قضايا وآراء

هل تنتهي رحلة أردوغان على طريق M4؟

| منــذر عيــد

لم تتجاوز الدوريات الروسية التركية المشتركة على طريق M4 وفق اتفاق موسكو الأخير، الذي دخل حيز التطبيق 15 الشهر الحالي بلدة النيرب لتنتهي المهمة وتعود أدراجها من حيث انطلقت، لتكون الانتكاسة الأولى لذاك الاتفاق على طريق حلب اللاذقية، ولتثير موجة من التحليلات والتساؤلات حول مستقبل الاتفاقية، وهل نجح التركي في إفشالها، عبر الاستثمار بالإرهاب مجدداً، تحت ذريعة استخدام المدنيين دروعاً بشرية من الإرهابيين.
من المؤكد أن رئيس النظام التركي رجب أردوغان يدرك أن «اتفاق موسكو» هو طوق النجاة الأخير الذي يمكن أن يقدمه الجانب الروسي له من أجل الخروج من إدلب «غير ذليل» والقضاء على المجموعات الإرهابية فيها، وخاصة بعد التجارب السابقة للجانب الروسي مع أردوغان، التي لم يلتزم فيها أردوغان بأي بند من اتفاق «سوتشي» خاصة لجهة القضاء على التنظيمات الإرهابية المدرجة على قوائم الأمم المتحدة.
ماذا تقول الوقائع في أرض الميدان حول العلاقة الوجودية بين رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان والإرهابيين في سورية، ومدى قدرة النظام التركي على لجمهم، وإلزامهم بتنفيذ الاتفاقات مع الجانب الروسي؟
في الظاهر فإن ما جرى من تجمع للإرهابيين وإحراقهم الإطارات على «M4» واتخاذهم المدنيين دروعا بشرية لعرقلة عمل الدورية، هو محاولة من التركي لإظهار أن ما جرى خارج عن إرادته وتعليماته وسيطرته، إلا أن الحقيقة تقول عكس ذلك، فمن يمتلك القدرة على الزج بجنوده في الخندق ذاته مع أولئك الإرهابيين لقتال الجيش العربي السوري والحلفاء، ويستطيع إدخال 4380 شاحنة وآلية عسكرية، تحمل دبابات وناقلات جند ومدرعات و«كبائن حراسة» متنقلة مضادة للرصاص ورادارات عسكرية، وتنشر أكثر من 9450 جندياً تركياً محتلاً إلى مناطق سيطرتهم في أقل من 15 يوماً، فإنه قادر من دون شك على لجمهم متى أراد، والتحكم بقرارهم حسبما شاء، وخاصة أنه ولي نعمتهم، وداعمهم بالمال والسلاح والطعام، وكل الأسباب التي تؤمن استمرارهم على الأرض السورية.
أردوغان الذي ادعى عجزه سابقاً، فترة اتفاق سوتشي، عن فرض سيطرته على الإرهابيين، واستطاع توحيدهم في مواجهة الجيش العربي السوري خلال ساعات، يعاود الكرة للمفاوضة بالإرهاب مجدداً، وهذا الأمر خارج عن إرادته على ما يبدو، فهو من أسس جل أحلامه ومخططاته على انتصاراتهم وديمومتهم، ودفع ملايين الملايين من الدولارات في طريقهم، وخسر أكثر من نصف الداخل التركي ثمناً لعداء سورية، فكيف له أن يسلّم الأمور بتلك البساطة من وجهة نظره الإخوانية، ويخرج خالي الوفاض من سورية، وهو من ادعى «سيادة المسلمين» يوما، فأخذته أحلامه إلى ليبيا حيث خيبته الثانية هناك.
تم اختصار مسار الدورية المشتركة الأولى على طريق «M4»، بسبب استفزازات من تشكيلات إرهابية، ليبقى السؤال ماذا لو استمرت تلك الاستفزازات؟ وإلى متى سيبقى حبل أردوغان منفلتاً على غاربه؟ أم إن للروسي حسابات أخرى، وتوقيتاً جديداً عقاربه أشد سميّة من «عقارب توقيت سوتشي»، التي حاول أردوغان اللعب بها سابقاً، فكانت العواقب وخيمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن