قضايا وآراء

الرهان على السياسة

| ميسون يوسف

عندما لقنت سورية رئيس النظام التركي رجب أردوغان درساً قاسياً في سراقب وقبلها في محيط إدلب وأريافها، سارع إلى موسكو مستغيثاً ومستجدياً وقف إطلاق نار يسمح له بالمحافظة على ما تبقى له من مساحات يديرها الإرهابيون لحساب المشروع التركي الخاص في سورية. ولكن الروسي عرف هذه المرة كيف يراكم العقاب المعنوي ويفرض على أردوغان ما كان يناور ويحاول التهرب منه في إدلب وخاصة فتح طريقي حلب جنوباً وغرباً الـM5 M4 وقد خرجت الأطراف في بروتوكول موسكو المضاف إلى تفاهم سوتشي تقريباً مقتنعين بتحقيق ما يريد كل منهم في هذا الظرف.
لم ترفض سورية بروتوكول موسكو الإضافي ولكنها لم تمنح هذه المرة أيضاً وككل مرة لم تمنح التركي ثقتها بالتنفيذ وكان توقف الجيش العربي السوري عن متابعة العمليات والتزامه بوقف النار نوعاً من استراحة المحارب كما وصفه الخبراء والمحللون الإستراتيجيون الذين يقرؤون جيداً السياسة السورية، وكان طبيعياً أن تتصرف تشكيلات الجيش العربي السوري على خطوط التماس وفقاً لهذا الفهم وأن تنصرف لتحضير نفسها للمعركة ولوثبة التحرير القادمة.
وجاء الاختبار الفعلي الأول لجدية أردوغان في تنفيذ بروتوكول موسكو على طريق الـM4، حيث كان عليه أن يرافق الدوريات الروسية العاملة على الطريق M4 لضمان فتحه بعد إخلاء جانبيه من الإرهابيين بعمق 6 كلم من كل اتجاه، وجاءت النتيجة كما كنا نتوقع، إخفاقاً في التنفيذ بعد أن تذرع التركي بالعجز عن منع الإرهابيين من قطع الطريق والعجز عن إجلائهم بحجة واهية أنهم لا ينصاعون له ولا يعملون بتوجيهاته وأنهم رفضوا اتفاق موسكو.
والآن يثبت بالدليل الحسي أن الجولة الجديدة مع الإرهابيين قادمة لا محالة، حيث إن سورية لن تقبل أن يبقى شبر من أرضها خارج سيادتها أياً كان المغتصب، وان الإرهابيين كما تؤكد الخارجية الروسية «أعادوا تسلحهم ويقومون بشن هجمات ضد الجيش السوري» في محيط إدلب، فعل إجرامي يضاف إلى تنصل تركيا وتقديمها الحجج الواهية لتبرير التمنع عن فتح طريق M4.
إن ما يحصل الآن في منطقة إدلب وخاصة بعد بروتوكول موسكو يثبت أن أردوغان لم يتعلم الدرس، ومهما كانت درجة هزيمته وإذلاله فإنه يستمر بالرهانات الخاسرة والسلوكيات الزئبقية الفاشلة ما يوجه رسالة قاطعة لسورية وحلفائها بأن عليهم استئناف معارك التحرير ولا رهان على السياسة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن