إلى وباء، منها التأمين الصحي، تأمين الحياة، السفر، توقف الأعمال والمسؤولية.
ونوّه بأن وثيقة التأمين الصحي النموذجية والمعتمدة في الأغلبية العظمى من شركات التأمين حول العالم، تستثني بشكل صريح وواضح الأوبئة، وإن غفلت شركات التأمين فيما مضى عن ذكر هذا الاستثناء بوضوحه، فإن الأوبئة التي حدثت خلال السنوات الأخيرة كالسارس، الجمرة الخبيثة، الإيبولا وغيرها، دفعت الشركات إلى الاهتمام والعناية بإيضاح هذا الاستثناء، وهو ما يجري أيضاً من شركات تأمين كثيرة تحاول اليوم تعديل وثائقها لتشمل استثناءً واضحاً للكورونا.
أما قبل تصنيفه كوباء، فإن وثائق التأمين تختلف بين الشركات وبين البلدان في تغطية الحالة، فأغلبيتها تغطي العلاج من باب أنها أمراض تنفسية أو سارية مثلاً.
وأضاف الخبير: «إن موضوع تصنيف المرض على أنه وباء أو سواه، يعود تقديره إلى السلطات الوطنية في بلد شركة التأمين، وفيما إذا كانت ستتبع ما تقرره منظمة الصحة العالمية أم لا، من حيث شمول الوباء للبلد، ولا بد لشركات التأمين من الالتزام بما تقرره السلطات الوطنية في ذلك».
وتابع: «أما موضوع استثناء الأوبئة، فهو أمر منطقي وصحيح تأمينياً لسبب جوهري هو عدم تمكن شركة التأمين من تقدير كلفة الخطر «قياس الخطر»، الذي يمثل شرطاً أساسياً علمياً وعملياً للبدء بأي منتج تأميني، كذلك عدم توافر علاج له».
وفيما يخص تأمين المسافر، بيّن الخبير أنه يغطي عادةً التكاليف الصحية له أثناء سفره، وكذلك تعويض إلغاء الرحلة، فقدان الأمتعة والحقائب، نقل جثمان المتوفى إلى بلده، وبذلك يتضح أن التكاليف الصحية الناتجة عن الكورونا غير مغطاة في حال اعتباره وباء، وكذلك لا يغطي الحجر الصحي، أما ما يثير مخاوف شركات التأمين حالياً هو تعويض إلغاء الرحلات، حيث ألغت الكثير من شركات الطيران أو النقل البحري رحلاتها بسبب هذا الفيروس، ومن ثم فإن شركات التأمين ملزمة بالتعويض للمؤمن له، أو لشركة الطيران المؤمنة «في حال وجود وثيقة تأمين طبعاً» والتي بدورها ملزمة بسداد التعويض لمن تضرر بإلغاء رحلته، كنتيجة لمسؤوليتها اتجاهه.
أما تأمين الحياة، فإنه يغطي حالة الوفاة الناتجة عن الكورونا، وهو من أنواع وثائق التأمين المنفعية، والتي لا تستثني الوفاة بسبب الأمراض مهما كان تصنيفها، طالما أنها حصلت بعد توقيع وثيقة التأمين.
إضافة إلى ما سبق، يبرز تأمين توقف أعمال وفقد الأرباح بسبب الكورونا والإجراءات الوقائية منه، وهنا يوضح الخبير أمرين أساسيين، أولهما أن أغلب وثائق تأمين توقف الأعمال تكون مرتبطة بخطر أصلي مؤمن مثل تأمين الحريق، وفي هذا المثال فإن وقف الأعمال الناتجة عن سبب غير وارد في وثيقة الحريق يكون غير مغطى، وثانيهما أن توقف الأعمال الناتج عن الأوبئة، وإن كان أقل انتشاراً، فإنه لا يغطي توقف الأعمال بأمر من السلطات الحكومية.
وختم الخبير بالتأكيد أنه «بغض النظر عن مدى تغطية شركات التأمين السورية للمخاطر التي قد تقع، فإن تصدي قطاع التأمين لمهامه ومسؤولياته الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، في مواجهة هذا الوباء، ستكون بداية مهمة لاستعادة الثقة به».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن