رياضة

بعد دخولها النفق المجهول بسبب كورونا … الدوريات الأوروبية بين الإرجاء والإلغاء

| خالد عرنوس

على الرغم من المجهول الذي ينتظر كرة القدم عقب حالة الجمود التام الذي أصابها جراء فيروس كورونا أو الوباء الذي انتشر في جهات العالم الأربع إلا أن الجميع يحسب لخط الرجعة وبات يطلق التوقعات والتنبؤات أو يطرح الحلول للأزمة التي خلقها الوضع الحالي خاصة في القارة الأوروبية حيث مركز الثقل بالنسبة للأندية العملاقة والتي بدأت بإحصاء الخسائر الثقيلة التي قد تتجاوز المليارات.
لقد أيقن الجميع أن المصلحة العامة أهم من كرة القدم لكن ذلك لا يمنع من أن اللعبة الشعبية الأولى كانت سلوى لكثير من الناس حول العالم لنسيان بعض الهموم ولم تعد مجرد لعبة عادية فقد أصبحت شيئاً أساسياً في حياة الكثيرين، وقد ظهر ذلك جلياً في الأسبوع الفائت الذي غابت فيه المباريات الكبيرة على غير العادة وهو الشيء الذي لم يتعود عليه هؤلاء، لكن إلى أين المصير؟.. ومتى ستكون عودة الضجيج إلى الملاعب العالمية؟.. وما الحلول المنتظرة للملفات الشائكة التي أفرزها التأجيل؟.. كل ذلك أصبح في طور التنظير والتحليل والمقترحات والتوقعات.

أول الغيث
منذ سنوات ليست بالقليلة أصبحت كرة القدم تجارة رائجة وأضحت بعض الأندية الكبيرة بمثابة شركات عملاقة وبالتالي لديها مصاريف هائلة ولذلك كان لا بد من تفعيل هذه الأندية بشكل أكبر، فكانت بطولة دوري أبطال أوروبا بشكلها الحالي التي تضمن مشاركة عدد أكبر من هذه الأندية فيها حتى في حال عدم فوزها بالألقاب المحلية كما كانت تنص أنظمة البطولات القارية سابقاً، واللعب على المستوى الأعلى منح هذه الأندية هامشاً ربحياً يبلغ أرقاماً فلكية في بعض الأحيان، ما جعل عصبة من هذه الأندية تطالب بالانفصال عن بطولات اليويفا وإقامة بطولتها الخاصة التي تضم أندية القارة الأوروبية الكبيرة تحت تسمية السوبر شامبيونز.
كل هذه المقدمة نسوقها لنصل إلى الشكوى التي كانت تطلقها العديد من الأندية حول ازدحام الجدول وخاصة على الصعيد المحلي ومطالبتها بتقليص عدد المباريات وخاصة على صعيد الدوري أو حتى مسابقات الكؤوس، واليوم وقد فرض الوضع الصحي تأجيلاً لكل المنافسات دون سابق إنذار وبشكل نهائي وإلى وقت غير معلوم، فكيف ستواجه هذه الأندية هذه المعضلة؟.. وما الحلول المقترحة؟
نحو المجهول
تعيش الأندية الأوروبية حالة من الجمود بعدما أعلن معظمها إيقاف النشاطات كاملة حتى إن بعضها أغلق متاحفه أمام الزوار لترتفع الخسائر المالية إلى أرقام لم تكن في الحسبان، فعلى سبيل المثال فإن التقديرات الأولية لخسائر الأندية الإيطالية تناهز 700 مليون يورو مقابل 750 مليوناً لأندية ألمانيا وبالطبع فإن المتضرر الأكبر هما يوفنتوس وبايرن ميونيخ وبدرجة أقل الأندية التي تليهما في الشعبية والميزانية.
ومن المؤكد أن الأرقام تقل في فرنسا وربما ترتفع بالنسبة لأندية إسبانيا وإنكلترا حيث الأرقام الخيالية التي ترصدها الأندية الكبيرة وخاصة كرواتب للاعبين مع توقف جل الإيرادات المجدولة من عائدات النقل التلفزيوني وتذاكر المباريات ومبيعات القمصان والقطع التذكارية وغيرها من الأمور، ونعود ونكرر للقول إن الأمور قد تصل إلى طريق مسدود مع صعوبة التكهن بالعودة الطبيعية إلى الملاعب.

مشكلة أخرى
قصص كثيرة سيبدأ نبشها مع الحالة غير المسبوقة التي تعيشها اللعبة، ومنها مثلاً مشكلة العقود وخاصة المتعلقة باللاعبين المعارين والذين تنتهي عقود إعارتهم مع نهاية الموسم أي بنهاية حزيران القادم، فماذا يحدث لهؤلاء في حال استؤنفت المسابقات واستمرت حتى نهاية الوقت المحدد لهذه العقود، وهنا نذكر أن نادي ليغانيس الإسباني على سبيل المثال يعتمد على تشكيلة معظمها يلعب بنظام الإعارة، وبالطبع فإن الرواتب والأجور المستحقة ستكون مشكلة كبيرة في حال استمر الحال لوقت طويل.
أما المشكلة الأهم والتي تواجه كل الاتحادات المحلية فهو مصير الموسم الحالي وكيفية استكماله عندما يحين الوقت، فالتقارير تقول إن المدة التي اعتمدتها معظم هذه الاتحادات والمحددة في أول نيسان لن تكون كافية للعودة مباشرة حتى في حال انحسار الوباء، وعليه فإن الوقت لن يكون كافياً لإتمام الجدول قبل نهاية أيار كما هو مقرر سابقاً على اعتبار أنه عام البطولة الأوروبية للمنتخبات ويجب أن يتفرغ اللاعبون الدوليون لها قبل ثلاثة أسابيع على الأقل.
والأمر لن يقف عند الدوريات والكؤوس المحلية فهناك البطولتان القاريتان وعندها سيكون من الطبيعي تأجيل بطولة يورو 2020 إلى العام القادم (وقد تأكد هذا الأمر رسمياً أمس) وبالتالي بطولة كوبا أميركا أو تأجيل البطولات المحلية إلى شهري تموز وآب وهذا لن يكون منطقياً لاسيما أن الألعاب الأولمبية مقررة في آب، هذا من جهة ومن جهة أخرى سيتعين على الأندية دخول الموسم القادم 2020/2021 من دون استراحة وهو أمر يرفضه الجميع.

معضلة النهايات
ويبقى الإشكال الأكبر في كل هذا الكلام ويتعلق بطريقة حسم الموسم الحالي في حال عدم استكماله، وهو ما أصبح الشغل الشاغل لكل مفاصل اللعبة من لاعبين وإداريين ومدربين ومشجعين، فقد طرح الإعلام العديد من السيناريوهات، فهناك مطالب بإلغاء الموسم ونتائجه برمتها وكأنه لم يكن، وهناك من يطالب بتثبيت الترتيب على ما هو عليه حين التوقف واعتماد المتصدر بطلاً دون أي هبوط مع رفع عدد الأندية بالموسم القادم وهذا الحل طرح علناً في إنكلترا وإسبانيا وألمانيا، أو استكمال المنافسة حتى النهاية ولو على حساب الاستحقاقات الدولية، ومن الحلول التي تدرس كذلك أن يكون هناك دوري مصغر على طريقة الكؤوس من أجل تحديد مراكز المقدمة وخاصة بطل الموسم ولتحديد من يمثل البلد في أوروبا بالموسم القادم، وهذا الطرح رفضته أندية الكالشيو برمتها، وبالطبع لن تقبل هذه الأندية تتويج اليوفي من جديد.

آراء ووقائع
كل الحلول المطروحة ستجد من يعارضها ومن يقبلها، والأمور ستوضع أمام مسؤولي الأندية المعنية للمناقشة وإيجاد الصيغة المناسبة للخروج من هذه الأزمة غير المسبوقة، على المستوى العالمي، ففي الحرب العالمية الثانية كانت هناك بطولات محلية حافظت على استمراريتها، وهاهي أندية إنكلترا ستجتمع غداً للبت بمصير الموسم الكروي هناك وكيفية الخروج بالحل الأمثل الذي يرضي الأغلبية، ولا بد من التذكير بأن الاتحاد الإنكليزي سيخضع بالنهاية لرأي الأكثرية بإنهاء الموسم على ما هو عليه أو مواصلته عقب المدة المحددة أو إلغاء نتائجه نهائياً كما تنادي بعض الأصوات، قد يكون من المبكر الحكم على الأمور إلا أن محاولات استكشاف أولية لا بد من تداولها ليكون الجميع جاهزاً لأي احتمال ممكن، والأهم من ذلك كله يبقى السؤال: متى ستعود ملاعب العالم إلى الضجيج؟.. نتمنى أن يكون ذلك في أقرب وقت.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن