قضايا وآراء

«كورونا»: مقاربة سياسية

| مازن جبور

فيروس كورونا المستجد، المعلن وباءً عالمياً من قبل منظمة الصحة العالمية، والذي جعل العالم يهرع لمقاومته والوقاية منه، أثار وسيثير هواجس وأسئلة كبرى على المستويات كافة والسياسية منها بشكل خاص.
يتجه فيروس كورونا لأن يصبح فاعلاً مؤثراً في السياسة الدولية باعتباره يضع النظام العالمي أمام تحديات كبرى ناتجة عن قصور هذا النظام، إذ إنه لم يمتلك الإمكانات لمواجهة الوباء المنتشر بسرعة هائلة، بل إن التعاون الدولي مع الصين التي سجلت البدايات الأولى لانتشار الوباء فيها، وبالنظر إليها باعتبارها دولة منافسة للغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية فإن العالم وقف متفرجاً بانتظار انهيار الصين اقتصادياً وبشرياً، في موقف لا إنساني.
بمقابل ذلك مثلت الصين باستجابتها على المستوى الرسمي والشعبي للمرض نموذجاً حضارياً يحتذى به دولياً، ومن خلال تقديمها المساعدة للدول الموبوءة وعلى رأسها الغربية منها وبشكل خاص إيطاليا، قدمت أنموذجاً إنسانياً لن ينساه عالم ما بعد كورونا، الذي سينظر إلى الصين وفق نموذج أمة حضارية قادرة على قيادة العالم.
إلا أنه وأياً تكن الاستجابة الحالية للوباء فإن النتائج المترتبة عليه عالمياً على المستوى السياسي ستبقى رهينة المقدرة على إيجاد اللقاح له، بمعنى أن الدول المتقدمة علمياً حالياً تتنافس على إيجاد اللقاح وبشكل خاص روسيا وأميركا والصين، ويبدو هذا واضحاً من كثرة التصريحات التي تخرج على لسان مسؤولي الدول الثلاث منذ بداية انتشار الفيروس والتي تتعاظم يوماً بعد يوم، وكان واضحاً أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تقصد أن يسيء للصين فأطلق على فيروس كورونا تسمية الفيروس الصيني، في محاولة لنسب الوباء الذي حل بالبشرية إلى الصين.
من جهة أخرى تبقى فرضية أن الفيروس مصطنع وأن انتشاره مفتعل قائمة، على الرغم من التخبط الصيني في التصريحات إذ أشارت تصريحات أولية من قبل بكين في البدايات الأولى لانتشار الفيروس في ووهان إلى العثور على مستوعبات مواد بيولوجية مستخدمة حديثاً بالقرب من القنصلية الأميركية في المدينة الصينية، ليصدر لاحقاً تصريحات صينية تنفي احتمالية أن يكون الفيروس مصطنعاً وأن يكون انتشاره مفتعلاً، لتخرج مؤخراً تصريحات عن وزارة الخارجية الصينية تشير إلى احتمالية إدخال الجيش الأميركي للفيروس إلى الصين، مما يضعنا مجدداً أمام فرضية المؤامرة لتفسير ظاهرة فيروس كورونا المستجد.
المقاربة السياسية لخطر انتشار وباء كورونا على المستوى السوري تحيلنا إلى التفكير بمجموعة من الخطوات التي يفترض على الدولة السورية المطالبة بها أو الاستعداد لمواجهتها، وأن تستند في كلتا الحالتين إلى تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «OCHA» بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية «WHO» الصادر بتاريخ 11 آذار الجاري كمنطلق في تحديد مطالبات الدولة السورية من المجتمع الدولي الذي تشن بعض دوله حرباً إرهابية عليها منذ تسع سنوات.
أشار التقرير الأممي بما يخص حالة فيروس كورونا المستجد «كوفيد19» في الجمهورية العربية السورية إلى أن تقييم مستوى الخطر مرتفع جداً، وذلك نظراً لتفشي الوباء في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط وانتشاره السريع، وخاصة في الدول ذات الحدود المجاورة لسورية، إضافة إلى عوامل أخرى كالأعداد الكبيرة للاجئين، والمهجرين داخلياً، مستوى الخطر المرتفع جداً تقابله قدرة محدودة إلى متوسطة في الاستجابة والتأهب، وهنا كان من الجدير بالتقرير الأممي وبالمنظمات التي أعدته أن تشير إلى أن محدودية الاستجابة ناتجة عما سببته الحرب الإرهابية على سورية من دمار للاقتصاد والبنية التحتية، بالإضافة إلى ما سببته العقوبات الاقتصادية الجائرة أحادية الجانب وسرقة الخيرات السورية وصرف موارد الدولة على مكافحة الإرهاب من ضعف لدى الدولة السورية في القدرة على إعادة إعمار القطاعات الخدمية الرئيسية وعلى رأسها القطاع الصحي.
وبناءً على ما سبق ينبغي المطالبة بمجموعة المتطلبات الرئيسية لرفع مستوى الاستجابة لوباء كورونا، ومنها:
أولاً: رفع العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب عن سورية والشعب السوري.
ثانياً: المطالبة بخروج كل القوات الاحتلالية الأجنبية غير الشرعية من سورية وعودة سيطرة الدولة السورية على كامل أراضيها وتقديم المساعدات الأممية العاجلة لإعادة تأهيل البنى التحتية في تلك المناطق لعودة المهجرين.
ثالثاً: التعاون بين الدولة السورية ومنظمة الصحة العالمية على ضبط وضع فيروس كورونا في مخيمات النازحين خارج مناطق سيطرة الدولة السورية.
رابعاً: حصول الدولة السورية على تعويضات عاجلة من الدول التي قادت ودعمت الحرب على سورية وبشكل خاص من الدول التي سرقت الخيرات السورية وعلى رأسها أميركا وتركيا، بغية استخدام تلك التعويضات في الاستعدادات لمواجهة الوباء.
خامساً: مطالبة الدول الأجنبية باستعادة مواطنيها من مسلحي التنظيمات الإرهابية وعائلاتهم الموجودين في سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن