قضايا وآراء

جس نبض أم خبث أميركي في العراق؟!

| أحمد ضيف الله

أعلن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش في بيان له في التاسع من آذار الجاري، عن مقتل جنديين أميركيين أثناء مرافقة القوات العراقية في مهمة ضد عناصر تنظيم داعش في منطقة جبلية، مبيناً في بيان لاحق أن جثة أحدهما احتاجت إلى عدة ساعات لانتشالها، في حين أعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية في بيان لها، أن قوة من جهاز مكافحة الإرهاب نفذت بالتنسيق مع طيران التحالف الدولي، «عملية إنزال جوي في منطقة جبال قرة جوغ جنوب قضاء مخمور، واشتبكت مع العصابات الإرهابية مع ضربات جوية متلاحقة، وقد أسفرت العملية عن مقتل 25 إرهابياً»، ولم يُشر البيان إلى وقوع قتلى أو جرحى سواء في الجانب العراقي أو في جانب قوات التحالف التي اقتصر دورها على الإسناد الجوي، كما لم يؤكد أي مصدر عراقي رسمي الرواية الأميركية. ومما يبدو أن خبر مقتل الجنديين الأمريكيين ليس دقيقاً، وأن الغاية من تسويقه، هي إبراز أهمية وجود القوات الأميركية في دعم ومساندة القوات العراقية في مواجهة تنظيم داعش، وإلى ضرورة الدعوة لإعادة النظر بإخراج القوات الأميركية من العراق، وخاصة أن المتحدث باسم التحالف الدولي مايلز كاغينز كان قد أعلن مراراً، أن تنظيم داعش مازال يشكل تهديداً في «المناطق القريبة من جبال حمرين وقره جوخ وفي منطقة مخمور ومناطق في سهل نينوى وصحراء الأنبار»، مؤكداً أن التحالف الدولي سيبقى في العراق، متجاهلاً تصويت المجلس النيابي في الخامس من كانون الثاني الماضي، بإلزام الحكومة بإخراج القوات الأجنبية من العراق، بعد قيام القوات الأميركية باغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.
قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكنزي، قال خلال جلسة استماع في الكونغرس الأميركي في العاشر من آذار الحالي: «نحن نعمل على نقل منظومات دفاع جوي ومنظومات دفاع صواريخ بالستية إلى العراق، بالأخص لحماية أنفسنا ضد أي هجوم إيراني آخر محتمل». وكان من اللافت في هذه الجلسة أن الجنرال ماكنزي لم يقدم أي معلومات محددة عن عملية نقل تلك المنظومات إلى العراق، كما لم يطلب أعضاء اللجنة منه أن يتوسع في حديثه هذا! ومما يبدو أن نشر الخبر كان لجس النبض ومعرفة الموقف العراقي من نشر منظومة كهذه من دون أخذ موافقتها، وخاصة أن الولايات المتحدة الأميركية، كانت قد سعت مراراً بعد الهجوم الصاروخي على قاعدة عين الأسد في الثامن من كانون الثاني الماضي، إلى الحصول على إذن لنقل أنظمة دفاع صاروخي من طراز باتريوت إلى العراق، إلا أن الحكومة العراقية تجاهلت ذلك.
وفي الـحادي عشر من آذار الجاري، اُستهدف معسكر التاجي الذي يقع شمالي بغداد، بقصف صاروخي أدى بحسب قيادة العمليات المشتركة العراقية إلى مقتل ثلاثة جنود من قوات التحالف وهم بريطاني واثنان أميركيان، وفي اليوم ذاته استهدفت طائرات حربية «مجهولة» مقرات للحشد الشعبي على الحدود السورية العراقية، ولا يبدو واضحاً في ظل ضبابية البيانات وغياب دقتها، أي عملية كانت رداً على الأخرى؟! بينما أكد قائد القيادة المركزية في الجيش الأميركي الجنرال كينيث ماكينزي في جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي في الثاني عشر من آذار الحالي، أن «كتائب حزب الله هي المجموعة الوحيدة التي يمكن أن تقوم بمثل هذه الهجمات»، ومع ذلك استهدف الجيش الأميركي في اليوم التالي من اتهام ماكينزي «قطعات الجيش العراقي مغاوير الفرقة 19 ومقر لواء 46 الحشد الشعبي وفوج شرطة بابل الثالث، ومطار كربلاء وهو قيد الإنشاء»، متسبباً في استشهاد 3 مقاتلين من المغاوير، و2 من الشرطة، إضافة إلى استشهاد عامل مدني في مطار كربلاء، وذلك بحسب بيان قيادة العمليات المشتركة العراقية.
وبغض النظر عن رد المقاومة العراقية الذي لم يتأخر في استهداف معسكر التاجي مرة ثانية بعد بضع ساعات من العدوان الأميركي، بكثافة صاروخية بلغت 33 صاروخاً، والتصريحات التي أدانت العدوان الأميركي في مقابل تلك التي ساوت بين المعتدي والمعتدى عليه، فإن قيادة العمليات المشتركة العراقية، أكدت في بيان لها أن الغارات الجوية الأميركية في العراق «لا تحد من هذه الأعمال (قصف المعسكرات) بل تغذيها وتضعف قدرة الدولة وتوقع المزيد من الخسائر بالعراقيين وغيرهم، ما يستوجب المسارعة بتطبيق قرار مجلس النواب الخاص بموضوع الانسحاب».
هنا المفيد وبيت القصيد، إذ إن استمرار الولايات المتحدة الأميركية في البحث عن مبررات لإبقاء قواتها في العراق وزيادة قدراته ومنظوماته الدفاعية، لن يجدي نفعاً، بينما يأمل العراقيون ألا يكون قصف قاعدة عين الأسد قد أصاب ترامب والقيادات العسكرية الأميركية كلها بارتجاج دماغي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن