ثقافة وفن

«كورونا» يوقف افتتاحه الرسمي ولكن الفن لا يمكن أن يتوقف … فداء منصور لـ«الوطن»: معرض «أمومة» حالات أنثوية تعبر عن المرأة الأم وتضحياتها

| سارة سلامة

بعد أن توقف افتتاح معرض «أمومة» بشكل رسمي للفنان فداء منصور والذي كان من المقرر افتتاحه يوم الأحد 15 آذار، في صالة الفنان مصطفى علي، ألغي بسبب الإجراءات الاحترازية لفايروس كورونا، واعتمد القائمون عليه استعراض اللوحات بطريقة فردية.
يتزامن المعرض الذي يطرح قصة الأمومة ومشوار حياتها في العطاء مع عيد الأم في التجربة الدائرية الثالثة للفنان فداء منصور الذي يعمل مراراً على إثبات تجربته كبراءة اختراع يستشعر بها بما تحمله من عاطفة وحميمية ودفء. فهي تجربة على حسب تعبيره جديدة وفريدة وبعيدة من القساوة.

هي تجربة واقعية تحمل الكثير من انطباعات الفنان واستشعاره لما يجري حوله، يبتكره ويصوره بطريقة دائرة محببة لطيفة لا تحمل المبالغة ويمكن البساطة هي أجمل ما يميزها، يصور لنا المراحل التي تمر على الأم من احتضانها جنينها لشهور إلى الاعتناء بكل تفاصيله ودلاله ومداراته وحالات الفقدان التي ممكن أن تمر بها الأم التي لطالما كبرت وضحت، ومن خلال استخدام ألوان دافئة الأحمر وتدرجاته وأيضاً الأسود ليعبر عن الفقدان بكل جدية واحتراف.
حيث بدأ الفنان منصور باستعراض لوحاته على صفحته الخاصة على «الفيسبوك» متحدياً كورونا، وحجته في ذلك أن الحرب لطالما شهدت الكثير من قذائف الغدر، ولكنها لم تثننا عن متابعة حياتنا، وحتى إن التزمنا بإجراءات الدولة إلا أننا سنبقى نمارس حياتنا، حبنا وفننا والتعبير للأم عن مدى امتناننا لها ولعطائها.

لم أبتعد عن الحداثة
وقال الفنان فداء منصور في تصريح خاص لـ«الوطن»: «إنني لم ألغ المعرض فهي فرصة لا تعوض أن أعرض عند الفنان العالمي مصطفى علي، فهو لا يغامر بمعرض فردي لأي شخص من دون أن يكون مطلوباً وناجحاً ويحقق جدلية. وقدمت 20 لوحة تحكي عن الأمومة، متابعاً بتجربتي الدائرية الثالثة لأن الكثيرين أحبوها، وأجلنا الافتتاح الرسمي لأننا ضد التجمعات ولم نخالف قرار الحكومة وتتم الزيارة بشكل فردي».
بمقاسات مختلفة وألون تحمل الكثير من الحميمية والأحمر الدافئ شيء من الأنوثة ولكنها لا تخلو من السواد ويبين منصور ذلك: «من خلال لوحة فيها تراجيديا الحرب والأزمة والشهداء الذين رحلوا وتركوا وراءهم أماً مفجوعة ومقهورة فهي أكثر كائن ممكن أن يتأثر بالفقدان وجسدت ذلك من خلال لوحة بعنوان (فقدان)».
يتميز منصور بتجربته الدائرية التي فردته ويعتبرها أنها: «نابعة من خبرتي واحترافي بالخط، وخاصة الديواني، مع الفن استطعت تشكيل الدائرة بشكل احترافي، لذلك لم أفقد التراث ولم ابتعد عن الحداثة ولكنني لم أذهب إلى اللوحات الممسوخة التي تشبه (الزومبي) وأشكالاً مقززة، بل لجأت إلى الدائرة الحنونة والمسالمة المحاورة التي لا تصطدم فينا، إلا أنني ممكن أن أرسم بورتريهات ومناظر طبيعية وأجسد انطباعاتي، ولكنني أثبت الآن تجربتي من خلال 4 أو 5 معارض، لأن الكثير راهن عليها وعلى التكرار، إلا أنني في كل معرض قدمت شيئاً جديداً عن سابقه، وأحب أن أوصل تجربتي هذه إلى العالمية، وخاصة أنها حظيت باهتمام كبير خارج سورية، وهناك الكثير من المقتنين من خارجها».

الدائرة شكل مرن
هي فكرة وخط أتبعه كبراءة اختراع ومدرسة جديدة أحب منصور الخوض بها لنرى في معرض «أمومة» 20 عملاً لا يوجد شيء منها يشبه الآخر ولا حركة تشبه الأخرى. حيث قال: «اتجهت إلى الدائرية منذ العام الماضي في صالة (أدونيا) وكانت تجربة غريبة وصادمة ولاقت الكثير من الاستغراب والدهشة والنقد والنجاح بوقت واحد ومن نجاحها أن معظم الأعمال اقتنيت من متذوقين كبار في سورية، وهناك من عمل على تهميش الفكرة أو الاستخفاف بها أو سرقتها، ولكنني أعتبرها هبة من اللـه كما تردد نقاد كبار في الكتابة عنها رسمياً حتى الآن والله أعلم بالسبب رغم طرافة الفكرة وتفردها والتغزل بها من كبار المقتنين والمتذوقين المثقفين. وبعدها تابعت العمل لأقيم معرضي الثاني بالعام نفسه في (الرواق العربي) صالة لؤي كيالي، ثم شاركت بعمل من التجربة الدائرية بمعرض الخريف السنوي، ثم عملين في غاليري النحات مصطفى علي، في معرض اللوحة الصغيرة ضمن فعاليات أيام الفن التشكيلي السوري. وكنت أطمح لإقامة معرض فردي لديه عن الأمومة ورحب بذلك وذهبت إلى العمل حتى تلقيت منه تأكيداً وجهزت عشرين عملاً عن الأمومة، وجهزت ذلك خلال فترة قصيرة حقيقة، لأن تجربتي تصل إلى آفاق من جمال خاص وخصوصية متفردة أهرب بها من الزوايا الحادة والضيقة، والدائرة شكل مرن جميل أنثوي حواري مسالم ومتكامل وقوي بالوقت نفسه».

صعب التقليد
وفي ظل ضجيج الحياة يهرب منصور إلى اللوحة ويعيش يومه ويضع همومه جانباً ليختصر بشكل دائري عملاً جميلاً يبهر به نفسه والآخرين. ويقول: «يجب أن يرسم الفنان ما هو بارع فيه ويحبه، وأنا لدي تجربة جيدة بالخط العربي وممارستي الطويلة في هذا المجال بالرسم والخط كمجال عمل جعل من خطوطي مزيجاً قوياً من طواعية الخط ورشاقته، حتى إنه صعب التقليد ويوقع المقلد في مطب صعب، ويستطيع المحترفون اكتشاف ذلك، ولكني أرسم أيضاً بتقنيات أخرى رصاص ومائي وفحم أو باستيل وأساليب واقعية وانطباعية، وأصب الآن حول الدائرية للدفاع عن خصوصية أسلوبي، وبرأيي أن هذا المخاض الفني سوف يفرز تجارب جميلة ومحاولات نحو خلق أساليب وأفكار أكثر جدية، وهناك الكثير من المبدعين في سورية الذين يرسمون، وقد أحدثت لنفسي جواً من التنافس الإيجابي لتقديم الأفضل».
والمعرض حمل رسالته التي يقول فيها: «رغم كل ما مر علينا من حرب كنا ومازلنا مصرين على الحياة، لذلك لن نخاف من الكورونا بل سنتخذ الإجراءات بكل وعي ونتقيد بها ولم أحرم الأم من الاحتفاء بعيدها، لذلك أبقيت على المعرض وأعرض اللوحات على صفحة الفيسبوك».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن